يا نساء اليمن اتحدن
امرأة هنا وامرأة هناك وقالوا لنا النساء حاضرات ... النساء موجودات ... النساء مشاركات . مش عيب عليكم يا سلطة ويا معارضة يتم تمثيل النساء في قوام لجنتيكما المشتركة للإتفاق على إنفاذ اتفاق فبراير بهذا الحجم ويبدو أن هذا التمثيل كان من باب رفع العتب لأن النساء متربصات بكم !!! و هن على أهبة الاستعداد لإطلاق ألسنتهن الحداد ليلمنكم ويوجهن لكم التهم بتعمد إقصائهن وتهميشهن ، في وقت يشعر فيه كُثر منكم بالاستبعاد والتهميش أكثر من النسوان !!!
وكانت قد ظهرت أسماء 6 سيدات من الطرفين من بين مئتيين في قوام لجنتيهما المشتركة ( للاتفاق على تنفيذ الاتفاق) ، مما ينبئ بأن أول نقطة من نقاط اتفاقهما كانت على النساء ، أي بواقع ثلاث نساء لكل طرف ممثلات نسبة 6% وهي نسبة تبتعد كثيراً عن نسبة (15%) المقبول بها مبدئياً لمشاركة النساء في الحياة السياسية وتحديداً في مجلس النواب وربما في بقية أجهزة الدولة العليا المنتخبة وغير المنتخبة ، مما يعزز شكوكنا بأن إرادة التغيير ما زالت ضعيفة وسوف تخرج النساء من المولد بلا حمص . وكنت أتمنى أن أرى عدداً أكبر لدى أحد الأطراف لأتأكد بنفسي بأن هذا ليس اتفاقاً . ويارب يتفقوا على القضايا الكبيرة مثلما أتفقوا على القضايا الصغيرة ، لأن في ذلك مصلحة عامة لكل أبناء الوطن ذكوراً وإناثا صغاراً وكباراً.
سيقول قائل منكم نحن فين وكاتبة المقال فين ، فالوطن يمر بتحديات خطيرة وهي ما زالت تتحدث عن موضوع أقل أهمية (ربما بالنسبة لكم) ، ولكن بالنسبة للنهوض الشامل بالوطن وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعدما ورطونا في مشكلات كان يمكن تجنبها بكثير من الحكمة ووضع حد للأنا التي تجري مجرى الدم لدى البعض ولايستطيع عنها فكاكاً. دعوا الجميع يشارك ويساهم في تحمل مسؤولياته في معالجة جروح الوطن المثخنة ... الشباب والشابات ، سكان المدن والأرياف ، الحزبيون والمستقلون ، أصحاب الرأى والرأى الآخر. دعوا الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والتعليمية والعمرية والمهنية والفئوية والجهوية والنوعية يشاركون ويتحملون مسؤولياتهم لأن هذه ليست أمور تشريفية ومظهرة واستلام بدل جلسات ... ومع السلامة ، بل هذه مسؤولية تاريخية وأمانة وكد وعرق من أجل إرساء السلام الاجتماعي والتحسن الاقتصادي وإطفاء شرارات الغضب والإحباط الجمعي ودعم عوامل الأمن والاستقرار باتجاه التنمية وتحسين المستويات المعيشية للمواطنين . وإذا لم يكن هولاء سابقاً أصل المشكلة فلعلهم الآن يساهموا ويساعدوا بفعالية في اختراع الحل ... أي نعم اختراعه وتعقيدات الواقع اليمني باتت بحاجة لأدمغة تقوم بما لم يستطيعه الأوائل فكل الحلول فشلت وكل الاستراتيجيات والتكتيكات سقطت ولم يتبقى سوى حل على غير المألوف وبآساليب وأدوات حديثة وغير تقليدية.
ولا أخفيكم سراً القول بأنه وبالرغم من ابتهاجنا المحفوف بالحذر- لا لشئ ولكن تعودنا على اتفاقات تُنقض قبل أن يجف حبرها - للمضي قُدماً بخطوة واحدة على طريق الألف ميل في وضع البلاد على أعتاب الأمن والأمان والاستقرار ، إلا إن تكوين لجنة مشتركة بهذا الحجم الهائل قد يعقد أكثر من أن يحل ولنرى ماذا ستحكي لنا قادم الأيام مع دعواتي المخلصة لله سبحانه وتعالى أن يُكلل جهود هذه اللجنة بالنجاح ، لأن اختلافها في هذا الوقت العصيب الذي تمر به البلاد لن يزيد الأمور إلا تعقيداً قد تستعصي على الحل على المدى القريب والبعيد ليخسر الوطن والمواطن ولتخسر السلطة والمعارضة على حدٍ سواء. ولعل وجود نساء في هذه اللجنة يساعد في تنبيه المتحاورين إلى ضرورة المزج بين العاطفة والقلب والعقل عند البحث عن الحل .
وليس معيباً الحديث عن العاطفة لأنها أكثر من ضرورة في هذه الحروب والصراعات العبثية التي أزهقت الأنفس والأرواح وهي أغلى ما تملكه اليمن الفقيرة إلا من إنسانها والذي لوتم الاستثمار فيه لوصل البلاد إلى ما وصلت إليه دولاً كانت حتى عقدين من الزمن وضعها لا يختلف عن بلادنا اليوم ، وأسطع مثال على ذلك مملكة ماليزيا وكوريا الجنوبية .
والنساء بطبيعتهن لا يميلين لاستخدام آساليب القوة والعنف التي يفضلها الرجال ، وأكثر أشكال العنف التي يمكن أن يمارسنها يمكن أن تكون شد الشعر أو العض على أبعد تقدير أو المهاوشة أوالمصايحة من بعيد لبعيد دون الاقتراب من مصادر الخطر ، ولكن استخدام البندقية والدبابة والطائرة الحربية والقنبلة كلها شئوؤن رجالية بدون منازع أو منافس ، واستخدامهم لهذه الوسائل يبكي المرأة ويدمي قلبها لأن ضحاياها يكون إما زوج حبيب أو ابنٍ أثير أو أخٍ أو أبٍ سند وعضيد .
وعن العقل ففيهن راجحات عقل ذوات رأي سديد ورشيد فلا تحرمونا فرص مشاركتهن التي قد تكون لصالح نزع فتيل التشدد والتوتر بين فرقاء الطرفين أو حتى الاجنحة المختلفة داخل كل طرف. إلا إن تمثيلهن بهذه النسبة المتواضعة يبدو أنه لن يؤثر كثيرا في اتجاهات وتوجهات ونتائج عمل هذه اللجنة. كما إن عناية الاختيار للأخوات ( المستكينات) تخلف الإنطباع أنهم ليسوا بصدد التشاور معهن أو حتى إعطائهن مساحة من التعبير الذي يمكن أن يفضي إلى التغيير .
وتأسيساً على ما تقدم ، فإننا كنساء مدعوات للتلاحم والتأزر ليس منافسةً للرجال ولكن عضداً لهم في كل المسؤوليات والتكليفات الوطنية وعظائم الأمور . وإذا كنا حتى هذه اللحظة قد فشلنا في تكوين حركة نسوية فاعلة ومؤثرة بالرغم من جهود ايجابية ، ولكنها قليلة ومبعثرة ولا تتسم بالاستمرارية والديمومة تُحسب لبعض الأخوات العاملات في الظل غير الباحثات عن الأضواء فإن الآوان لم يفت بعد ونستطيع أن نتوحد تحت مظلة أجندة وطنية نسوية واضحة الأهداف والمعالم والمخرجات تقدم مصالح الوطن ومصالح جميع أفراد هذا الوطن ، وتجعل الشأن العام محور القصد وأساس الجهد دون البحث عن النصيب من الكعكة وتؤكد على استحقاق المرأة في المشاركة في بناء ونهضة الوطن.