احدث الاخبار

ليلة في السجن

ليلة في السجن
اخبار السعيدة - بقلم - أحمد الشريفي         التاريخ : 09-12-2010

في لحظة شك بيمنيتي اقتادني بعض من أفراد الشرطة إلى قسم 45 بأمانة العاصمة، وشاء القدر أن اقضي 12 ساعة كاملة بين الموقوفين كأحد النزلاء الجدد، ولست هنا بصدد ذكر أسباب الإيقاف وعدم مشروعيته بل كل ما أود قوله في هذه السطور عبارة عن وقائع وسرد لحكاية مأساة يعيشها كل من تطأ قدماه ذلك (الحبس) (المقيت) كما أن الهدف من وراء هذا النقل أن الفت عناية الجهات المسئولة لما يحدث في احد الأقسام الرئيسية الواقعة في عاصمة اليمن الكبير ولا يبعد كثيراً عن دار الرئاسة، وأتساءل إذا كان ذلك يحدث في الأمانة التي تتواجد فيها وزارة حقوق الإنسان فكيف ستكون حالة البشر في الأقسام المنتشرة على طول وعرض الجمهورية؟..

 في تلك الليلة القارسة البرودة أقنعت نفسي بأن لا أتواصل مع أي شخص يمكن أن ينتشلني مما أنا فيه وعللت سبب الإقناع إلى ضرورة معرفة نزلاء ذلك القسم عن كثب وكيفية التعامل معهم عن قرب، فخرجت مملوء بحنق لما يحدث وحاملاً مناشدة لفخامة الرئيس ووزارة الداخلية بالالتفات لما يحدث وتغيير الواقع المخيف، فمن يتم سجنهم وتوقيفهم بتلك الأقسام هم في الأول و الأخير يمنيون ومن فصيلة أبونا آدم ، في القسم رأيت وتعايشت مع قمامة متناثرة في كل أرجاء الغرفة التي يسمونها "سجن" ولا يزيد طولها عن 3 أمتـار وكذلك عرضها.

أن لم يكن أقل، ومع هذا نزلائها"المتهمين" يتجاوزن الـ23 شخصاً وهو عدد يحرم الكثير من وضع كامل أجسادهم على الأرض، كما أن القمامة التي لا يتم رفعها إلا عقب كل ثلاثة أيام كفيلة في انتشار الأوبئة بالإضافة إلى وجود دورة مياه "حمام" لها رائحة كريهة يضطر السجناء التعامل معها كأوكسجين رغماً عنهم، كل ما في الغرفة قطعة موكيت عفا عليها الزمن يتناسق لونها مع جدران مفتوحة لغرض التهوية ومكتوب عليها (ذكريات فلان الفلاني..الخ) ممن يحبون أن يتركون لهم بصمة بعد خروجهم من السجن.

 لم يتوقف الأمر عن هذا الحد من الازدراء بل أن السجن يكتظ بكل أنواع البعوض والصراصير، تلك هي الليلة الخالدة التي ستظل عالقةً في ذاكرتي كونها المرة الأولى التي يتم فيها توقيفي.

 الغريب في الأمر محاولة احد الصوماليين معرفة السبب الذي جاء بي إلى مكان تعيس كهذا، وتيقن أن عدم حملي للبطاقة الشخصية في ذلك اليوم هو السبب. فصرخ في وجه احد العسكر هذا رئيس تحرير ومعروف أخرجوه وعلى مسؤوليتي..

عدد القراءات : 2175
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات