احدث الاخبار

الخليج و إفراغ الهوية العربية

الخليج و إفراغ الهوية العربية
اخبار السعيدة - بقلم - علي القاسمي *         التاريخ : 01-01-2010

تترقب الأجهزة الإعلامية المدعومة من دوائر صنع القرار في الدولة الفارسية الخطاب الإعلامي العربي بنظرة تتسم بموقف سلبي بوصفه خطاب الدول المعادية لها، حسب الرؤية الفارسية التي تستمد جذروها من التراث الفارسي العنصري و المعادي للعرب وبهذا تفرض الدولة الفارسية الرقابة على الدول المجاورة لها، و التي تعتبرها جزءا لا يتجزأ من اراضيها القومية و ان كانت مجزئة فإنها لا محالة تعود تحت سيطرتها بعد حين، طبقا لما يتردد في الخطاب الفارسي بين الحين والاخر، وتشمل هذه الرقابة  في أهم فصولها تصريحات المسؤولين الخليجيين الأمر الذي ينبغي ان يكون مطابقا للقاموس الفارسي في منطقة الخليج العربي.

وقاموس المصطلح الفارسي يعتبر نصا مقدسا و هو الأقرب الى كلام الوحي من وجهة النظر العقلية التي قامت على اساسها الدولة الفارسية الغامضة التركيب في ظل حكم الملالي صنيعة الصفويين و الذي اصطلح عليها مؤخرا "ساخت إيران" عند بعض جيران هذا النظام و الذين يتجرعون مرارة هذا الجوار ويعانون من صداقة عدو ما من صداقته بد في ظل الصمت العربي و تنازلاته التي يقدمها يوميا لأعدائه و منافسيه في العالم و المنطقة.

القاموس الفارسي يعتبر أهم مصادر الخطاب والثقافة التي تروج لها الدولة الفارسية في المنطقة، من أجل بسط نفوذها التام والسيطرة على الآخرين، و يوظف الفرس المصطلحات و الأسماء لخلق خلفية تاريخية مزيفة تبرر وجودهم واطماعهم في المنطقة وسعلة التفريس التي يسوق لها البعض الذي نشأ في كنف اللوبيات الفارسية هي في إطار عمل هذه القاموس العنصري الذي لا يعترف بالآخرين الا إذا اقروا بسيادته عليهم و خنعوا لسطانه ولا اختلاف بين النظام الإسلامي و النظام الملكي في توليهم للدولة الفارسية فهما وجهان لعملة واحدة.

مصطلح " الخليج" و" الخليج العربي " احد أهم تلك الحقائق الذي يسعى الفرس في إفراغها من هويتها التاريخية من  خلال إطلاق هجمة التفريس و دلالاته علي هذا المكان الجغرافي وعلى الرغم من تدشينها في فترة حكم الشاه المقبور الذي اعلن نفسه بعبعا للخليج بمباركة من المستعمرين الا أن نظام الملالي طور تلك الأساليب و جعلها في سلم أولوياته و اعلن عن انشاء مراكز ابحاث و دراسات متخصصة و مؤسسات ذات شأن بتكريس هذه التسمية التي تحتاج الى تزييف الكثير من الحقائق.

البديل الفارسي لمصطلح الخليج العربي لقى رواجا و استقبالا واسعا من مختلف المنابر الإعلامية الفارسية بينما لم نر أي موقف واضح من وسائل الإعلام العربية والمراكز المتخصصة لصد هذه الهجمة المدعومة بالشعارات والعنتريات العنصرية الفارسية.

 وسائل الإعلام العربية تغض الطرف ليس فقط تجاه وقاحة النظام الفارسي والمؤسسات التابعة لهم في المطالبة بهذا البلد أو المصطلح بل حتى في الرد على الإهانات التي تطال كبار المسؤولين و حكام تلك الدول التي تنطلق منها.

وبالمقابل تستند وسائل إعلام الطرف الآخر الى خطابات قيادتها ورموزها مما جعل الالتزام بالتسميات مبدأ وطني حاله حال اسم البلد و النشيد الوطني و العلم و اذا ما تساهل مسؤول او مثقف في الإلتزام بها و استخدمها أو لم يعترض على من يستخدمها بغير صيغتها الفارسية و هو في حضرته يترتب عليه ان يتحمل الهجوم الإعلامي والرد على منتقديه و بالمقابل سيلقى أي موقف إيجابي و تصريح يؤكد على استخدام هذا المصطلح المزيف ترحيب وإشادة المؤسسات و اجهزة الإعلام الفارسية.

على خلفية لقاء متكي وزير خارجية الدولة الفارسية، ونظيره البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في هامش مؤتمر "أمن الخليج" في المنامة، و إصرار متكي على استخدام المصطلح المزيف للخليج العربي، و تقديمه بالصيغة الفارسية أشاد الإعلام الفارسي بهذه التصريحات بينما هاجم وزير الخارجية البحريني الذي قلل من أهمية الإدعاءات التي يتشدق بها الفرس و استخف باللهجة وزير خارجية الدولة الفارسية، و اعتبر ان للخليج عدة تسميات و هو في نهاية الأمر ممر مائي ومن هذا الباب قدم اقتراحا في بادرة حسن نية ليست الأولى قد يتوقع الرد الفارسي عليه لكن أراد ان يسمع العالم من حوله إنما تقوله الدول الفارسية من أخوة اسلامية وغير ذلك لا تدل عليه أية شواهد في سلوكها.

هذه التصريحات اشعلت النعرات الفارسية مجددا و خصصت المواقع واجهاتها الى مواد وصور تحمل الصيغة الفارسية وظفتها لدعم خططها لتزييف الخليج و إفراغه من هويته الإنسانية والعربية، وفي هذا الإطار كشفت المواقع المؤيدة للنظام و المقربة من الرئيس المشكوك في شرعيته، موقف ولي الفقيه العسكري من تسمية الخليج عندما كان رئيسا للجمهورية، وقبل أشهر فقط من تربعه على الزعامة المطلقة  أي نيابة الله على المعمورة ، في لقاء جمعه مع اعضاء مؤسسة دائرة المعارف الإسلامية  أحد المؤسسات التي تعمل على تكريس مفاهيم الدولة الفارسية، كان قد انتقد فيها الكويت لإستخدامها مصطلح الخليج العربي في اطلس تاريخ الإسلام.

خامنه اي الذي اهداه أمير الكويت المغفور له نسختين من أطلس تاريخ الإسلام بعد عامين هاجم الأطلس الذي نشره الكويتيين،  طبقا لسرد المواقع الفارسية هذه الأيام، خامنه اي الذي قال انه لم يطلع على مضمون الكتاب و يبدو انه أكتفى بمشاهدة الخرائط المستخدمة قال لأعظاء مؤسسة دائرة المعارف الإسلامية الإيرانية التي تأسست بأوامر خميني في عام  1983 " الأطلس يستخدمه جميع المسلمين تقريبا لا يمكننا نقله الى اللغة الفارسية أو نشره بالمكتبات حتى ولو قدموا لنا الأموال نقدا لأنه يستخدم مصطلح الخليج العربي "!!.

و يضيف خامنه اي " وإذا ما أردنا ترجمته في يوم من الأيام نستخدم مصطلح الخليج (الفارسي) " و في حديثه يتهم مؤلفين الموسوعة بتغيير الخرائط مشيرا الى افلات خريطة من ايدي الناشرين و هي تحمل الاسم الفارسي المزيف.

وفي ختام السرد المذكور من موقف خامنه اي من تسمية الخليج يؤكد أن بعض الأمور تتجاوز التسمية و هي تحمل دلالات سياسية إعتقادية، كل هذا السرد الذي لا قيمة له، خرج من أرشيف ولي الفقيه والذي يعتبر كلامه وحيا منزلا لبعض المتطرفين امثال احمدي نجاد و هو لا ينطق عن الهوى، كل هذا من أجل تدعيم موقف الفرس و خطابهم المتشدد تجاه عروبة الخليج و المضي قدما في تفريسه.

وكما اسلفنا أن المواقف المتشددة في تفريس المنطقة سمة مشتركة لجميع الفرس في داخل النظام الملالي و خارجه،  فالوبيات الفارسية على اختلاف مشاربها و أهدافها لا تختلف تجاه هذا المبدأ و عملت  على توجيه بعض من ترعرع في كنفها والمدافعين عن رؤيتها لترويج هذه التسمية والدفاع عنها في مختلف المنابر و استخدمت اساليب مختلفة لتغيير الكتب والموسوعات العالمية و نجحت في إستدراج بعض الأقلام المأجورة لمؤسساتها الثقافية ذات الطابع العنصري .

الموقف المتشدد هذا لا يرحم من يتساهل بإستخدام الأسم المزيف، قبل أسبوعين فقط تعرض وزير الطرق والموصلات في حكومة نجاد لهجمة إعلامية شرسة من مختلف الجهات وحتى الجهات الإعلامية المؤيدة لفريق المحافظين الأصوليين لم تتردد في نقد الوزير الذي استعمل مصطلح الخليج بدون الصيغة الفارسية المزيفة و الذي سحبت المواقع تصريحاته على عجل لتعديل المصطلح و نشره بما يسد الابواب التي تهب منها رياح النقد من القريب و البعيد، هذه صورة بسيطة من عنصرية هذا القوم الذي يحمل لواء الدفاع عن المظلومين في العالم.

ثمة دروس فيما تقدم من مواقف الفارسية يستفاد منها لنا كأحوازيين وعامة العرب الاول هو الإلتزام بثوابتنا الوطنية و الدفاع عنها في أية حال من الأحوال و التصدي للعابثين بها و المشوهين لصورتها الحقيقة و ثاني دروس المستفاد منها معرفة العقلية الفارسية عندما تريد السيطرة و التوسع في المنطقة وتفريس الخليج احد بنود هذه الإستراتيجية التوسعية الذي افرزها العقل الفارسي في ظل تراجع العرب و تنازلاتهم اليومية للآخرين على حساب تاريخ حضارتهم و ماضيهم الزاهر و مصلحة شعوبهم و مستقبل اجيال التي ترث الأرض و ما عليها و تاريخ الأحواز تحت الإحتلال الفارسي الذي يعمل على أفراغه من الهوية نموذج حي لهذه الإستراتيجية العدوانية تجاه العرب و هويتهم.

فالالتزام بالمبادئ امر لا يمكن التساهل تجاهه و علينا كعرب ان نلتزم بمبادئنا و ثوابتنا الوطنية و لا نقدم الحلول من باب الضعف التي تشجع توهمات الأعداء، إفراغ المنطقة من هويتها و تركيب هوية جديدة، إستراتيجية خطيرة من عقول الدولة الفارسية تحولت إلى ثقافة عامة لدى الفرس في إطار العدائية للفرد العربي المنتشرة في تراثهم، والذي يرى في دخول الدين الإسلامي نهاية عصوره الذهبية مما جعله يعاني من إزدواجية في مواقفه من قضايا الأمة العربية الإسلامية و إحتلال الأحواز و قمع الأحوازيين العرب منذ أكثر من ثمانية عقود و محو هويتهم وخطط تغيير تركيبة الأحواز الديموغرافي أثبتت حقيقة العقل الفارسي  الذي يبني من حوله صروح من المفاهيم المزيفة لفرض أمر الواقع على الآخر.

على ضوء ما تقدم تبقى امور مثل تنشيط الذاكرة الخليجية و عدم التنازل عن أراضي الأحواز العربية المحتلة و الجزر الإماراتية بأي حال من الأحوال و التأكيد على عروبتها التاريخية الحضارية و التصدي للخطاب الطفيلي العنصري الفارسي،  بخطاب ذكي و فاعل و علمي و خلق البيئة الملائمة له مستقبلا هو ما نتماه و تلح عليه أوضاعنا المأساوية في الحاضروهو ما سوف تحاسبنا به أجيال المستقبل  و  في النهاية  يبقى الأفق مطروحا للكتابة في هذا الموضوع  و هذه دعوة في قالب ابيات من شعر - فريدريش شيلر -لمن يدرك مضمونها

يا صديقي هكذا كانتْ وتـبــــقى دائـماً في ذا الطّـريـق

إنَّ للضّعفِ قوانـينَ، بـها يُصبح العاجزُ في هَـمٍّ وضيقِ

لكنِ القـوَّةُ معـقـودٌ لـها كلّ ُ نصرٍ في غروبٍ أو شروق

 

* صحفي  احوازي

عدد القراءات : 2388
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات