احدث الاخبار

إسرائيـل الضحيـة !

إسرائيـل الضحيـة !
اخبار السعيدة - بقلم - الدكتور - إياد السراج         التاريخ : 03-06-2010

إن اللجوء للقوة الوحشية هو تعبير عن الخوف، ما قام به الجنود الإسرائيليون أمس من اقتحام لأسطول الحرية القادم إلى غزة وإطلاق النار على المتضامنين - مما أدى إلى مقتل أكثر من عشرة مدنيين وجرح العشرات - لن يخدم إسرائيل ولن يعالج الخلل البنيوي فيها.

كطبيب نفسي مقيم في غزة، أفهم تماما بأن استخدام إسرائيل المفرط للقوة ضد المدنيين هو عرض من أعراض ذلك الخلل، حيث أن إسرائيل تلجأ لاستخدام القوة المفرطة كشكل من أشكال الترهيب، ولكن هذا هو خيار الضعفاء. بل إن إسرائيل من خلال تصرفاتها تضيق الخناق على نفسها.  

قبل أكثر من عقد من الزمان، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بنشر كتاب يدافع عن حق إسرائيل في الحصول على "مكان تحت الشمس"، ولكن حكومته اليوم تفيض بالرغبة العنصرية في خلق "أمة فوق الأمم" وهي رغبة توضح مدى الخلل البنيوي، فإسرائيل يجب أن تكون الضحية الأبدية وهي في ذات الوقت أمة لا مثيل لها في جبروتها!! وحين يدعي المتحدث الرسمي أن إسرائيل كانت تدافع عن أمنها حين قتلت ركاب أسطول الحرية، فإنه يكرر ما سمعناه عن تبرير الحصار وتبرير الحرب على غزة التي قتلت إسرائيل فيها 1500 شخص بينهم أطفال وهو نفس المبرر للاحتلال والقمع وكل الحروب، وكذلك حرب التهجير والنكبة، فمتى سيتحقق الأمن لإسرائيل؟ سؤال أجابت عنه إسرائيل ببطش القوة لكن ذلك لن يدوم. 

وفي هذا السياق، يكون السلام محرما ويصبح الحصار والحرب على غزة شرعيين ومبررين، وتستخدم إسرائيل كل وسيلة ممكنة لتجنب الوصول إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين.

في الحقيقة تتحرك إسرائيل بسرعة نحو أن تصبح دولة عنصرية. لقد جاء أسطول الحرية لفك الحصار الذي تسبب في ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى ما يقارب 50%، وحسب ما صرح به البنك الدولي فإن 90% من المياه في غزة هي غير صالحة للاستهلاك الآدمي، و80% من السكان يعيشون على أقل من دولار يوميا، و70% يعتمدون على المساعدات الخيرية الغذائية. كذلك يعاني من سوء التغذية المزمنة 15% من أطفال غزة، الأمر الذي سوف يؤثر على إدراكهم ونموهم الطبيعي لعدة سنوات قادمة.

إن السفن التي قام الجنود الإسرائيليون بمهاجمتها كانت تحمل الغذاء والدواء ومواد البناء والمنازل الجاهزة لسكان غزة. إن أسطول الحرية كان محاولة جديدة لكسر هذا الحصار الإسرائيلي الذي تدينه كل المجتمعات التي تؤمن بحقوق الإنسان في العالم.

وقد وصف الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر الحصار بأنه اعتداء على المدنيين، ووصف القاضي ريتشارد جولدستون الأعمال الإسرائيلية بأنها جرائم ضد الإنسانية.

وقد دعت العديد من الأصوات - من بينها اليهودية -  إسرائيل إلى إنهاء هذا الحصار القاسي.

ولكن يبقى مليون ونصف فلسطيني سجناء في أكبر سجن مفتوح على الأرض من جراء الحصار الإسرائيلي على غزة الذي بدأ في ديسمبر 2008. وقد هدمت إسرائيل 15000 منزل ودمرت المصانع والوزارات واقتلعت مآذن المساجد حتى أن المدرسة الأمريكية تم تدميرها بالكامل، كما قصفت إسرائيل مدارس تابعة للأمم المتحدة، واستخدمت إسرائيل أسلحة محرمة ضد أبناء غزة خلال تلك الحرب.

إن القتل الجماعي على متن أسطول الحرية واجه ادانة من العالم كله بتصريحات قوية وخاصة في الأمم المتحدة والعواصم الأوروبية ولكنهم لن يجرؤا على وضع نهاية لهذا الحصار لأن هذه العواصم والأمم المتحدة تنتظر الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى أي حال، فإن قتل إسرائيل لناشطي السلام قد يكون نقطة تحول في الصراع من أجل إنهاء الحصار والاحتلال الإسرائيلي.  وها هي مصر تستعيد زمام المبادرة بفتح معبر رفح غير أننا يجب أن نستمر بالمطالبة بفتح جميع المعابر والحدود بشكل تام ودون أي شروط.

عدد القراءات : 1860
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات