احدث الاخبار

هل تتدحرج أزمة اليمن نحو التصعيد - الجزء الثالث 3

هل تتدحرج أزمة اليمن نحو التصعيد - الجزء الثالث 3
اخبار السعيدة - بقلم - علي مبارك ملص         التاريخ : 19-03-2011

وبعد هذا العرض لمكونات الأزمة في اليمن يمكن أن نجيب على الأسئلة المطروحة سلفا وفق تلك التركيبة المعقدة للأزمنة اليمنية : أولا : هل حقا تتدحرج الأزمة اليمنية نحو التصعيد ؟

والحقيقة أنها كذلك ... ولكن هذا التدحرج يصعب التكهن به وفق المعطيات التالية .. ولهذا فإن كثير من المحللين والمتابعين للأزمة اليمنية يلاحظ أن الأوضاع اليمنية تبدوا متداخلة فساحات التغيير تشهد التدفق على جانبين جانب المنتمين لها وجانب المتعدين عليها وحتى اللذين بنضمون إلى هذه الساحات لا يأمن كثير ممن في الساحة صدقهم بل إن البعض ليتخوف من تحويل هذه الساحات إلى صراع ظاهره ثوري وباطنه قبلي ومن خلاله تصفى بعض الحسابات وبالتالي فإن الأزمة في تدحرجها لا تأخذ  اتجاها واحد في حقيقة الأمر باتجاه الشباب المعتصم والذي كان سببا في تلك الدحرجة ويخشى أن يكون بازدياد المتضامنين إليه هو الذي يشكل الأقلية كما أن توعد بعض القبائل بحماية المتظاهرين ودخولها فيهم يخشى منه أن تتحول وجهة الصراع إلى وجهة قبلية مسلحة لا سلمية وتؤول إلى نهايات غير مضمونه وتصبح الدعوة لإسقاط النظام دعوة جوفاء  مآلها إلى صراع مجهول العواقب وربما يصبح المستفيد منه هو النظام

ثانيا : وللإجابة على سؤال هل يرغب اللاعبون حقا بالحسم ؟

فإن الإجابة تظهر عليه من خلال التتبع الدقيق لرغبة اللاعبين في هذه الأزمة  حيث أن الرغبة لديهم لم تصل إلى مرحلة الحسم بل ما زال كل فريق يراوح حول المناورة فالنظام ما زال يستخدم اسلوب المراوغة وإن كان يلعب في الوقت الضائع وعلى وتر الاستفادة من تردد الأطراف الأخرى والقبائل لم توضح عن بيان موقفها من الأزمة الراهنة وأخذت في الانقسام بالنظر نحو هذه الأزمة وكذا الأطراف الخارجية والتي لها بالغ الأثر على جميع الأطراف لا تحبذ الحسم على الأقل في المرحلة الراهنة بل ربما ترغب في إطالة أمد الصراع كما أن الناظر في موقف المشترك والحراك والقوى السياسية الأخرى وإن كانت تصعد أحيانا وتشدد في التصعيد إلا انها ما زالت تلعب لعبة الحجرة والبيضة وتمسك ببعض الخيوط من تحت الطاولة وغاية ما تفعله هو تشديد الضغط على النظام بالطمع في تنازلات أكثر وحتى العلماء والعقلاء ما زال تخوفهم من ضبابية الموقف بعد زوال النظام يجعلهم يقدّمون رجلا ويؤخرون أخرى ويتمنون أن تنفرج الأمور بين النظام وخصومه ومع كل هذا فإن الجميع يسعى ويتحسب لوقوع شئ ما .

ثالثا : هل سينجح الشارع في نهاية المطاف في حسم الأمور ؟

ولكي يتمكن الشارع من ذلك فإن أمامه حواجز يصعب القفز عليها فلا بد من التمرن القوي حتى يجتاز هذه الحواجز منها :

تقوية جبهته الداخلية فإن الخطر الذي يحدق به في مثل هذه الموافق يسبب في ذهاب الريح وهو أهم عامل يراهن عليه النظام للخروج من هذه الأزمة

توحيد الرؤى نحو أهم القضايا والحذر من تسلل الرؤى المختلفة بل لا بد أن تتوحد الرؤى بعد توحيد الهدف وتحديد قيادة راشدة له ومقبولة تستطيع أن تواجه جميع التحديات وتستوعب كل التجمعات المشابهه في جميع المناطق اليمنية وعدم الإنجرار إلى مصائد النظام أو من لهم أغراض حزبية أو  فئوية وجعل المهمة الأسمى فوق كل المتطلبات الانتقامية وردود الأفعال والاحتقانات المتشنجة ولكي يجر الشارع جميع الأطراف للانصياع لمطالبه عليه أن يعي المهمة الموكلة إليه والملقاة على عاتقه والتي تنوء بها كواهل المتصدين لمثل هذه المهام الجسام وكذا التركة التي سيتحملها غرم الهف الذي يسعى لتحقيقه فإنها تحتاج لتظافر الجهود وتحمل جبال لا تحمل رجال فهل هو على قدر هذه المسؤولية وهل في التهاية ستضطر هذه الأطراف للإذعان إليه

رابعا: هل سينجح النظام في المناورة كما يعتقد ؟

والذي يظهر أن النظام يجيد مثل هذه اللعبة في ما مضى إلا أنه وفي هذا الوقت الضائع وفيما يبدو يصعب عليه تمريرها ... وبالتالي فعليه أن يغير أسلوب اللعب بهذه الطريقة وأن يتفهم متطلبات المرحلة الراهنة ويعلم أن مجال المناورة أصبح ضعيفا وأن جميع المراهنات تبدوا خاسرة  إذا لم تدعّم المبادرات بالصدق وتوسم المناورات بالجدية والسرعة . وأعوز ما يعوزه أكثر – من المناورات – هو بناء جسور الثقة في جانب وترميم ما تبقى للدخول في المرحلة الراهنة على الأقل لحفظ ماء الوجه أو فعل أمرا يحفظ له به أو يغسل له به أو يكفر له به عما سبق . أما مسألة المراهنة على جانب الترغيب بدفع الأموال أو الترقيع بالحلول أو لعبة تبادل القبعات فإنها لا تجدي نفعا في هذه الظروف المعقدة أو اتخاذ اسلوب الترهيب بجميع أنواعه من صوملة الوضع أو تفتيت الأرض أو الذهاب إلى المجهول أو اتخاذ سياسة ضرب الأطراف بعضها ببعض إن هذه اللعب جميعها تعتبر من باب تجريب المجرب وعلى العقلاء فيه أن يتحركوا سريعا إن كان في الوقت بقية وفي آخر النفق بصيص لتلقف ما يمكن تلقفه والخروج من هذه الأزمة بسلامة جميع الأطراف وتحقيق التغيير المنشود بأقل كلفة ممكنة ماديا ومعنويا

وأخيرا ::

فإن الأمل يحدو كثير من النفوس على جناحي طائر ما ورد في النصوص التي تعطيها أمل و تبعث في مثل هذه الأزمات المستحكمة مما وُصف به أهل اليمن من رقة القلوب ولين الجانب والتصرف بالحكمة والتنفيس على الآخرين فهذا يعطي النفس بعض الأريحية في أن الأزمة اليمنية وإن كانت تتدحرج نحو التصاعد إلا أنه يمكن أن تخرج بحل في نهاية المطاف

والأمر الثاني فإن الأزمة وإن كانت تتدحرج إلا أن تدحرجها يبدوء بطيئا  وبالتالي يبعث في النفس أيضا أنه يمكن أن يستقر ذلك التدحرج إلى سلام غير ان التغيير لا بد منه في نهاية المطاف 

عدد القراءات : 2149
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات