احدث الاخبار

عندما تُصنع الزعامة من ورق

عندما تُصنع الزعامة من ورق
اخبار السعيدة - بقلم - مصبح بن عبد الله الغرابي*         التاريخ : 01-03-2011

أرّق النوم من عيني , التفكير في حال أمتنا العربية وما يجري لها هذه الأيام ، من مآسي ونكبات ومحن , على أيدي زعامات ورقيّة نصّبت نفسها على أكتاف هذه الأمة كأبطال وقادة لعقود من الزمان ( أبطال في العمالة وقادة في الخور والخيانة ) استخدمت هذه الزعامات كل موارد شعوبها وعرقها بل ودماء أبنائها , لتصنع مجداً زائفاً وتاريخاً مزوراً وزعامةً ورقيةً من ورق (التواليت) خدمت هذه الزعامة مصالح الشرق والغرب وقدّمت الولاء بعد الولاء , ولم تقل يوما من الدهر لأسيادها لا , وفي المقابل عادت شعوبها وناسها ولم تخلق معها علاقة مودة ورحمة العلاقة السوية بين الحاكم والمحكوم , صبرت هذه الشعوب في انتظار تبدل الأمر وتغيره وفاءًً وإخلاصاً  ، ودوام الحال من المحال , ظلت تلك القيادة والزعامة في غيها ورعونتها , ولم تعي مطالب المرحلة ولا آمال وتطلعات تلك الشعوب في غدٍ مشرقٍ وضاء , وبأن الزمان ليس الزمان وتجاوز تلك الزعامات بمراحل ومسافات طوال , وظلت هي تراوح مكانها , مما خلق حالة من الانفصام وعدم الالتئام بين الشعوب والحكام والزعامات التاريخية الأثرية , الشعوب تتطور وتتقدم وهذه تتأخر وتتقهقر,ولهذا الحال جاءت دعوات ونداءات التغيير والإصلاح أولاً بالمطالبات الفردية النخبوية السرية ومن ثم بالإعتصامات الجماهيرية الشعبية العلنية وبعدها الثورات العارمة الجارفة بدأت بتونس الخضراء أطاحت (بزين عابديها ) ومما قال وهو على وشك الرحيل قولته الشهيرة الآن فهمتكم ولكن جاء هذا الفهم متأخراً 23 عاماً ترجمة حقيقية ووصفا دقيقا لحال هؤلاء ثم جاء دور مصر العروبة عندما لم يفهم الحاكم كلمة (كفاية) احتشد الملايين من الشباب في الساحات العامة وميدان التحرير خاصة لإرادة التحرر من قرين أبوالهول مكوثاً , وكعادته لم يقدِّر صرخات الملايين التي تناديه بالرحيل ولم يفهم الدرس إلا متأخرا محاولا المراوغة والمناورة لعلها تفيد شيئا .

هذه هي محنة امتنا الحقيقية في زعاماتها التي فقدت الإحساس بالأشياء إلا سِدّة الحكم والمجد الزائف وبريق الأضواء ولو فدحت التضحيات لأنها عاشت بعيدا عن شعوبها لم تعش معاناتها يوما ما .

والآن بدأت ثورة التغيير والإصلاح في ليبيا الذي طال ليلها 43 عاما من حكم عسكري مستبد لشخصية غير مستقرة نفسياً ينُمُ مظهرها عن مخبرها نظُّرت وتشدقت بمعاني الحرية والاستقرار والنماء ألفت الكتاب الأخضر وطلت ولونت لأجله كل شيء في ارض ليبيا باللون الأخضر فهي تتليه صباح مساء كورد يومي فلا شيء يعتمل إلا وفق هذا الكتاب الطاغوت الأخضر كيف لا وما ألّفته إلا أنامل القائد الملهم فضاقت الجماهير بهذا الوضع وبدأت في انتفاضتها المباركة ضد هذا الكتاب وصاحبه وأعوانه ، جن جنون هذا الطاغية كيف يخرج هؤلاء عن تعاليم كتابه والتمرد على طوعه أم كيف تنادي برحيله ، ظهر في خطابه لشعبه واصفا إيّاهم بالفئران والمخدرين والمقملين مفردات تنم عن حكمه هذه القيادات التاريخية أما قوله في أثناء الخطاب لشعبه بالفئران أو الجرذان فيه إشارة للعلاقة الفطرية بين القط والفأر فالقط مسلّط على الفأر يلاحقه ملاحقة أبدية لالتهامه وهؤلاء قطط سمان تلاحق تلك الشعوب والأوطان يأكلون خيرات الشعوب وثرواتهم ويأكلونهم كما هو حاصل الآن بالقتل والتشريد وسفك الدماء كل ذلك للحفاظ على كرسي الزعامة وصولجان الحكم وما هي إلا أيام قلائل ويرحل ذلكم الطاغية وينشق الليل الطويل عن فجر وليد تذوق فيه أمتنا في ليبيا طعم الحرية والاستقرار والتقدم والنماء وفي الأخير ما على باقي هذه الزعامات العربية التاريخية إلا اخذ العظة والعبرة فيما مضى والاستجابة لصوت الشعب في إرادة التغيير والإصلاح فليصلحوا أو التنحي في هدوء دون سفك الدماء إن كانوا فعلا يحبوا هذه الشعوب ويعتبروا أنفسهم زعماء فإن ضريبة الزعامة غالية فهل يفعلها هؤلاء وخاصة من كان في سلّم الترتيب قبل مجيء دوره وأوانه آمل ذلك ليفعلوا هذه الحسنة فقد تمحى ذنوب سنوات وسنوات ولربما حسنة دفعت نقمة.

والله من وراء القصد

المكلا- حضرموت

E-mail : MAG19692000@hotmail.com

عدد القراءات : 2916
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
عبد الله
علينا بإجتثاث امثالكم يا هوات الكراسي, فاجدادكم قالوا إعدل يا محمد فإنك لم تعدل واتبعهم في ذلك الغاوون, فكيف لا تجدون انتم حججا تستهوون بها عقول سفهاء الاحلام الذين كسبتم بهم الاصوات,ولا صوت فوق الحق