احدث الاخبار

حوار بعد الامسية

حوار بعد الامسية
اخبار السعيدة - بقلم - هايل علي المذابي         التاريخ : 21-05-2009

تجاذبنا أطراف الحديث أنا وصديقي بحوارية نقدية بعد خروجنا من إحدى المؤسسات الثقافية والتي تعنى بالثقافة والمثقفين عناية جديرة بالتنويه والتقدير، وقد أقيمت فيها أمسية قصصية لقاصين تصدرت قائمة الفعاليات والبرامج الثقافية السنوية للمؤسسة..
اتفقنا في بداية الحوار على تجاوز جانب الإلقاء عند القاصين لأسباب يعرفانها رغم أن جانب الإلقاء يمثل نصف جمالية القصة، وتجاوزنا هذا إنما هو من أجل أن يصير حوارنا حواراً نقدياً بناءً.. منصفاً..
قلت: قصتا القاصة التي بدأت بهما وجميع قصص القاص الآخر أستطيع إدراجهما تحت إطار ما يسمى بالأدب المكشوف "ثم أردفت مضيفاً".
-يقول كيتس "إننا نكره الأدب الذي يتجه إلينا بصدف واضح تماماً.."
- كيف؟ وعلى أي أساس بنيت كلامك؟
- يجب على الأديب "المؤلف" عندما يؤلف قصته أن يضع نصب عينيه أهم ما يميز أدبه عن لكلام المبتذل الواضح عند غمار العامة..
كما يجب أن يكون هناك معنى يقف خلف كواليس "النص الأدبي" يسترق النظر إلى – المتلقي – الذي يلهمه بطنته ويزيح عنه الستار، ثم أولم تسمع البردوني حين قال:
أأفصل يا هذا خبري..
حسبي ومض المعنى حسبي..
هل تبحث عن ماءٍ ؟ إني
من ألفٍ أبحث عن صُلبي
من ذا تدعوه؟ أخمنه
سبئياً أضحى لا يسبى
هل تملك عنه توضيحاً؟
ما قتل المعنى من دأبي

صديقي يسأل وقد تملكته الحيرة:
- ما الذي أبقيته من مواطن الجمال في قصصهم؟
- ليس المهم أن يبقى، بل المهم أن يكون نقدنا بناءً كما اتفقنا، ثم ألم ترَ كيف كان استخدام القاصين لبعض القضايا اللغوية، خذ مثلاً – القاصة – قامت باستخدام حروف الجر جاهلةً معانيها ما حدا بها إلى استخدامها في غير موضعها..
- لماذا أنت حازمٌ في حكمك حزم القاضي؟!
- إذا كنت عزيزي منطلقاً في سؤالك هذا من منظور "إناتول فرانس" الذي يُنرك على الناقد صفة القاضي الذي يحكم بالإدانة أو البراءة، فالناقد الأمريكي "إيفور ونترز" يجعل الحكم على النص من العناصر المهمة في عملية النقد..
ثم إن البراعة ليست في أن يعطي المؤلف قصةً ما، ولكن البراعة هي في ما يتخللها من مواقف تحليلية ووصفية ومن حوار وآراء تتناول شئون الحياة، والفكر والمجتمع ومدى ما في هذه المواقف والآراء والأحاديث من انسجام مع سياق القصة وجودها وموضوعها..
صديقي وقد احتدم الحوار:
- هناك فرق بين حكم الناقد (والذي يجب أن يكون رقيقاً) وبين حكم القاضي الحازم..
فالأسس والمقاييس النقدية ليست قواعد دقيقة، و لا هي قوانين مضبوطة، خلاف القوانين التي يقيم عليها القاضي حكمة، فإن فيها دقة، ويشبه أن يكون عليها اتفاق بخلاف ما في النقد وقوانينه..
وأردف مضيفاً:
يجب أن يكون موقفنا كموقف الناقد الإنجليزي "جارود" الذي يقول: "لو كان من الضروري أن يحاكم الناقد – المؤلف أو الشاعر – فيمن رأيي أن ينصب حكمه على ما يأتون من خير لا على ما يرتكبون من أخطاء، وإن أعظم النقاد هم المشرعون لا القضاة.."
هدأ الحوار بعدها لخمس دقائق تزيد أو تنقص قليلاً بعد أن استقلينا أحد الباصات، وما كدنا ننزل منه، حتى استأنفنا الحوار من جديد، ولكنه كان قد أخذ منحى آخر..

HAYYL83@YAHOO.COM

عدد القراءات : 2493
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات