احدث الاخبار

قبر الشيخ الجندي المجهول

قبر الشيخ الجندي المجهول
اخبار السعيدة - بقلم - د. فايز أبو شمالة         التاريخ : 18-06-2010

وسط ساحة مدينة خان يونس ينتصب مقام قديم يشير إلى الجندي المجهول، كان قبل عشرات السنين مقاماً بارزاً، ويؤدي دوراً معنوياً في تعزيز المقاومة، والصمود، والتذكير بمن دافعوا عن فلسطين حتى الاستشهاد، قبل عشرات السنين عندما كانت ساحة مدينة خان يونس بوسع دولة فرنسا، وكان مقام الجندي المجهول أعلى من برجل إيفل، قبل أن تزحف المدينة، وتكبر المباني، وتضيق الساحة على السيارات، وعلى المارة، ويلف غبار المدينة على عنق الجندي المجهول الذي لا يلتفت إليه أحد، ولا تجتمع في رحابه المناسبات الوطنية.

مدينة خان يونس التي عرفت بمدينة الشهداء بحاجة إلى مقام وطني، أو إشارة رمزية تحفظ الذاكرة الجماعية، بحاجة إلى تذكير من نسي الجندي المعلوم بالجندي المجهول، ولكن الذاكرة الفلسطينية لا تقف على مكان، ولا تنحصر في زمان، الذاكرة الوطنية ممتدة، ومتواصلة، وعليه؛ فإن مقام الجندي المجهول ليس مقدساً، ولن يكون مقدساً بعد أربعين عاماً، حتى لو كان يضم رفات شهيد معلوم بالاسم، فالحياة لا يرتقى فيها السكون، ولا تنطق بالصمت، والجمود لا يلتقي مع الإبداع، ومن حق المجالس البلدية أن تطور المدينة، وأن تهدم أي مبنى، أو مقام لا يتناسب مع روح العصر، والتطور الحضاري.

من حق سكان خان يونس على مجلسهم البلدي أن يحفظ لهم ذاكرتهم، وأن يوجد مكاناً مناسباً للجندي المجهول، مكاناً يأخذ بعيد الاعتبار التمدد الجغرافي للمدينة، والتوسع العمراني، والزيادة السكانية، ويا حبذا لو كان الجندي المجهول فوق أنقاض المحررات، التي كانت يوماً مغتصبات صهيونية، هنالك؛ بعيداً عن الزحام، مقابل جامعة الأقصى من جهة الغرب، لما يحتويه المكان من رمزية، ومن قيمة مادية يمكن استغلالها للمناسبات الوطنية.

على طريق غزة العريش، توجد عدة مقامات لأكثر من رجل مات، ويعتبره سكان المنطقة صالحاً، أو ولياً لله، وعلى سبيل المثال؛ هنالك مكان يسمى قبر الشيخ "زويد"، صار مع الزمن مدينة "الشيخ زويد"، وهنالك قبر الشيخ "عمير" الذي صار أيضاً قرية، وعندما سألت أحدهم: من هو الشيخ "عمير"، ولماذا يحتفظون له بهذا المقام؟ قال حارس القبر: إنه صاحب البركات المعروفة، فعندما قامت الحرب بين قبيلة "الترابين" وقبيلة "التيايهه" في سيناء، وقف الشيخ "عمير" في وجه "الترابين"، وكانوا يلقون عليه القذائف، يمسكها بيديه فلا تنفجر، وكان الرصاص يخترق جسده. لذلك صار قبره مزاراً، وصار له هذا المقام.

يبدو أن بعض الفلسطينيين ينظر إلى قبر الجندي المجهول بالقداسة ذاتها التي ينظر فيها بدو سيناء لقبر الشيخ "عمير"، ليبكوا الحسرة على قبر الشيخ الجندي المجهول!.

عدد القراءات : 2190
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات