احدث الاخبار

خلل الكبد عند الأطفال

خلل الكبد عند الأطفال
اخبار السعيدة - بواسطة : أ. د . محمد سعد عبد اللطيف         التاريخ : 16-09-2012

الكبد هو أكبر عضو غددي في جسم الإنسان، ويقوم بالعديد من العمليات الحيوية، والوظائف الهامة لاستمرار الحياة. فهو»مصنع» كيميائي يعمل ليل نهار ليقوم بتخليق وتنظيم وإفراز العديد من المركبات التي يحتاجها الجسم. فيصنع البروتينات مثل الألبومين ِAlbumin،، كما ينتج بروتينات تجلط الدم كالفيبرينوجين، ويصنع البروتينات الدهنية Lipoprotein، والجليسريدات الثلاثية Triglycerides والدهون الفسفورية Phospholipids. ويفرز السائل المراري، الصفراء Bile الذي يذيب الدهون أثناء الهضم. يساعد الكبد على فتح الشهية للطعام، كما يقوم بتنظيم والمحافظة على مستوى الكولسترول «منخفض الكثافة، وعالي الكثافة» والجلوكوز بالدم، وما يزيد على الحاجة من الأخير يخزنه كنشا حيواني Glycogen ليحوله إلى سكر عند الضرورة. كما يمكنه تخزين البروتينات والدهون وتحويلها إلى سكر. وله أهميته في تخزين الفيتامينات التي تذوب في الدهون «Vitamins A, D, E and K» والفولات، وفيتامين B12 والأملاح المعدنية والنحاس والحديد. والكبد «مصفاة» مهمة ومرشح خبير للتخلص من نفايات وسموم الجسم مثل الأمونيا «النشادر»، فيحولها لبولينا Urea ومن ثم تفرز بالكلى مع البول.
تتمايز وظائف الكبد في الأطفال، بعض الشيء، عن البالغين. فمعدل إنزيمات الكبد لدى الأطفال تكون نسبتها عادة مرتفعة. أما «صبغ البليروبين»، فيختلف تكوينه ونسبته «إلى مقترن مباشر، وغير مباشر» في حديثي الولادة عنهما لدى البالغين.
اليرقان:
يمكن تقسيم أنواع اليرقان واصفرار الطفل حديث الولادة حسب زمن ظهوره إلى: اليرقان أو الاصفرار المبكر: يظهر منذ لحظة الولادة أو خلال أول 24 ساعة. غالباً ما ينجم عن حالة مرضية مثل انحلال الدم عند الطفل بسبب تنافر الزمر الدموية ABO أو عامل الـ Rhesus - Rh . أما اليرقان أو الاصفرار الذي يظهر في اليوم الثاني وحتى أسبوع من عمر الطفل فغالباً ما يكون يرقان فسيولوجي. بيد أن اليرقان الذي يظهر متأخراً بعد عمر 10 - 14 يوماً فقد يكون بسبب الإرضاع الوالدي أو مرض كبدي، أو تلوث السرة بالميكروبات، أو نقص وراثي في خميرة أو أنزيم Inherited transferase enzymes deficiency of glucurony1، وهذا الأخير نادر الحدوثً.
اليرقان غير الفسيولوجي أو المرضي وأهم أسبابه
عدم التوافق بين دم الأم، ودم الجنين، وتنافر الزمر الدموية: زمر الـ Rh أو زمر ABO أو الزمر الفرعية، قصور الغدة الدرقية الخلقي، أمراض الكبد عند الطفل حديث الولادة، يرقان الإرضاع الوالدي، بعض المتلازمات النادرة وأمراض الدم الوراثية.
ففيما يعرف بـ «عامل ريزس»، يتجاوز الطفل الأول «البكر» اليرقان، ثم يظهر في الوليد الثاني بعد أن تتمكن المناعة وتقوم الأجسام المضادة بتحليل الكريات الحمراء في الجنين. لتجنب ذلك، على الأم إجراء فحوص مناعية «سيرولوجية» لاستبعاد ذلك.
يحدث اليرقان الفسيولوجي عند الأطفال حديثي الولادة نتيجة لعدة أسباب أهمها: ارتفاع معدلات الخضاب والكريات الحمر عند الطفل. وعند محاولة جسم الطفل التخلص من كمية من الكريات الحمراء الزائدة ينجم عن تحطمها مادة البيليروبين المسؤولة عن اليرقان. كذلك بسبب عدم نضج بعض خمائر وعمليات الكبد عند الوليد بحيث إن الكبد لا يستطيع التخلص من كمية البيليروبين الزائدة. بالإضافة إلى زيادة إنتاج البيليروبين في هذه الفترة من حياة الطفل، فضلاً عن زيادة امتصاص البيليروبين من أمعاء الطفل.
ثمة عوامل يمكن أن تزيد من شدة اليرقان الفسيولوجي: كالأطفال الخدج، ونقص وزن الولادة، وجود ورم دموي في الجمجمة «كما يحدث عند عسرة الولادة» أو كدمات أخرى في جسم الطفل، تأخر إفراغ الطفل للعقي «البراز الأول Meconium »، زيادة قيم الخضاب وعدد الكريات الحمر عند الوليد. قد تزداد علامات اليرقان الفيزيولوجي قليلاً لكن ببطء ويبقى الطفل بحالة جيدة دون أعراض مرضية. لا تتجاوز قيم البيليروبين 10 ملغ 100 مل أو 100 ملغ لتر، ولا يستمر أكثر من 10 - 12 يوماً. يتم علاج اليرقان الفسيولوجي بتعريض الأطفال لضوء ذي طول موجة خاصة.
وهناك اليرقان النووي، حيث يتسرب البليروبين من الكريات الحمراء المنحلة، ويتركز في نوى الدماغ والحبل الشوكي، فيتلف الجهاز العصبي. في حال الانسداد الخِلقي للقنوات المرارية BILIARY ATRESIA، داخل الكبد أو خارجها، يبدأ اليرقان عادة منذ الأسبوع الأول للولادة، ويستمر ويزداد. وفيها يكون البول قاتم اللون، والبراز فاتح ودهني، والحكة «الهرش» شديدة، وإنزيمات الكبد مرتفعة، وكذلك ترتفع نسبة الكولسترول في الدم وقد توجد أورام صفراء على الجلد، وعندما يحدث لين في العظام. يلزم مراجعة الطبيب.
الأطفال، والالتهاب الكبدي الفيروسي Viral Hepatitis
هناك أنواع من الفيروسات تصيب كبد الأطفال منها الفيروس «أ»، «ب»، «ج». يتعرض الأطفال «3 - 5 سنوات» للإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي «أ»، بسبب عدم توافر الشروط الصحية الأساسية، وفرص انتقاله من طفل إلى آخر قليل في المدارس، إلا أن العدوى تنتشر بشكل أكبر داخل رياض الأطفال.
فمن أسبابه شرب مياه/ ثلج ملوث، أو تناول أطعمة ملوثة وغير مغسولة جيدا كالأسماك البحرية النيئة والخضراوات والفواكه. للذباب دور كبير في نقل الفيروس، وكذلك يتسبب هذا النوع من التهابات الكبد في خروج الفيروس عبر إفرازات المريض كاللعاب والبول والبراز. لذا يجب أخذ الاحتياطات الوقائية بغسل الأيدي بالماء والصابون عند ملامسة المريض أو برازه، والذي يكون مُعديا خلال أسبوعين من المرض.
وللوقاية يمكن أخذ مصل Immune globulin خلال أسبوعين من احتمال الإصابة بفيروس «أ». أما أعراض هذا الالتهاب الكبدي فهي: الشعور بآلام بالبطن والبدن، وتحول لون البول ليصبح داكنا «كمنقوع العرقسوس»، مع حدوث فقدان الشهية والضعف والغثيان والقيء والإسهال والجفاف الشديد والحمى، مع اصفرار لون الجلد وبياض العينين. وتبدأ الأعراض في الاختفاء خلال أسبوعين. لكن على الطفل الراحة التامة، وتناول الطعام المغذي الغني بالمواد السكرية والنشويات، وتناول سعرات عالية من البروتينات و«اللحوم»، والإكثار من الفواكه والخضراوات الطازجة، مع تجنب جفاف الجسم، عبر تناول السوائل من ماء وعصائر. مع استخدام المسكنات لتخفيف الحرارة وتسكين الألم.
من النادر أن يصاب الطفل بعدوى فيروس «ب» أو «ج» التي تحدث عن طريق الحقن الملوثة أو تلوث الجروح/ اللثة بأدوات الحلاقة والتجميل، وفرش الأسنان الملوثة، أو الأدوات الجراحية غير المعقمة إذا ما تعرض الطفل لإجراء جراحة ما. كذلك عن طريق نقل الدم أو أحد مشتقاته. أما الأعراض المرضية للالتهاب الكبدي «ب» فيمكن أن تشمل: يرقان «اصفرار الجلد والعينين»، تحول البول إلى اللون الداكن كلون الشاي، تحول البراز إلى اللون الفاتح، أعراض كأعراض «الأنفلونزا» «فقدان الشهية، ضعف عام وإعياء، غثيان وقيء، حمى،, صداع أو ألم في المفاصل، طفح جلدي أو حكة، ألم في الجزء الأيمن العلوي من البطن، لكن يمكن أن يتحول الفيروس الكبدي «ب» إلى مرض مزمن بالكبد. التطعيم ضد هذا الفيروس يخفض نسبة إصابة الأطفال به ويؤخذ على هيئة ثلاث جرعات في الشهر الثاني والرابع والسادس من عمر الطفل.
لكن بالنسبة لحوالي 25% - %50 من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، و%90 من حديثي الولادة المصابين بالالتهاب الكبدي الفيروسي «ب» قد لا يستطيعون التخلص من هذا الفيروس ويصبحون بذلك مصابين «أو» حاملين لهذا الفيروس، أي بإمكانهم نقل الفيروس إلى أشخاص آخرين. عادة لا تظهر على حامل الفيروس أعراض للمرض كما أن إنزيمات الكبد لديه تكون طبيعية لكنه يظل مصاباً لسنوات عديدة ويكون قادراً على نقل الفيروس لغيره. كما أن قلة منهم يكونون عرضةً أكثر من غيرهم للإصابة بالالتهاب الكبدي المزمن والتليف وأورام الكبد.
أما المصاب بالمرض فتكون إصابته مزمنة، أي لم يستطع التخلص منه خلال ستة أشهر مع وجود ارتفاع في أنزيمات الكبد. يتم تأكيد الإصابة المزمنة عن طريق أخذ عينة من الكبد وفحص نشاط الفيروس في الدم أو ما يسمى بتحليل الـ PCR. وهذا يعني أن الفيروس يهاجم الخلايا، وإذا استمر هذا الالتهاب المزمن النشط لفترة طويلة فمن الممكن ظهور أنسجة ليفية داخل الكبد وهذا ما يسمى بالتليف الكبدي. والتليف يؤدي إلى خشونة الكبد وتورمها، الضغط على الأوردة مما يعيق تدفق الدم فيها ومن ثم يرتفع ضغط الوريد البابي مما يؤدي إلى ظهور دوالي في المريء والمعدة أحياناً والتي قد تنفجر مسببة نزيفاً دموياً يظهر على شكل قيء دموي أو تحول لون البراز إلى اللون الأسود، وقد يؤدي إلى ظهور الاستسقاء والتعرض لحدوث اعتلال المخ والغيبوبة الكبدية، قابلية أكبر لظهور أورام الكبد. لقد ثبتت فاعلية الإنترفيرون Interferon في السيطرة على الالتهاب الكبدي الفيروسي «ب».
يعد فيروس «ج» من أخطر الفيروسات المدمرة للكبد سواء للصغار أو الكبار. تكمن خطورة هذا الفيروس في إنه يصيب الطفل دون ظهور أعراض تجذب اهتمام المحيطين به، ولا يوجد تطعيم له. في كل الأحوال يلزم مراجعة الطبيب المختص لعمل الفحوصات اللازمة والتأكد من سلامة الكبد. مع عدم استعمال الأدوية إلا بعد استشارته وتحت إشرافه، وتناول الغذاء الصحي المتوازن.
تليف الكبد عند الأطفال
تليف الكبد Liver Cirrhosis عند الأطفال له أسباب منها: التهاب الكبد المزمن النشط. قد يبدأ في حديثي الولادة من عدوى بفيروس ب أو ج، أو يبدأ في سن متأخرة أو عند البلوغ من التهاب مناعي ذاتي، تراكم الحديد في الكبد، قد يكون خطأ أيضياً وراثياً، أو ينجم من تكرار نقل الدم للطفل المريض بالأنيميا أو فقر الدم anemia كما في «الثلاسيميا»، تراكم النحاس في الكبد، مرض انسداد الأوردة الكبدية الصغيرة، بلهارسيا الكبد «أطفال المدارس»، أخطاء أيضية «ميتابولزمية»، منها مثلاً مرض ولسون، ومرض فانكوني، وتراكم الجلاكتوز في الدم، وتراكم الجليكوجين في الكبد، أمراض ركود الصفراء المزمن، وأسبابه كثيرة، قد يؤدي إلى تليف الكبد الصفراوي «المراري». في هذه الحالات من تليف الكبد عند الأطفال، توجد الأعراض والمضاعفات نفسها التي تُشاهد في البالغين: ارتفاع ضغط الوريد البابي، تضخم الطحال، دوالي المريء، الاستسقاء، الغيبوبة الكبدية، العناكب الشريانية، اختلال وظائف الكبد إلخ.
التهاب الكبد ذاتي المناعة
التهاب الكبد ذاتي المناعة Autoimmune Hepatitis مرض كبدي «غير معروف الأسباب الحقيقية» لخلل في المناعة مما يتسبب في تعامل الجهاز المناعي مع خلايا الكبد على أنها «جسم غريب». ووفق «المضادات الذاتية الموجودة في الطفل، قسم الاختصاصيون هذا المرض إلى ثلاثة أنواع.
قد يترافق مع هذا النوع من التهاب الكبد «المزمن» عدد من أمراض المناعة الوراثية الأخرى، كأمراض الغدة الدرقية، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والوهن العضلي الوبيل، والتهاب كبيبات الكلى إلخ. على وجه العموم تبدو على المريض علامات لحدوث الالتهاب الكبدي، وشعور بالإرهاق والدوخة، وآلام بالبطن، والمفاصل والعضلات. قد يتطور المرض إلى تشمع، وفشل في الكبد. يفضل الإسراع والتبكير بمراجعة الطبيب الذي يصف علاجات لتخفيف الأعراض المرضية. تتحسن حالة نسب كبيرة من الأطفال المصابين به.
الكبد الدهني
ينتج الكبد الدهني عن زيادة مقاومة الأنسولين في الجسم. ويتشحم الكبد إذا زادت نسبة دهن الكبد عن 5% من وزنه. هذه الشحوم هي من نوع ثلاثي الجلسريد Triglycerides ، ويعزى سبب تراكمها إلى خلل ذاتي في كيمياء الخلايا الكبدية وفشلها الوظيفي، أو ارتباط بالداء السكري، أو إتخام الكبد بالوارد إليه من المواد الغذائية، دهناً كانت أو كربوهيدرات. ينقسم تشحم الكبد «وفق الفحص المجهري لعينة كبدية» إلى نوعين رئيسين ولكل من هذين النوعين أسبابه وعلاماته الإكلينيكية، وأحياناً يجتمع النوعان في كبد مريض واحد:
1- تشحم كبير الحويصلات الدهنية، حيث قطرات الدهن في الخلايا الكبدية كبيرة الحجم. له أسباب كثيرة،أهمها: البدانة «السمنة» حيث تشحم الكبد يتناسب طردياً مع الزيادة في وزن الجسم. لأن مخزون الدهن في البدن يتحلل إلى أحماض دهنية وجلسريدات تغرق الكبد فيختل توازنه. كبد البدينين عادة حميد العاقبة، ووظائفه الكيميائية طبيعية أو شبه طبيعية، إلا أنه قد يتليف، خاصة إذا صاحبه مرض السكر «البول السكري»، وعموما يستطيع الكبد الدهني أن يستعيد توازنه ويتخلص من دهنه إذا التزم البدين بإنقاص وزنه وتنظيم غذائه «بالحمية» المناسبة، وممارسة الرياضة.
2- صغير الحويصلات الدهنية، حيث قطرات الدهن صغيرة. من أسبابه: اليرقان بأنواعه المختلفة، والفشل الكلوي.

قد يتعرض كبد الأطفال لتسمم نتيجة تراكم الأمونيا بسبب وجود عيب وراثي في الجينات الخاصة بتحويل الأمونيا إلى بولينا، وحالة عدم تجلط الدم نتيجة نقص عنصر رقم سبعة

عدد القراءات : 56914
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
خلدون قماش
برتين بدم ونحاس