احدث الاخبار

بيولوجيا الجنس مقال علمي للـ أ. د. محمد سعد عبد اللطيف

بيولوجيا الجنس مقال علمي للـ أ. د. محمد سعد عبد اللطيف
اخبار السعيدة - القاهرة (مصر) - خاص         التاريخ : 17-08-2010

مقدمة هامه .. هذا المقال علمي بحت ليستفيد منه الآخرين وليس الغرض منه الثارة .. كون المعلومات الواردة فيه مهمة قد تفيد الباحثين والدارسين فسيولوجية النمو عند الإنسان .. . الرغبة الجنسية Libido عند الإنسان، وكذلك عند الحيوانات، ثمة برنامج محدَّد في البدن يهدف إلى استمرار النوع. فلا أحد يعلِّم الطائر والسمكة والغزال والهرة ممارسة الأفعال المعقدة أحياناً والضرورية لتحقيق الاقتران الجنسي, إذ إن برنامج هذه الأفعال يتحدد بوجود الرمز Code الوراثي الخاص بالغريزة الجنسية.

وإن الغرائز (الغريزة الجنسية, أو غريزة الدفاع التلقائي عن النفس, أو غريزة الطعام وغيرها) يمكن أن تتجلى على شكل أحاسيس أو انفعالات، مثل الإحساس بالخوف والفرح, أو على شكل أفعال غريزية. تستند الأفعال الغريزية هذه إلى نظام سلوكي و سلسلة معقدة من المنعكسات اللاشرطية . تظهر الأحاسيس الغريزية عند الإنسان بصورة آلية (الإحساس بالخوف والفرح أو الحزن... إلخ), ولكنها تتميز, بالمقارنة مع الحيوانات, بأنها تقع تحت مراقبة الوعي. فالإنسان إذا كان جائعاً لا يرتمي على الطعام، أو على الشخص الذي يثير عند الهياج الجنسي, بشكل أعمى.

ومن خلال عملية النشاط العملي الاجتماعي تتشكل عند الإنسان مجموعة متطلبات مشروطة اجتماعياً, تنعكس من خلالها الرغبات المحددة بيولوجياً. وإن إشباع أية رغبة مثل الجوع والعطش والبرد، يثير إحساساً بالرضاء. كما أن إدراك المعلومات التي تسبق هذا الإرضاء, يثير إحساساً بالسرور والمتعة والحذر. وإن الانفعالات اللذيذة بحد ذاتها، كالشعور بالرضاء والفرح لا تشير فقط إلى إشباع هذه الغريزة أو تلك للكائن الحي (كالجوع مثلاً)، بل تسبب بدورها تأثيراً محرضاً ومحفزاً على هذا الكائن, مثيرة تجديد القوى, وشعوراً بالبهجة والنشاط. وإن العلاقة الشرطية الناشئة بين الإحساس بالإرضاء (الإشباع) والفعل الذي يثيره, يولد الرغبة في تكرار هذا الفعل.

وهذه الآلية نفسها قد تلعب دوراً في الإدمان على المورفينات والكحول والنيكوتين والمواد الأخرى التي تثير نوعاً من الإرضاء والمتعة المؤقتين. وبنفس الشيء يمكن أن نفسِّر تكون التعلق الجنسي (الانجذاب الجنسي) المرتبط بالحصول على المتعة الجنسية، كما أن هذه الآلية تفسر نشوء بعض شذوذ الرغبة الجنسية.

تمر الرغبة الجنسية في عملية التطور بعدة أطوار، ففي عمر من 7 - 10 سنوات تنشأ رغبة جنسية ضعيفة، أي اهتمام بالأفراد من الجنس الآخر والذي لا يتضمَّن عناصر جنسية واعية (العشق الطفولي)، بل رغبة بالاقتراب منهم ومعاشرتهم روحياً وجذب انتباههم، والذي يصل إلى حد الإعجاب وسلوك الدلع والتأنق الذي يكون أكثر وضوحاً عند البنات.

وتستيقظ عند الفتيات بعد البلوغ الجنسي الرغبة الجنسية والشبقية؛ أي الرغبة لا في الاتصال الروحي فحسب، بل والجسدي أيضاً. فبعد الرغبة بالحنان والمداعبة تظهر الرغبة الجنسية الصريحة في الممارسة الجنسية (عند الشباب تظهر الرغبة في العدوانية الجنسية أي امتلاك المرأة وإخماد التهيج الجنسي والتخلص من قوة انتصاب العضو التناسلي). تظهر الرغبة الشبقية بشكل واضح عند معظم الرجال والنساء، أما الرغبة في الممارسة الجنسية (الجماع) فهي أكثر وضوحاً عند الرجال في مقتبل العمر.

وعند معظم النساء تظهر الرغبة في الممارسة الجنسية فقط بعد أن يكنَّ قد بلغن ذروة المتعة الجنسية (الأرجازم )، ولكن عند 20% من الفتيات تظهر هذه الرغبة في عمر 16 - 18 سنة قبل بدء الحياة الجنسية. ولكن معظم الفتيات في هذا العمر يعشقن ويبحثن عن الصديق المُعجَب, ويحلمن باللِّقاءات والمشاوير والاهتمام بشكل عام, دون المعاشرة الجنسية.

وتنتمي تجليات الفضول الجنسي إلى الغريزة الجنسية (عند الأطفال في عمر 3 - 5 سنوات تلاحظ محاولات النظر إلى الأعضاء التناسلية ولمسها), والرغبة في السيطرة الجنسية (الزعامة), والحاجة للخضوع الجنسي وجذب الاهتمام نحو الجسد, والرغبة في أن يكون الشخص مرغوباً، والسرور الناجم عن تهييج الشريك جنسيا,ً والإحساس بالمتعة من إدراك علامات الإرضاء الجنسي عند الشريك. إن الرغبتين الأخيرتين أكثر وضوحاً عند النساء منه عند الرجال.

إن الحاجة الجنسية عند الرجال دون سن (25) سنة هي أكثر منها عند النساء بشكل عام, ويلاحظ, فيزيولوجياً, أنه عند 25% من الفتيات تصل الرغبة الجنسية إلى أعلى مستوى لها في سن 26 - 30 سنة, وتبقى على هذا المستوى عند الكثيرات منهنَّ حتى سن 60 سنة.

ويحدث عند بعض النساء تناقص واضح في الرغبة الجنسية في سن 45 - 50 سنة. وتصل الحاجة الجنسية عند الرجال إلى حدها الأقصى بين 20 - 30 سنة، وبعدها تبدأ بالانخفاض التدريجي. وليس من النادر أن يقيِّم الرجال عالياً الحاجة الجنسية عند النساء الشابات, ويقلِّلوا في الوقت نفسه من هذه الحاجة عند النساء الراشدات. وهكذا فإن الكثير من الزوجات قبل سن الثلاثين يشتكين من النشاط الجنسي الزائد لأزواجهن، أما بعد سن الثلاثين فيشتكين غالباً من نقص هذا النشاط عند هؤلاء الأزواج.

لا تتوقف الرغبة الجنسية عند المرأة على المحتوى الطبيعي من الهرمونات الجنسية المؤنثة بمقدار ما تتوقف على مستوى الهرمونات الجنسية المذكرة, أي الأندروجينات؛ ولذلك فإنه بعد استئصال المبيضين (وكذلك الرحم) تبقى الرغبة الجنسية وإمكانية الحصول على الإرضاء الجنسي على حالها تقريباً، في حين ينطفئ الإحساس الجنسي بعد استئصال الكظرين. وإن القدرة على الوصول إلى حالة النشوة (Orgasm) يمكن أن توجد عند الصبيان والبنات قبل سن البلوغ الجنسي, كما تبقى الرغبة الجنسية والنشوة لسنوات طويلة بعد سن اليأس (الإياس). وعند ضعف وظيفة المبيضين الناجم عن أسباب مختلفة كالإياس, يقوم الكظران بوظيفة التعويض على الأرجح.

ولكن نقص الوظيفة الاستروجينية للمبيضين في سن البلوغ (المراهقة) يمكن أن يكون سبباً في اللاَّجنسية (فقد الرغبة الجنسية) وذلك بسبب الزيادة النسبية في البروجسترونات التي تضعف الرغبة الجنسية عند المرأة. ونشير أيضاً إلى أن الوظيفة الجنسية مستقلة عن وظيفة الإنجاب عند المرأة؛ فقد يحدث الحمل بغض النظر عن الرغبة الجنسية , بينما يرتبط الدفق عند الرجل (وظيفة الإنجاب) بالشعور بالمتعة الجنسية بصورة لا تنفصم.

2. المناطق ذات الإثارة العالية (المناطق المشبقة Erotic Zona)

لا يحدث التهيج الجنسي بسبب تأثير الهرمونات فقط، بل وعند ملامسة بعض مناطق البدن الحساسة جنسياً. وتحتوي هذه المناطق، إضافة إلى المستقبلات العادية المتعلقة باللمس والحرارة والألم، مستقبلات خاصة حساسة جنسياً تدعى الجُسيمات التناسلية, والتي تتأثر بالضغط الخفيف. ومن المعتقد بأن المناطق ذات الإثارة العالية تُثار بسبب وجود هذه المستقبلات.

بالنسبة للرجل, تعدُّ حشفة القضيب المنطقة الأكثر قابلية للإثارة, وأقل منها الصفن، كما يحصل التهيج الجنسي كذلك عند انزلاق جلد القضيب وحركته والضغط على جذره.

وعند النساء فإن المناطق ذات الإثارة العالية هي البظر والشفران الصغيران والمهبل, ويمكن أن يضاف إليها الثديان والشفتان وجوف الفم والعنق وجلد الوجه الأنسي للفخذين.....الخ. ولكن البظر يعدُّ العضو المميز للحس الجنسي؛ إذ إن دوره الفيسيولوجي الوحيد هو إحداث الشعور باللذة.

يقع البظر تحت العانة مباشرة وتتبارز حشفته في الزاوية العلوية للشق الحيائي (بين الشفرين الكبيرين). ويصعب تمييز البظر في أثناء الفحص التناسلي عند الكثير من النساء, وعند الجس بالإصبع يتميز ككثافة رخوة. يتبارز البظر بشكل واضح عندما تتهيج المرأة, ويصبح كثيفاً ويمكن جسه بسهولة, وتتجه حشفته نحو مدخل المهبل. تحيط بالبظر ثنيتان من جلد رقيق. وتتباين مقاييس البظر تبعاً لدرجة امتلائه بالدم ويصل طوله إلى 3 سم في الحالة العادية، ويتراوح قطر حشفته بين 2-10 مم.

ويحتوي البظر وحشفته على نهايات عصبية كثيرة (أكثر بـ 3-4 مرات منها في حشفة العضو الجنسي المذكر ـ القضيب).

لقد انتشرت في مصر القديمة عادة قطع البظر (حشفته) أي ختان البنات (مازالت هذه العادة مستمرة في مصر والسودان والبلدان المجاورة). تتسع هذه العملية أحياناً لتشمل الشفرين الصغيرين (الختان الفرعوني), . وتضعف هذه العمليات من حدة الإثارة الجنسية, ولكنها تترك آثاراً نفسية وصحية جليّة.

إن الاستجابة الشبقية للبظر انتقائية للغاية؛ فقد يُثار بأشكال مختلفة من التنبيه. وتحتاج معظم النساء إلى مداعبات جسدية عامة أولا.

يعدُّ الشفران الصغيران أقل استجابة للتنبيه بالمقارنة مع البظر مع وجود مثل هذه الانتقائية العالية من منطقة لأخرى من هذين الشفرين.

ويثير تنبيه مدخل المهبل (الدهليز) وثلثه الظاهر تهيجا جنسيا عند بعض النساء. وقد ينشأ رد فعل شبقيا عند الضغط النظمي العميق على القبو الخلفي للمهبل. ويعدُّ الجدار الأمامي للمهبل أكثر حساسية للتنبيه من الجدار الخلفي. وقد تبين وجود منطقة ذات حساسية عالية في الجدار الأمامي للمهبل عند بعض النساء تدعى المنطقة (S). لا يؤثر استئصال الرحم في الأحاسيس الجنسية عند المرأة عادة. كما أن عنق الرحم قليل الحساسية للَّمس والضغط. وتؤدي ملامسة الثديين إلى التهيج الجنسي عند 50% من النساء فقط، وقد يصل بعضهن إلى درجة الأورجازم وتصادف حالات فردية لتوضع المناطق ذات الإثارة العالية (مناطق مُشبقة) في نواحٍ عدة, كفصيص الأذن وجلد المنطقة العجزية والعجان والناحية الشرجية ... الخ.

يؤدي التنبيه اللمسي للمناطق ذات الإثارة العالية في معظم الأحيان إلى التهيج الجنسي عند وجود مزاج نفسي شبقي. وأن لمس المناطق الحساسة هذه من قبل الشخص المحبوب أو غير المحبوب لا يترك الأثر نفسه.

وقد تبين وجود 4 أنماط رئيسية للتهيج الجنسي عند النساء:

1 - النمط العام (البظري المهبلي أو المهبلي البظري).

2 - البظري.

3 - المهبلي.

4 - السلبي، أو فقد الاستجابة.

ويمكن خلال الحياة الجنسية أن يحصل الانتقال من النمط البظري للتهيج الجنسي إلى العام، ويمكن أن يزول فقد الاستجابة. وعند معظم النساء يؤدي التنبيه المتواقت لعدة مناطق حساسة إلى زيادة Summation) التهيج الجنسي.

3. المنبهات الأساسية والعوامل النفسية ولم تكتشف محرضات أساسية تثير التهيج الجنسي عند النساء. أما عند الرجل, فإن رؤية الأعضاء التناسلية المؤنثة ولمسها, وإدراك علامات التهيج الجنسي عند المرأة, يمكن أن تثير تهيجاً جنسيا,ً ليس بآلية المنعكس الشرطي كإشارة تستبق الجماع، بل كمنبه أساسي؛ أي إثارة التهيج الجنسي بسبيل المنعكس اللاَّشرطي. وفي الوقت نفسه فإن المحرضات الانعكاسية الشرطية السلبية (مثل السلوك المهين من قبل المرأة) يمكن أن تكبح رد الفعل هذا. ويتوقف رد الفعل في كثير من الأحيان على مستوى التهيج الجنسي، فعند انخفاض مستواه بصورة حادة لا تثير المنبهات الأساسية نفسها تهيجاً جنسياً.

ويمكن أن يثار التهيج الجنسي بصورة انعكاسية شرطية: منبهات بصرية وسمعية وشمية وغيرها، أي عوامل نفسية. ومن أهم هذه العوامل أيضاً مظهر الشريك الخارجي والتحضير للممارسة الجنسية وغيرها.. وكذلك استعادة وإحياء آثار هذه المحرضات (تذكرها وتخيل الموضوعات الشبقية).

تختلف المنبهات الجنسية الانعكاسية الشرطية السلبية والإيجابية من فرد لآخر, وترتبط بالتجربة الشخصية للإنسان وتصوراته والمثل المتكونة لديه. فمثلاً, يمكن للمرأة الممتلئة الجسم أن تكون منبهاً إيجابياً عند أحدهم وسلبياً عند آخر. ويمكن للموسيقا أيضاً أن تبدي تأثيراً مهيجاً جسدياً بتحريضها اللامباشر للبنى الدماغية العميقة، ونفسيا؛ً أي انعكاسياً شرطياً, مُحْيِيَةً هذه أو تلك من الأحاسيس. ويحدث التهيج الجنسي عند بعض النساء تحت تأثير المنبهات النفسية, وقد يبلغن حالة الأورجازم Orgasm.

ولكن في الغالبية العظمى من الحالات, لا تستجيب النساء للتأثيرات الحسية, كما الرجال؛ فمنظر المرأة الفاتنة يثير التهيج الجنسي عند الرجال أكثر بمرتين مما يثيره منظر الرجل الوسيم عند النساء. كما أن البطاقات واللوحات التي تتضمن رسوماً شبقية, تثير ردود فعل جنسية عند معظم الرجال وفقط عند القليل من النساء. ويتهيج الرجل من رؤية الأعضاء التناسلية عند المرأة، وبالعكس فإن رؤية الأعضاء التناسلية للرجل لا تثير ردود فعل شبقية عند نصف النساء، وقد يكون رد الفعل عند الكثيرات منهن سلبياً وغير ممتع, ويكبح التهيج الجنسي. وتثير التخيلات الشبقية المتعلقة بشخص من الجنس المقابل, أو المتعلقة باللقاءات والأحاسيس الجديدة, تهيجاً جنسياً شديداً عند غالبية الرجال, وعند القليل من النساء.

وبعكس الرجال، لا يسبب ترقُّب الجماع تهيجاً جنسياً عند الكثير من النساء. وتبعاً لمستوى التهيج الجنسي الذي يتحدد غالباً بتأثير الهرمونات والحالة العامة العصبية النفسية, فإن المحرضات الجنسية النفسية يمكن أن تبدي تأثيراً قوياً أو ضعيفاً.

4. الإيغاف Orgasm أو ذروة المتعة الجنسية

الإيغاف هو الإحساس الجنسي اللذيذ, وذروة الإرضاء الجنسي. يحدث الإيغاف في نهاية الجماع, في حالة الممارسة الجنسية, ويتم بذلك التخلص من التوتر العضلي وتدفق الدم نحو الأعضاء التناسلية.

يشعر الكثير من النساء في لحظة الإيغاف بحالة مفاجئة يحدث فيها توقف كل العمليات النفسية وذهول وإحساس بالانهيار وفقدان الوعي ومن ثم (صدمة) في منطقة البظر أو في عمق المهبل, وإحساس بانتشار الدفء من هذه الأجزاء إلى مختلف أنحاء الجسم, وبشعور وكأن شيئاً ما ينطرح من الجسم (ومن هنا أيضا التصور الكاذب حول وجود الدفق عند المرأة).

وتشير النساء الوالدات (اللواتي سبق أن ولَدْنَ) إلى أن إحساساً قريباً نشأ عندهن في بداية المخاض. وقد يتبدل إحساس انتشار الدفء بظهور تقلصات نظمية لا إرادية (نبضات) في منطقة المهبل والحوض الصغير والأعضاء التناسلية الظاهرة أحياناً, وتترافق هذه الأحاسيس بشعور غير عادي باللذة: "إحساس مذهل ومدوخ ولذيذ" لا يخضع للمراقبة والضبط، وقد تحدث أحياناً شهقات عميقة وتأوهات وحركات نظمية رأسية (بالرأس) وضم الشريك بصورة عنيفة.

تختلف شدة الإيغاف كثيراً، كما تتباين عند المرأة نفسها من حين لآخر, وخلال الحياة الجنسية مع الشريك نفسه. فقد يكون الإيغاف أحياناً عبارة عن إحساس بسيط من اللذة المترافقة مع انحباس بسيط في التنفس, وحركتين أو ثلاث حركات من البلع، وقد يتمثل بانفعال وانجذاب شديدين, إذ تقوم المرأة تحت هذه الحالة بحركات عنيفة جداً.

يبدأ الإيغاف بتقلصات عضلية نظمية في الثلث الظاهر (السفلي) من المهبل، كما تحدث التقلصات النظمية في الرحم أيضاً. وتحدث التقلصات المهبلية بفاصل قدره 0,8 ثانية. وتزداد شدة الإيغاف تبعا لقوة التقلصات العضلية النظمية وعددها, والذي يتراوح بين 3 و 12. يزداد تواتر مرات التنفس مع الإيغاف، ويزداد تواتر ضربات القلب حتى 180 في الدقيقة أو أكثر، كما يرتفع الضغط الشرياني الانقباضي بمقدار 30-80 والاسترخائي بمقدار 20-40 مم، وهكذا يزداد الضغط الأعظمي (الانقباضي) من 120 إلى 200 وحتى 220 مم. ويلاحظ غالباً عند الإيغاف احمرارا في جلد الوجه والصدر.

ولم تدرس بشكل كافٍ العمليات الصماوية والدماغية الكامنة في أساس الإيغاف. وما من شك في أن هذا الإحساس مرتبط بحدوث تحولات في البنى الدماغية العميقة وإثارتها، وخاصة في الجملة الحوفية، وهو قريب بذلك من الانفعالات.

ويظهر على مخطط الدماغ الكهربي تبدل النظم بيتا في لحظة الإيغاف بموجات بطيئة ذات سعات كبيرة. وهذه اللوحة شبيهة بما يحدث من تبدل في النشاط الكهربي في الصرع الصغير, وفي الطور الاختلاجي من نوبة الصرع الكبير. وفي نهاية الإيغاف تتبدل الموجات البطيئة من جديد بالنظم بيتا.

يمكن أن ينشأ الإيغاف سواء في أثناء الجماع (جِماعي) أو دونه (خارج الجماع). يلاحظ الإيغاف خارج الجماع في أثناء النوم غالباً (الإيغاف الاحتلامي) ويترافق برؤى شبقية، ويحدث الدفق المنوي عند الرجال.

يمثل الإيغاف ظاهرة ذاتية لتنظيم الوظيفة الجنسية، ويؤدي إلى انخفاض درجة التهيج. ويمكن للاحتلامات الشبقية مع الوصول إلى الإيغاف أن توجد قبل بداية الحياة الجنسية. وتظهر هذه الاحتلامات عادة في حالة الامتناع الجنسي الاضطراري عند الأشخاص ذوي الرغبة الجنسية الشديدة، وفي الحالات التي لايتم فيها إشباع هذه الرغبة بصورة كافية خلال الحياة الجنسية. وتتوقف الاحتلامات الإيغافية عندما يعيش الشخص حياة جنسية نشيطة أو عندما يمارس الاستمناء (العادة السرية) بكثرة.

ويمكن أن يؤدي التنبيه الميكانيكي العارض للأعضاء التناسلية إلى حصول الإيغاف، ويحدث ذلك عند ركوب الدراجة, أو عند العمل على آلة الخياطة التي تدار بالقدم, وعند التسلق على الحبل....الخ (يدعى هذا الإيغاف بالإيغاف العارض).

يمكن أن يتوضع الإحساس الحاصل في بداية الإيغاف في البظر أو المهبل, وبعض النساء لا يستطعن تحديد مكان التوضع. وبهذا يمكن تصنيف الإيغاف إلى بظري ومهبلي وغير محدد التوضع. وتلعب الخصائص البنيوية عند المراة دوراً هاماً في توضع الإيغاف (إلى جانب مكان إجراء التنبيه). وأشير إلى أن الإيغاف البظري يصادف أكثر عند النساء ذوات النزعة التسلطية، كما يصادف الإيغاف المهبلي عند النساء اللطيفات والأنثويات. ولا يوافق بعض علماء الجنس على وجود هذين النمطين من الإيغاف.

كما أشير إلى أن الإيغاف البظري كان أكثر حدة ومتعة من المهبلي, أو أنهما متعادلان، كما عدت بعض النساء أن الإيغاف المهبلي كان أكثر إمتاعاً وترك أثراً أكثر عمقا. وقد يحصل الإيغاف في أثناء الاستمناء ولا يحصل في أثناء الجماع.

يستمر الإيغاف عند الرجال عدة ثوانٍ وسطياً فقط. يمكن أن يدعى هذا النوع من الإيغاف بالذريوي أو القصير المدة؛ وذلك لأن الإحساس الحاد فيه يزداد ثم ينخفض بسرعة. ومثل هذا النمط من الإيغاف, ولكن مع استمراره مدة أطول, يلاحظ عند الكثير من النساء. فضلاً عن ذلك, فإن النساء, بخلاف الرجال, قد يتمتعن بإيغاف يستمر لمدة طويلة نسبياً من 20-60 ثانية أو أكثر, ويأخذ شكلاً متموجاً, فيشتد ويضعف, وقد يستمر عشرات الدقائق, وحتى ساعة أو ساعة ونصف أحياناً. وعند نساء كثيرات، وكما هو الحال عند الرجال، يمكن أن يتكرر الإيغاف عدة مرات. تختلف مدة وشدة الإيغاف من امرأة لأخرى، كما يختلف عند المرأة نفسها من وقت لآخر, ومن شريك إلى آخر.

بعد أن عرضنا أهمية الإيغاف في انسجام الحياة الجنسية وتعزيز أواصر الزواج, لا بد أن نشير إلى أن السعادة الأسرية تتوقف على الكثير من العوامل, ولا يمكن أن تنحصر بالمتعة الجنسية. وبالنسبة للكثيرات من ذوات الطباع الباردة، كما يتضح هذا عند دراسة اللاإيغافية، يلعب الجانب الجنسي في الحياة دوراً قليل الأهمية.

5. الجِمَاع Coitus

إن الجِماع هو الفعل الفيزيولوجي الزوجي الوحيد عند الإنسان. ونظراً للعادات والأعراف الأخلاقية التي تراكمت تاريخياً, إذ صار الجماع يمارس في ظروف حميمية, فقد غدت دراسته الفيزيولوجية في غاية الصعوبة. ولأجل سير الجماع بشكل طبيعي عند الرجل لابد من اشتراك العوامل الفيزيولوجية التالية ومساهمتها:

1- العوامل العصبية الخلطية المرتبطة بنشاط البنى الدماغية العميقة ومجموع الغدد الصماوية، هذه العوامل مسؤولة عن شدة الرغبة الجنسية والتهيج.

2- العوامل النفسية التي تحدد اتجاه الرغبة الجنسية والتي تسهّل حدوث النعوظ قبل أن يبدأ الجماع.

3- العوامل المؤثرة في النعوظ والتي تعدُّ المراكز النخاعية للنعوظ والقضيب أساسها التشريحي الوظيفي، وهي مسؤولة عن الجانب الآلي للممارسة الجنسية (الجماع).

4- العوامل المؤثرة في الدفق والتي تؤمن دفق السائل المنوي.

وبالنسبة للمرأة, هناك ثلاثة عوامل فقط هي العوامل الخلطية العصبية, والنفسية, والقطعية التناسلية (النخاعية التناسلية). تسهم هذه العوامل بصورة متعاقبة في عملية التهيج. وأشير إلى وجود خمسة أطوار متعاقبة لدورة الجماع عند المرأة:

1- الطور النفسي الذي يوجد في الفترة ما بين وعي المرأة لرغبتها في المعاشرة الجنسية وحتى اتخاذ القرار بتحقيق هذه الرغبة.

2 - الطور الحسي (الشهواني) الذي يتميز بإعادة بناء نوعية لعمليات الإدراك, وازدياد حساسية المناطق ذات الإثارة العالية, ونشوء الحاجة إلى مداعبتها وتنبيهها بصورة خاصة.

3 - الطور الإفرازي الذي يتصف بترطيب الغلالة المخاطية للمهبل.

4 - طور الإيغاف.

5 - الطور الثُمالي Residual (طور التراجع) الذي يحصل فيه همود تدريجي للتهيج, وتطور معاكس للتبدلات التناسلية.

ويمكن أن نميز خلال عملية الجماع المراحل التالية: الإيلاج, وهو دخول القضيب في المهبل، والاحتكاك Friction, أي حركة القضيب في المهبل، والدفق, والإيغاف.

يستبق الجماع بفترة تحضيرية (فترة المداعبات المتبادلة). ومن وجهة نظر ديناميكية التهيج الجنسي, يميز ماسترس وجونسون (1966) طور التهيج, وطور التهيج الأقصى, وطور الإيغاف, وطور التطور الراجع. وتمثل هذه الأطوار الدورة الجنسية, والتي يمكن أن تحدث سواء في أثناء الجماع أو دونه، كما هي الحال في المداعبات الجنسية المتبادلة والاستمناء.

ففي طور التهيج الجنسي عند الرجال، وفي أقل من دقيقة على بدء التنبيه الجنسي، يزداد تدفق الدم نحو الأعضاء التناسلية, وتصعب عودته في الوقت نفسه؛ بسبب تضيق وانضغاط الأوردة. وهكذا, يتضخم القضيب بسرعة ويصل إلى 3 أضعاف حجمه في حالة الراحة، ويصبح صلباً ويزداد طوله مقدار 7-8 سم، كما يبدل من وضعه إذا يتجه نحو الأعلى بالقرب من جدار البطن, ومن هنا جاءت تسمية النعوظ (Erigere باللاتينية تعني الصعود). وبحدوث النعوظ يكون الرجل قد أصبح جاهزاً للجماع؛ أي لإدخال العضو الجنسي (القضيب) في المهبل, ومع حدوث النعوظ تنشأ أيضاً الرغبة في التصريف والتخلص من التوتر الجنسي.

ويشتد النعوظ إذا تعرضت النهايات العصبية (المستقبلات) في جلد القضيب للاحتكاك بجدار المهبل، كما يشتد التهيج, ويزداد تواتر عملية التنفس وضربات القلب, وينتفخ الوجه. وإذا توقفت الحركة في هذه الفترة, يضعف التهيج بالتدريج, وتتسع أوردة الأعضاء التناسلية ويزداد العود الوريدي، وبذلك يصبح القضيب رخواً ويتناقص حجمه. وإذا عادت الحركة من جديد يشتد النعوظ مرة أخرى. ولذلك فإن الرجل يقوم في أثناء الجماع بالتوقف تارة, وبالحركة تارة أخرى، مما يمكِّنه من إطالة فترة الجماع وتأخيره لفترة محددة، ولكن سيحدث بعد ذلك أن الرجل لا يستطيع ضبط تهيجه, وعندها لا يتوقف أي شيء على إرادته, ويأتي الدفق بصورة لا يمكن كبحها.

وعند النساء أيضاً يزداد تدفق الدم نحو الأعضاء التناسلية في طور التهيج، فيزداد حجم الشفرين الصغيرين (يزداد القطر المعترض 2-3 مرات) بسبب احتقانهما. ويزداد طول البظر مرتين عند 50% من النساء ويصبح أكثر ثخانة. وبعد 10-30 ثانية من بداية التهيج الجنسي تصبح الأعضاء التناسلية الأنثوية رطبة وتتغطى الغلالة المخاطية للمهبل بسائل زيتي يسهِّل انزلاق القضيب. ويتشكل هذا السائل المزلق ليس على حساب مخاط الغدد الدهليزية الكبيرة والصغيرة فقط، بل وعلى حساب رشح السوائل من الضفائر الوريدية المحيطة بجدار المهبل.

يستند جدارا المهبل الأمامي والخلفي إحداهما على الآخر في حالة الراحة, ويتركان بينهما شقاً صغيراً. وفي طور التهيج الجنسي يزداد طول الثلثين العلويين للمهبل ويتسعان، وينشدّ عنق الرحم والرحم قليلاً, فيتشكل بذلك حيز لاستيعاب السائل المنوي. ويزداد طول المهبل بمقدار 2-3 سم. وفي هذا الوقت, ونظراً لتبدل مقاييس المهبل, يتصور كل من المرأة والرجل أحياناً بأن القضيب "يضيع" في المهبل.

وبعد ذلك وبتأثير الاحتكاك Friction الذي ينبه النهايات العصبية للأعضاء التناسلية بشكل نظمي, فإنه يحصل تركم Summation (جمع) للتنبيهات ويزداد التهيج أكثر فأكثر. وعندما يصل التهيج إلى حده الأقصى, فإنه يبقى على هذا المستوى خلال بعض الوقت. ويتضخم الثلث الظاهر (السفلي) للمهبل ويمتلئ بالدم الوريدي مع البصلة الدهليزية, فينتبج مدخل المهبل ويتضيق بنسبة 50% بالمقارنة مع قطره في مرحلة التهيج؛ أي أن الثلث الظاهر للمهبل يصبح على شكل قناة ضيقة تضغط على القضيب, ويدعى الكُم الإيغافي, والذي يمنع خروج السائل المنوي من المهبل.

وفي مرحلة التهيج الأقصى (بلاتو), يزداد حجم الثديين وتنعظ الحلمة (يزداد طولها بمقدار 1 سم وقطرها 0.25-0.50 سم), كما يلاحظ انتباج وتبيُّغ Hyperemia الجلد عند 75% من النساء, والذي ينتشر من الناحية الشرسوفية إلى الصدر والوجه. كما يزداد توتر العضلات الإرادية المخططة, وتظهر تقلصات عضلية متكررة بين الفينة والأخرى، وأحياناً تقبض تشنجي إرادي لعضلات اليد وأصابع القدم، كما يزداد تواتر عمليات التنفس والنبض ويرتفع التوتر الشرياني. وهنا يؤدي اشتداد التهيج الجنسي إلى الإيغاف Orgasm, الذي يساهم التوتير الإرادي لعضلات البطن والاليتين في قدومه.

يرتبط الإيغاف عند الرجل مع الدفق بصورة وثيقة، ويبدأ بتقلص نظمي للحويصلين المنويين وقناتيهما وللقناتين الدافقتين. ويعيش الرجل هذه التقلصات ويشعر بها كأحاسيس لذيذة وشعور بالدفق الآتي لا محالة, وبالإيغاف الذي لا يمكن إيقافه. تستمر التقلصات 2-3 ثوانٍ وفي هذا الوقت يصل السائل المنوي الجزء البروستاتي للإحليل. ويصل الإيغاف إلى ذروته عندما يحدث الدفق بشدة, ويطرح السائل المنوي بتأثير تقلص العضلتين البصليتين الإسفنجيتين وعضلات الإحليل والبروستات, فيعبر الإحليل إلى الخارج. وتحدث عادة 2-3 تقلصات عضلية شديدة بفاصل 0.8 ثانية، ثم تصبح التقلصات أندر وأضعف, وبتوقفها ينتهي الإيغاف.

وعلى أثر الإيغاف يبدأ طور التطور الراجع، فيضعف امتلاء الأعضاء التناسلية بالدم ويضعف النعوظ خلال ثوان عدة عند الرجل، ويصبح القضيب ليناً وينقص حجمه بمقدار 25%، ويفقد الرجل تدريجياً القدرة على الاستمرار بالجماع.

ويمكن أن يتأخر إفراغ الأعضاء التناسلية عند بعض الرجال إذا وجدوا في وضع شبقي خاص. وبعد الدفق تحل فترة الانكسار (الحران) أو فترة اللاتهيج عند الرجل،

وفي هذه الفترة لا تثير المنبهات الشبقية والمداعبات وملامسة الأعضاء التناسلية عند الرجل التهيج الجنسي، ولا يمكن أن يحصل ذلك حتى بقوة الإرادة. ويمكن للنعوظ التالي أن يحصل عادة بعد 20-40 دقيقة، وعند بعض الرجال قد يتأخر أكثر بكثير (حتى اليوم التالي أحياناً).

وبعد حدوث الإيغاف عند المرأة يتناقص أيضاً امتلاء الأعضاء التناسلية بالدم. تستمر هذه العملية عندها فترة أطول منها عند الرجل وتتراوح عادة بين 10-20 دقيقة. وإذا لم يحصل الإيغاف فإن إفراغ الأعضاء التناسلية يتأخر 30-60 دقيقة.

وليس من الضروري أن تأتي مرحلة التطور الراجع فقط بعد الإيغاف أو الدفق. بل يمكن أن تبدأ في أية مرحلة من مراحل (أطوار) الجماع عند توقفه المفاجئ, بسبب حدوث ما يعيق تطوره الطبيعي.

وتتناقص الركودة الدموية في الثلث الظاهر من المهبل بسرعة كبيرة, فيزول تضيق هذا الجزء, والذي يمنع خروج المني. وإذا استمر الرجل بعد الدفق بممارسة الاحتكاك فإن كل حركة تساعد على خروج المني. وإذا لم يحدث الإيغاف عند المرأة, فإن عملية التطور الراجع لتضيق المهبل (الكم الإيغافي) تستمر 20-30 دقيقة, ما يساعد على حصول الإخصاب.

إن العلامات الموضوعية لقدوم الإيغاف عند المرأة تتمثل بالتقلصات النظمية للثلث الظاهر من المهبل (لا يلاحظ الرجل ذلك غالباً), ونعوظ حلمة الثدي وتجعد هالته.

وعند عدم حصول تصريف للتهيج الجنسي؛ بسبب انتهاء الجماع دون إرضاء, تشعر المرأة بالخيبة. والخيبة Frustration هي توتر عصبي معذِّب مع شعور بعدم الإرضاء. وقد يستمر امتلاء الأعضاء التناسلية بالدم ساعة بعد انتهاء الجماع، وتشعر المرأة بضيق أسفل البطن وألم قطني. وإن الركودة الدموية واللمفية المتكررة في الأعضاء الحوضية يمكن أن تؤدي إلى حدوث عمليات التهابية غير نوعية, أو إلى حيض مؤلم, وآلام أخرى في أسفل البطن والظهر.

تعيش معظم النساء الجماع وتقيِّمنه كلحظة ذروة في العلاقة الشخصية المعقدة مع الرجل، وكاتحاد روحي وجسدي معه. وتحتاج النساء إلى مداعبات ختامية وإظهار للحنان والرقة والانتباه والشكر, وعندها فقط يشعرن بالإرضاء الكامل.

يتعرض النشاط الجنسي سواء عند المرأة أو الرجل إلى تباينات كثيرة فردية وحسب العمر. ويصل تواتر مرات الجماع في سن 20-40 سنة إلى 3-4 مرات في الأسبوع, ومرتين في سن الخمسين, ومرة واحدة في سن الستين, وأقل من مرة واحدة في سن السبعين.

إن الحياة الجنسية التي لا تسبب تعباً وانهاكاً ويبقى الشخص بعدها طوال اليوم نشطاً ومرحاً، تدل على عدم وجود إفراط في الممارسة الجنسية. وإن الشيء المناسب هو تنظيم الحياة الجنسية لتتوافق مع الإمكانات الفردية. فمن غير المرغوب إطالة الجماع كثيراً لأن ذلك يؤدي إلى حدوث ركودة دموية في الحوض الصغير تؤدي إلى اضطرابات في الوظيفية الجنسية.

6. الدوافع الجنسية Sexual Motives

تتميز الأفعال الإنسانية الموضوعية وتتباين بسبب وجود العامل الذاتي والشخصي. فمن الناحية النفسية تختلف قراءة كتاب ما فيما إذا كان الهدف منها تقديم الامتحان, أو الرغبة في استيعاب محتوى الكتاب, أو الإرضاء المتحقق من عملية القراءة بحد ذاتها. ومن هذا المنطلق تختلف الدوافع الجنسية, ومن ورائها الحاجات التي سيتم إشباعها, من حالة إلى أخرى, ومن وقت لآخر عند الشخص نفسه. ويمكن أن نذكر الأهداف التالية المبتغاة من وراء العمل الجنسي:

1. وسيلة للاسترخاء وتصريف التوتر الجنسي, وهو الشكل الأبسط للإشباع الجنسي, إذ يقوم على إشباع الحاجات الفيزيولوجية للفاعل, وليست نوعية الشريك في هذه الحالة مهمة (ويمكن حل المشكلة بالاستمناء).

2. وسيلة للتناسل والإنجاب, حيث لا يكون الفعل نفسه مهما بمقدار ما تكون نتيجته النهائية هي الهدف. ويحدث ذلك مثلاً في الزواج الذي يحصل في السلالة الملكية الحاكمة التي تطمح بوريث شرعي وولي للعهد.

3. وسيلة للهو والمتعة الجسدية, والتي تكون غاية بحد ذاتها. ويكشف دافع التسلية هذا عن مكونات اللعب واللهو المتضمَّنة في الفعل الجنسي, والهادفة إلى تنويع تقنية الإثارة. وليست المعاشرة الزوجية العاطفية ضرورية في هذه الحالة, إنما يعدُّ الإشباع الجنسي للشريك وسيلة لزيادة الإشباع الذاتي فقط.

4. وسيلة استكشافية ومعرفية لإشباع الفضول الجنسي, فالمعاشرة الجنسية هي معرفة إلى حد ما. ويميز هذا السلوك ممارسات المراهقين والمراهقات الذين/ اللواتي يريدون/يردن معرفة "كيف يحصل ذلك؟". ويهدف مثل هذا السلوك عند البالغين إلى استكشاف خطة الشريك الآخر في الممارسة الجنسية.

5. وسيلة للوصال والمعاشرة, حيث تمثل الممارسة الجنسية لحظة ذروة في سياق الألفة الشخصية والاجتماعية, وتوحد الشريكين. وهذا النوع من العلاقة أكثر تعقيداً, بسبب خضوع الدوافع الجنسية لحاجات أشمل. ويفترض الجنس الوصالي هذا درجةً عالية من التميز الفردي, ويدعى بالحب الجنسي.

6. وسيلة لتأكيد الذات جنسياً, أي ميل الفرد لإبراز قدراته الجنسية في استمالة الشريك, وأن يكون محبوباً وقادراً على إرضاء شريكه. ويوجد هذا الدافع بخاصة في سن المراهقة, ويكون التركيز عليه عند الشخص البالغ مدعاةً للشك بنوع من القلق وعدم الثقة بالنفس.

7. وسيلة لتحقيق أهداف لا تتعلق بالجنس نفسه, كالفائدة المادية (زواج المصلحة), أو لـ "الصعود" في سلم المرتبة الاجتماعية واكتساب النفوذ. ويتجلى في هذه الحالة التوجه نحو قيم اجتماعية لا شخصية, مثل زيادة النفوذ ونيل الإعجاب وتسلق مراتب السلطة...الخ.

8. وسيلة للتمسك بعادات وتقاليد معينة, كقبلات الزوجين التي تخلو غالباً من الإثارة, ولكنها تهدف إلى توكيد العلاقة الزوجية وثباتها.

9. وسيلة للتعويض وبديلاً عن سبل الإشباع الأخرى, مثل تعويض المراهق بالاستمناء عن فقر حياته العاطفية, أو تبجح البالغ بـ "إنجازاته" الجنسية (الدنجوانية) للسبب نفسه. والصفة الأهم لهذا النوع من الجنس هو طبيعته القسرية وعدم حصول الإشباع بنتيجته.

ويشير تعدد الدوافع الجنسية المذكورة أعلاه إلى مدى تعقد السلوك الجنسي عند الإنسان, وارتباطه بالحاجات النفسية والاجتماعية, وابتعاده, إلى حد بعيد, عن وظيفة الإنجاب البيولوجية. فلا يمكن تقييم درجة الوفاق الزوجي مثلاً من ملاحظة عدد القبل التي يتبادلها الزوجان.

وتجدر الإشارة أيضاً إلى تداخل الدوافع الجنسية أحياناً, وبالتالي يصعب تحديد الدافع المهيمن فيها. كما يمكن لأحد هذه الدوافع أن يتحول إلى دافع آخر في العلاقات الزوجية المديدة, مغيراً من طبيعة هذه العلاقة بصورة كلية. وقد لا يتم وعي هذه الدوافع غالباً.

ويرتبط الجنس, وبسبب تعقد دوافعه وتنوعها, بدرجة من الإحساس بالذنب, وذلك تبعاً للمعايير الثقافية السائدة في بيئة اجتماعية محددة. ويحد الخجل من الظواهر الجنسية, مخافة أن تكون مدانةً اجتماعياً. وعموماً فإن تراكم الإحساس بـ"الذنب الجنسي" يؤثر سلباً على الجنس؛ وبالمقابل فإن غياب آلية الضبط يمكن أن يقود إلى الانحلال وغياب فردية العلاقات الجنسية, ولا بد من تحقيق شيء من التوازن في هذا الأمر, كما في كل الأمور.

 

وحياة سعيدة ومتزنة لكل زوجين
عدد القراءات : 31883
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات