احدث الاخبار

"القاعدة"في اليمن... معضلة أميركية

اخبار السعيدة - كتب - والتر روجرز         التاريخ : 02-12-2010

ربما يكون تعقب ناشطي تنظيم "القاعدة" اليمني، الذين خططوا ونفذوا عملية شحن قنبلتين إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، أكبر تحد يواجهه خبراء مكافحة الإرهاب الأميركيون اليوم. فكيف يمكن العثور على عدو وخوض حرب ضده دون استخدام القوة العسكرية؟ هذه هي المعضلة الرئيسية التي يواجهها خبراء مكافحة الإرهاب الأميركيون. ويتعين على واشنطن التصدي لجماعة إرهابية دولية في دولة لا تستطيع غزوها ولا احتلالها ولا حتى التنقل فيها بحرية تامة. والأسوأ من ذلك كله، أن الاحتمالات الثلاثة الأخيرة ربما تأتي بنتائج عكسية تماماً، حتى وإن افترضنا قدرة واشنطن على غزو اليمن أو احتلاله، أو التحرك فيه بالحرية التي تريدها لأجهزتها الأمنية والاستخباراتية.

وباستثناء باكستان، ربما يبدو اليمن الملاذ الأكثر أمناً للإرهابيين اليوم. وتدرك واشنطن أن أي تصعيد للعمل العسكري من جانبها هناك، سوف يدفع المزيد من مواطني ذلك البلد الذي يعد من أفقر بلدان العالم وأكثرها حاجة إلى التنمية نحو التطرف المعادي لأميركا. والمسألة جغرافية، على حد قول "باربرا بودين"، السفير الأميركي السابق باليمن. فالمشكلة أن اليمن كله عبارة عن صحراء جبلية، وأن مساحته تساوي نحو ثلاثة أرباع مساحة تكساس. ويتألف تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية من نحو 150-300 مقاتل قادرين على حماية أنفسهم بدعم القبائل المحلية، والاندماج في المجتمعات الحضرية في صنعاء وعدن. وتشبه محاولة البحث عنهم العثور على إبرة في وسط التبن. وحذرت السفير السابق من أن يستغرق البحث عن مخططي شحنات القنابل الأخيرة هذه بضع سنوات.

كما يعرف اليمن بقسوة ظروفه المناخية التي منعت الإمبراطورية الرومانية في عز منعتها وقوتها عن إخضاع اليمن لنفوذها، باستثناء محاولة واحدة فحسب. وحتى في هذه المحاولة الوحيدة، تضافرت حرارة الشمس الحارقة وشراسة مقاتلي القبائل اليمنية في رد جنود الإمبراطورية الرومانية على أعقابهم فلم يكرروا محاولتهم أبداً.

أما اليوم، فإن ما يخيف جداً أن الريف اليمني يفيض بالأسلحة والبنادق الخفيفة بمختلف أنواعها، حيث يبلغ عددها 50 مليون قطعة سلاح ناري لكثافة سكانية تصل إلى 23 مليون نسمة. كما حذر "برنارد هيكل" -أستاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون- من أن "اليمنيين مقاتلون أشداء لا يكفون عن مقاتلة بعضهم أبداً، وأن القبائل المسلحة تمتد بمساحة اليمن كله".

وقد اكتسب تنظيم "القاعدة" بشبه الجزيرة العربية خبرات في تطوير خططه وتكتيكاته بحكم عمله في إحدى أشد مناطق العالم جفافاً وقسوة. ووفقاً لهيكل، يبدو أن هذا التنظيم بات جاذباً جداً لأفراد الجاليات المسلمة في الغرب. وتجدر الملاحظة أن والد زعيم تنظيم "القاعدة"- أسامة بن لادن- من محافظة حضرموت، وأن ناصر الوحشي -الذي يتولى قيادة التنظيم في شبه الجزيرة العربية- كان أحد تلامذة بن لادن. ومن رأي بعض المختصين اليمنيين أن تنظيم "القاعدة" المحلي يسعى إلى منافسة تنظيم "القاعدة" الأم الذي يعمل من داخل الأراضي الباكستانية. ولعل هذا ما دفع وكالة المخابرات المركزية الأميركية إلى اعتبار تنظيم "القاعدة" اليمني خطراً أشد على أمن الولايات المتحدة من تنظيم القاعدة الرئيسي في باكستان.

ثم إن مقاتلي "القاعدة" في اليمن هم من أنجال وأحفاد أولئك المقاتلين الذين انخرطوا في صفوف المجاهدين الأفغان قبل نحو 35 عاماً حرصاً منهم على المشاركة في هزيمة "الطاغوت" السوفييتي على حد وصفهم. وقد تعضدت شوكة مقاتلي التنظيم اليمني مؤخراً، إثر الجهود التي بذلتها السعودية في مكافحته، ما اضطر الكثير من المتطرفين الناجين هناك إلى عبور الحدود اليمنية.

ومن رأي البروفيسور جريجوري جونسون -خبير الشؤون اليمنية بجامعة برينستون- أن "على الولايات المتحدة أن تتعلم خوض نوع مختلف جداً من الحروب في ميادين وساحات عسيرة صعبة، لا تستطيع فيها استخدام جبروتها العسكري. ولذلك فسوف يستغرق تغيير اتجاه تيار العنف والإرهاب الجاري حالياً وقتاً طويلاً، مع ملاحظة أنه ليس لأميركا من خيارات كثيرة هناك".

وهناك من يسعى في واشنطن إلى ضم اليمن إلى قائمة الدول الفاشلة، على الرغم من أنه لم يصل إلى هذه المرحلة بعد. كما يجب القول إن البيئة الشعبية العامة في اليمن معادية لأميركا.

وعليه، فإن التحدي الرئيسي الذي تواجهه واشنطن في مكافحة هذا الخطر، يتمثل في مساعدة اليمن على الحد من مخاطر الإرهاب الداخلي التي تهدد الأمن الوطني والدولي معاً. ولكن يتعين على واشنطن تفادي تكرار مجموعة الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها في العراق وأفغانستان.

المصدر : الاتحاد الاماراتية
عدد القراءات : 3934
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات