احدث الاخبار

"محمد أبو لحوم ".. لماذا يعد المرشح الأقوى لرئاسة الحكومة الجديدة في اليمن ؟

اخبار السعيدة - صنعاء (اليمن) رقية محمد الحدأ         التاريخ : 26-08-2014

جاءت حكومة الوفاق، على رقاب الثوار وسيل من دماء شهداء وجرحى ثورة شعبية سلمية في  2011م، لذلك، فقد عوَّل اليمنيون على أن تكون هذه الحكومة عند طموحاتهم، جديرة في محاربة الفساد والحد من الفقر والبطالة و بناء الدولة المدنية العادلة التي يتساوى فيها جميع أفراد الشعب وفق مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية، وتلك مطالب مشروعة لشعب عانى لعقود من الاضطهاد والاستبداد على الرغم من قيام ثورات عديدة منذ منتصف القرن العشرين في اليمن شماله وجنوبه.
لكن، ما أن تسلمت هذه الحكومة، مقاليد الحكم، إلا وبدأت أحلام اليمنيين بالتبخر شيئا فشيئا، فمجموعة فقط، هم من استفاد وتقاسم التركة، وما تم هو تدوير الفساد من خلال شراكة جديدة في الحكم لمراكز القوى المتخاصمة التي كانت إلى وقت قريب جزءً فاعلاً في حكومات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
لربما، أن حكومة الوفاق، اعتمدت في عملها، على آليات وأدوات الحكومات السابقة ، وما حدث من تغييرات كان في إطار إعادة توزيع القوة بين القوى المتنفذة والقوى المشاركة في الحكم، فالمحاصصة، تسببت في غياب الكفاءات وأنتجت حكومة ولاءات وليس حكومة كفاءات، ولأن تركيبة حكومة الوفاق، كانت بتلك الشاكلة، فقد أغلقت أبواب الوظيفة العامة أمام أحلام وطموحات أبناء الفقراء، وفتحت باب التوظيف الخلفي لمراكز القوى السياسية والحزبية والقبلية للنبلاء، والمقربين منهم، ومن يرضون عنهم، وأصبحت مذكرات النافذين تطغى على الشهادات العليا، وكافة المعايير القانونية لشاغلي الوظيفة العامة.
لقد ساهمت حكومة الوفاق، في إيصال البلاد إلى وضع مأساوي للغاية، وحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن نسبة البطالة في أوساط الشباب اليمني، ارتفعت إلى 52%، فيما 50% من سكان اليمن، لا يجدون قوت يومهم,و13مليون من السكان لا يستطيعون الوصول إلى مياه شرب نظيفة، و60% من اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي.
وسط كل هذه المؤشرات المخيفة، جاءت اليمن (167)، في ذيل ترتيب مؤشر الفساد في (177) دولة من دول العالم، وكانت نسبة زيادة ممارسات الفساد وحجمه في اليمن، عن الأعوام السابقة، تُقدر بـ43%. فحكومة الوفاق، عجزت عن الحد من مكافحة الفساد، بل أن هذه الآفة تعاظم تجذرها وانتشارها، في ظل هذه الحكومة خلال عامين ليبلغ مستويات لم يبلغها من قبل.
ربما شعر اليمنيون بالإحباط، خاصة، في ظل السقف العالي للتوقعات، التي كانوا يتوقعونها من حكومة الوفاق، وما من شك، بأن الشيء الوحيد الذي بات يجمع عليه اليمنيون اليوم، بالرغم من اختلافهم وخلافاتهم، هو فشل هذه الحكومة، وعدم كفاءتها، بيد أن التعقيدات السياسية الموجودة، لربما هي من حال دون تغييرها، وربما صعوبة الاتفاق على تشكيل حكومة بديلة، قد أبقاها ويبقيها حتى اليوم،خاصة، في ظل الانفلات الأمني القائم، نتيجة العجز الحكومي، الذي مكن القاعدة من تنفيذ هجمات موجعة لقوات الجيش والأمن، كما مكنه من اصطياد عناصر الاستخبارات بشكل يومي. ولهذا، فإن الوضع يحتاج إلى رئيس حكومة قوي، وقادر على مواجهة هذه التحديات بعد أن اثبتت الحكومة الحالية عجزها وفشلها في مواجهة التحديات التي تواجهها البلاد.
ربما، لم يعد هناك مجال للجدل، حول فشل حكومة الوفاق من عدمه، فالفشل يعبر عن نفسه بصورة تلقائية لا يحتاج إلى عبقرية لاكتشافه، وأصبح تغيير الحكومة، ضرورة، ولا بد من تغييرها بحكومة أخرى، لقيادة المرحلة الراهنة.. حكومة، تكون عند مستوى التحدي، تحظى برجال دولة أكفاء في المرحلة القادمة لقيادة عملية التغيير والتأسيس لليمن الجديد.
عادة، في الحالات التي تمر فيها البلدان بفترة انتقالية وتأسيس مرحلة جديدة، ووضع هش وتحديات مختلفة على كافة الأصعدة، كما هو الوضع الحاصل في اليمن، يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية، تمثل من جميع أطياف الكتل السياسية التي تشكل الجو السياسي في البلد. حتى تتضافر جهود الجميع لضمان خروج البلاد بطريقة آمنة من هكذا وضع، ومن أجل مشاركة الجميع في بناء الدولة الجديدة، وهو ما يفترض أن يكون عليه الوضع في بلادنا في الوقت الراهن خاصة، أن تشكيل حكومة موسعة تضم جميع أطياف المجتمع اليمني و قواه الفاعلة على الساحة ، يعتبر ترجمة عملية لمخرجات الحوار الوطني، واستجابة لمطالب بعض القوى كالحوثيين وقوى يسارية وشبابية، بل أنه في الحقيقة أصبح مطلب شعبي، ودولي.
لكن في الواقع.. هناك عوائق كثيرة، تحول دون تشكيل حكومة موسعة من القوى الفاعلة على الساحة، فهناك صعوبة في الاتفاق على حصص ونسب تمثيل القوى الرئيسية في الحكومة الجديدة لعدة أسباب، أولها عدم إجراء انتخابات برلمانية تحدد نتائجها الحزب أو الائتلاف الذي يحق له تشكيل الحكومة الجديدة ونسب التمثيل فيها، بالإضافة، إلى عدم وضوح مقدار التغير الحاصل في موازين القوى في البلاد بعد التطورات الدراماتيكية في الفترة الماضية.

 

من المؤكد، أن ومواقف القوى المختلفة ، سيتفاوت في ادعاءاته، فجماعة الحوثي ستطالب بتمثيل متساو مع حصة الإصلاح، وربما أكبر مع توسعها الأخير في عمران ومناطق أخرى، في حين سيطالب المؤتمر الشعبي العام بحصة أكبر من المشترك، لاعتقاده بارتفاع شعبيته مقابل تراجع شعبية خصومه، في حين مازال الاصلاح، رهين أحداث 2011م، ويتجاهل حقيقة أن وضعه اليوم، غير وضعه قبل ثلاث سنوات ، كما أن قوى الحراك الجنوبي، التي شاركت في الحوار الوطني، ستطالب بنصف المقاعد الحكومية وهكذا .
 

كما أنه ستبرز مشكلة أكبر، وتتمثل في التنازع على منصب رئيس الحكومة، فـ"الإصلاح"، ومركز النفوذ فيه (حميد الاحمر وعلي محسن) على وجه الدقة سيستميتون في المطالبة بما يعتبرونه حقهم في الاحتفاظ بمنصب رئيس الحكومة، مقابل استمرار احتفاظ المؤتمر بمنصب رئيس الجمهورية وفق تسوية 2011م، في حين سيطالب تيار الرئيس السابق بالمنصب على اعتبار أن الرئيس هادي اثبت خلال فترة حكمه أنه رئيسا توافقيا، ولا يمثل المؤتمر في هذا المنصب، كما ستطالب قوى الحراك الجنوبي بأن يكون المنصب من نصيبها، وكذلك الحال، سيكون لدى أنصار الله "الحوثيين".

من خلال كل تلك المعطيات والخيارات المطروحة على الساحة اليمنية، ندرك أن البلاد لن تصل إلى حكومة قادرة على النجاح وانقاذ البلاد من الهاوية، في ظل الصراع الحزبي والجهوي القائم، وبما يعني أن البلاد في أمس الحاجة لرجل دولة يخرجها من دوامة الصراعات والنزاعات، التي تجعل البلاد تسير من سيء إلى اسوء.


ربما بدأ الحديث، خاصة، في الدوائر والنخب السياسية، حول شخصية رئيس الحكومة القادم، وهناك عدد من الاسماء التي طرحت، بيد أن معظم الاحاديث تتمحور حول رئيس حزب العدالة والبناء، محمد علي ابو لحوم، والذي يعد أبرز المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الجديدة.
 

وحسب ما يراه محللون سياسيون، فأن محمد ابو لحوم، يمثل اليوم رجل مرحلة، وهو قريب من كل الأطراف، بما فيها الحراك الجنوبي والحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري، والحوثيون، الذين يؤيدون تولي ابو لحوم رئاسة الحكومة على اعتبار أنه شخصية قوية، ولا يمكن أن يخضع لضغوط مراكز النفوذ العسكرية والقبلية بخلاف غيره، الذين يميلون لصالح الاحزاب ومراكز النفوذ القبلي والعسكري.
 

من يراهنون على تولي محمد ابو لحوم، للحكومة الجديدة، لربما لاعتقادهم بأنه رجل الدولة القادم، فهو يتمتع بعقليه الحكم , يستطيع إدارة شؤون الدولة، ومعالجه المشاكل والتحكم في العلاقات الخاصة والعامة، لديه القدرة على استخدام العقل، وتجاوز حماقات القوة. فضلا عن ذلك، فهو يتمتع بكاريزما الرجل القيادي، لا يحيط نفسه بالانتهازيين وطلاب الجاه، بل بالعقلاء والخبراء الحقيقيين يسمع منهم ويحاورهم، يعرف جيدا، تاريخ شعبه ويعرف مشاكله واحتياجاته، لا يفرق بين ابناء شعبه، متحرر من العقد والضغائن، شديد الحرص دائما، على أن يكون على مسافة واحدة من كل المكونات السياسية، يتحدث امامهم وخلفهم بذات الكلام.
 

ويرون أيضا، أن محمد ابو لحوم، يمتلك صفات القيادة، يتميز بنظرته الشاملة إلى الأمور بفلسفة موضوعية، فهو ليس رجعيا، بل صاحب نظرة متقدمة متنورة إلى الحياة، وسيكون أكثر من غيره حرصا على تجنيب الشعب أية مشاكل فهو رجل نظيف اليد، حصيف اللسان، سيأتي إلى المنصب ليخدم شعبه ليس إلّا، وكل ما سيهمه هو خدمة وطنه ، وضمان حقوق من يقودهم. وسينذر نفسه لأهداف كبيرة، أبرزها الارتفاع بمستويات مواطنيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
 

من يفتش في ملف المرشح الابرز لتولي رئاسة الحكومة،  سيجد محمد علي أبو لحوم، الذي ينحدر من اسرة لطالما كان لها الريادة في قبيلة بكيل، التي تعتبر هي وقبيلة حاشد أحد الفرعين الرئيسيين لقبائل همدان، ولد عام 1961م بمنطقة جبلة - محافظة إب، ودرس الابتدائية بصنعاء، والإعدادية والثانوية، في لبنان، وفي جامعة جورج واشنطن الأمريكية حصل على الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية عام 1983م، يتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة ، التحق بالجهاز المركزي للتخطيط - المكون الرئيس لوزارة التخطيط والتعاون الدولي آنذاك، وعمل مديرا للتعاون الثنائي بين اليمن والدول الخارجية حتى عام 1988م..
 

ربما، أكسبته هذه الفترة مهارة التخطيط وإعداد البرامج والتصورات، ليعود إلى العمل السياسي عضوا في مجلس الشورى المنتخب عام 88م عن مديرية جبلة وفيه برزت موهبته السياسية خاصة وأنه كان يرأس لجنة التنمية بالمجلس القريبة في مهامها وأهدافها من تخصصه الأكاديمي، وهي نفسها تقريبا اللجنة الاقتصادية التي رأسها بعد دمج مجلسي الشطرين حينها.
 

وعن دوره شخصيا ومكانه في صراع 94م قال أبو لحوم في عدد من مقابلاته التلفزيونية : نحن لم نكن مع طرف ضد طرف، لكن كنا نرى بأن الحفاظ على الوحدة وترسيخ دولة النظام والقانون هو الهدف الذي نسعى إليه ، وجاء موقفنا من القناعة بأن الأخوة الجنوبيين كانوا يحملون مشروعا لبناء الدولة على عكس القوى الأخرى التي عملت على فرز المواقف بين مواقف مؤيدة وأخرى معارضة لتوجهاتها وهو ما أدى إلى دخول البلاد في نفق مظلم حينها.
 

غادر محمد أبو لحوم اليمن إلى الأردن في العام 1994م ، ومنها إلى أمريكا وبقي فيها حتى 2004م. وعن سبب هذه المغادرة وطول الغربة يقول محمد أبو لحوم «كان لنا موقف في تلك الفترة ، وكانت هناك جهات لا ترغب في الاستماع لرأينا، وأكثر ما دفعني في البقاء هناك هو الحرص على عدم إثارة أية فرقة أو مشكلة.
 

عاد محمد أبو لحوم عام 2004م إلى اليمن، وقد تأمل فلسفة سنوات من الصراع وتبدّل الأدوار وله قراءته الخاصة بشأنها مستفيدا من منهجية التحليل السياسي، لاسيما، وهو أحد الباحثين فيها أكاديميا، ليعين حينها عضوا في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي ، ورئيسا لدائرة العلاقات الخارجية ، جاءت تلك العودة  بناء على اتفاق مع الرئيس السابق للإصلاح من داخل المؤتمر ، لكن محاولاته الإصلاحية سرعان ما اصطدمت بجدار مصالح مراكز القوى التي كانت ولا زالت تتحكم بالقرار السياسي في المؤتمر  ، وصل بعدها أبو لحوم إلى قناعة بعدم وجود الرغبة الصادقة في الإصلاح لدى الرئيس السابق والدائرة المستفيدة منه في المؤتمر والتي لا تتجاوز أصابع اليد .
 

يعتقد أبو لحوم، أن قضية القوى التقليدية والقديمة، بأنه يفترض أن ينظر إلى الرجل المناسب والصالح ، الرجل الذي يسعى لإيجاد الدولة المدنية الحديثة ، وكثير من هذه القوى- التي يتخوف منها البعض- قد تكون عاملاً مساعداً، فبدلاً من أن تضع في خانة العداء، يفترض أن يتم احتوائها لتنخرط في العملية السياسية وتنخرط في بناء الدولة اليمنية الحديثة.
 

وحول نظرته إلى المرأة اليمنية، فيرى أنه لا بد أن تكون مشاركة في كل مجالات الحياة؛ لأنها نصف المجتمع، وكانت ركناً قوياً في الثورة وصناعة التغيير، وعلينا أن ندرك أهمية دورها في صناعة التحول المطلوب.
 

ويعتقد محمد أبو لحوم، أن الوطنية، لا تعني التضحية بالدماء، وإنما تعني الحفاظ على دماء اليمنيين، ويرى أنه على الجميع إدراك أن الوطني الحق هو من يقدم التنازلات من أجل مصلحة الوطن وليس من يقدم التضحيات من أجل الحفاظ على مصالحه.
 

حاليا يرأس محمد أبو لحوم، حزب العدالة والبناء، الذي تم إشهاره عقب الثورة التي أطاحت بالرئيس علي عبدالله صالح، ويعد حزب العدالة والبناء من أهم الأحزاب التي أعلن عنها بعد الثورة، حيث أسسه مجموعة من القيادات اليمنية الفاعلة في ثورة التغيير السلمية.
 

وينطلق الحزب من رؤية فكرية في التنظيم لمشروع بناء الدولة المدنية الحديثة ينطلق من مبادئ أساسية قوامها الأنظمة والقوانين المستمدة من ديننا الإسلامي والقيم الإنسانية التي تُحترَمُ فيها الأفكار والثقافات والتوجهات، فلا انتقاص للانتماء المذهبي أو الطائفي أو الفئوي لأي مواطن، بل شراكة وتكامل وفق قيم ترتكز على المشاركة في صنع القرار السياسي، من خلال الاعتماد على الشباب كقوة أساسية مؤثرة وفاعلة ومحرّكة للتغيير ، وبما يُحقق الحياة الكريمة لكل أبناء الوطن ويضمن التقدم والاستقرار لليمن الجديد".

عدد القراءات : 14753
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات