سقط النظام .... لم يسقط النظام
إختلط حابل الثورة اليمنية بنابلها خلافاً لمثيلاتها في تونس ومصر وليبيا فقد نحت منحىً غريباً يعاكس وينافي مسارها ونقطة البداية التي انطلقت منها , الثورة اليمنية كما مثيلاتها طابعها المتناقضات : الإصلاحي والإشتراكي , الزيدي والناصري , الشافعي والعلماني , الشمالي والجنوبي , الحاشدي والبكيلي والمدحجي , الذكر والأنثى , العدناني والقحطاني , الليبرالي والتقليدي , المُهَمَّش وقريب النظام , الغني والفقير , المُتخم والمطحون , المتحزب والمستقل , أجمع الكل على عداء النظام والمطالبة بإسقاطه , ولم يسلم النظام من شركائه والمستفيدين منه فمنهم من تخندَّق هنا ومنهم من هرب هناك .
لعب النظام طوال عقود حكمه بالورقة المذهبية والصراعات الطائفية والقبلية , كذا المصالح والمآرب المشتركة على قاعدة فرِّق تسد , معها خسر كل حلفائه وأصدقائه وأقاربه فقد استعدى الجميع حتى جاءت فرصة الربيع العربي فاجتمع الخصوم السياسيين والفكريين والقبليين وتوحدوا على كلمة واحدة وشعار واحد : إسقاط النظام .
شركاء الثورة وعلى مدى عشرة شهور لم يكونوا كأمثالهم في الدول الأخرى فقد اختلفوا وتضاربوا وتلاعنوا وتنازعوا وتقابحوا واشتكت منهم الساحات وأنَّت من أعمالهم الحرمات التي انتهكت والدماء التي سالت والغزوات الليلية التي جرحت وأحرقت , لم تصدق النوايا الخَرِبَة فخربت الثورة .
سقط النظام .. لم يسقط النظام :
هتافٌ وشعار ملأ الدنيا ضجيجاً وهديراً , وازدانت به اللوحات والجدران والشوارع طوال الأشهر العشرة الماضية ولا زال .
لا يمكن إنكار أننا استنسخنا هذا الشعار من الثورة المصرية التي استنسخته بدورها من الثورة التونسية الأم , ودون غمط الثورة وما سقط وما لم يسقط كانت المحصلة التالي :
· لم يسقط النظام ولكن سقط التماسك الإجتماعي .
· لم يسقط النظام ولكن سقطت أخلاقنا وقيمنا وتغيرت أحوالنا وتبدَّدت آمالنا وانهار التعليم والصحة والكهرباء فعدنا للوراء .
· لم يسقط النظام ولكن سقطت دماؤنا وأرواحنا وتيتَّمت أطفالنا ورُمِّلت نساؤنا .
· لم يسقط النظام ولكنا سقطنا في فخ المؤامرات التي باتت تتجلى في التعبئة الطائفية والمذهبية والتحريض المؤجج للصراع وبانت أولى ثماره في الحروب المشتعلة هنا وهناك .
· لم يسقط النظام لكنها أضيفت أعباء قاتلة للنظام .
· لم يسقط النظام ولكن سقطت المعسكرات ونُهبت الأسلحة , رحماك يا الله من نتائجها .
· لم يسقط النظام والخوف من سقوط الجنوب .
· لم يسقط النظام ولكن سقط العلماء والحكماء والعقلاء والمثقفون والنُّخب السياسية .
· لم يرحل النظام ولكن رحل الأمن والأمان النسبيان .
· لم يتغير شيئ فكل شيئ كما هو باستثناء علي عبدالله صالح الذي غادر وسيحل محله عبدربه منصور بعد الواحد والعشرين من فبراير رئيساً جديداً لليمن .
سقط النظام ... لم يسقط النظام !!!
من فضلك شارك الخبر مع اصدقائك بالضغط على (شارك واعجبني)