احدث الاخبار

العنف داخل المدارس المصرية خارج السيطرة

العنف داخل المدارس المصرية خارج السيطرة
اخبار السعيدة - القاهرة (مصر)- تحقيق - أميرة الرفاعى عثمان         التاريخ : 25-11-2010

إذا كان العنف المدرسي ليس وليد الساعة ، فإن حدته ارتفعت وأصبحت واضحة للجميع ، فالعنف المدرسي سلوك غير مقبول ولا حضاري، يؤثر في النظام العام للمدرسة ويؤدي إلى نتائج سلبية تتعلق بالتحصيل الدراسي للطالب وبالعملية التربوية والتعليمية بشكل عام، وتنقسم هذه الظاهرة إلى عنف مادي كالضرب والمشاجرة ، والتطاول على المعلمين والعنف ضد الغير، ومعنوي كالسخرية والاستهزاء والشتم والعصيان وتعمد عدم حضور الحصص الدراسية، وإثارة الفوضى، والهروب من المدرسة، والغياب بغير عذر مقبول وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى العنف المدرسي فمنها ما يتصل بالمؤسسة التربوية نفسها، وأخرى بفعل طبيعة العلاقة بين المعلم والطالب، ومنها أسباب تنظيمية كغياب القوانين واللوائح التي تحكم عمل المؤسسات التربوية، بالإضافة إلى ضعف التواصل والتعاون بين مجالس أولياء الأمور وإدارات المدارس .

 

وفى كل يوم يمر نسمع عن واقعة جديدة كأحد أشكال العنف تتجسد داخل مدارس محافظات مصر، لذا طرحنا القضية للمناقشة فكان هذا التحقيق.

 

بداية يقول أحمد عزت - طالب بالمرحلة الإعدادية - تعرضت للضرب العنيف من قبل مدرس الرياضيات كي أخذ عنده درس خصوصي مع علمه أنني أخذ درس عند مدرس أخر غيره وهذا المدرس يلجأ ويستخدم هذا الأسلوب دوما معي ومع غيري من التلاميذ كي يذهبوا عنده ويأخذوا درس خصوصي والطلبة التي تأخذ عنده درس خصوصي يتمتعوا بمعاملة من أحسن ما يكون حتي وإن كانوا دون المستوي ومن أضعف الطلاب من حيث المستوى الدراسي فى المادة. فيتعرض الطلبة أحيانا كثيرة للضرب من قبل المدرس من أجل "المال والدروس الخصوصية" وكثيرا يتعرضون للضرب لأسباب لا تستحق الضرب أصلا والمدرس الذي يستخدم هذا الأسلوب يفقد احترام الطلبة له.

 

ويعارضه في القول عمر أحمد ومنة الله محمد - بالمرحلة الابتدائية - قائلين أن المدرس عندما يضرب الطالب يكون الطالب هو المخطئ والمدرس في الغالب يكون هو المحق ولكن رغم ذلك لا نحبذ أسلوب الضرب في التعامل فلابد من وجود أسلوب آخر غير الضرب لأن أسلوب الضرب يجعل الطالب - حتي ولو كان هو المخطئ  - يكره المدرس .  

 

وتقول أميرة عبد العزيز - مدرسة لغة عربية بالمرحلة الإبتدائية – لا مانع من الضرب غير المبرح وغير المؤذي للتلميذ للتنبيه علي جدية العقاب من قِبل المعلم للتلميذ وهذا الأسلوب يأتي بنتيجة إيجابية مع التلاميذ وأري أن الدروس الخصوصية لعبت دوراً في تفاقم هذه المشكلة حيث يخضع المدرس للتلميذ ويفقد احترام الطالب له والعنف من قبل الطالب هو انعكاس للعنف في المنزل والعنف في الشارع والتسيب في المجتمع ولحل هذه المشلكه لابد أن تعود العلاقة بين الطالب والمعلم دون تدخل من قبل ولي الأمر أو إدارة المدرسة لأنني أقدَر علي فهم تلاميذي من أي شخص آخر .

 

ويعارضها في القول ( س.ع.م ) معلم أول تربية دينية بالمرحلة الابتدائية - قائلا أنا ضد أسلوب الضرب في التعامل مع الطالب لان هذا الأسلوب يسبب كراهية الطالب ليس للمعلم فقط وإنما للمادة وللمدرسة ايضا ولابد من جعل الحافز والحرمان من حضور الحصة هو الأسلوب المتبع في معاقبة الطالب الغير ملتزم وأري أن الدروس الخصوصية لعبت دورا لا يستهان به في تراجع وتدني قيمة المعلم والعملية التعليمية لأن المعلم أصبح لا يقوم بدوره الحقيقي داخل الفصل ليجبر التلميذ علي أخذ الدروس وتواجد المدرس داخل بيت الطالب أفقده هيبته ، ولحل هذه المشكلة لابد من إعطاء الطالب والمعلم حقهم حتي تستقر العملية التعليمية .

 

وتقول شادية عبد الوهاب - أخصائي أول بإحدى المدارس الإعدادية  - إن الضرب كشكل من أشكال العنف المدرسي يعطل الإدراك الحسي ويفسد الذاكرة ويسبب كراهية العلم والضرب يخلق التشاؤم لدي الطالب ويقتل الإبداع وينتهك الكرامة الإنسانية ويسبب العقدة النفسية ويشل الإرادة وإنني أري أسباب هذه المشكلة ترجع إلي تأثير البيئة المحيطة وأسلوب التنشئة والتربية وإختلاف القبليات وتعددها وتأثير المجتمع المدرسي والظروف الإقتصاديه وأجهزة الإعلام فكل من هؤلاء يلعب دوره في تفاقم هذه المشكلة ولحل هذه المشكلة لابد من التوسع في فتح العيادات النفسية وعقد الندوات والمؤتمرات والنصح والإرشاد والإشتراك في جماعات النشاط وعمل برامج تأهيل للمعلم وأيضاً عمل برامج علاجية للطالب .

 

ويقول الدكتور رشاد أبوالمجد - أستاذ أصول التربية بجامعة جنوب الوادي - أن هذه المشكلة ترجع إلي عدة أسباب منها أسباب تتعلق بطالب العلم وهذه الأسباب تكمن في إعتماده بصورة كبيرة علي الدروس الخصوصية مما ترتب عليه الشعور المتزايد والمتنامي بعدم أهمية المدرسة ، ثم وسائل الإعلام المختلفة وما تبثه من برامج تدعو إلي العنف أو يستشعر منها الدعوة إلي العنف فدائماً التلميذ يجنح إلي التقليد ثم ضعف سلطة الأبوين وإحساس التلميذ بأنه غير مراقب من ولي الأمر .. وهناك أسباب ترجع إلي ولي الأمر منها الخوف والحماية الزائدة علي الابن وضعف الرقابة من قِبل ولي الأمر ثم انشغال الأسرة بمهام أخري كثيرة لزيادة العائد الإقتصادي للأسرة أعطي الإحساس بتدني المستوي الإجتماعي للمعلم ثم زيادة وعي ولي الأمر بالقوانين واللوائح والعمل التعليمي المدرسي.

 

ويضيف د. رشاد قائلا أن هناك جانب علي الإدارة المدرسية يتمثل في قلة ثقافة المعلم الحديث ، وعدم درايته بالقوانين واللوائح المنظمة لإدارة المواقف التعليمية ، ولجوء المعلم إلي  فرض الدروس الخصوصية علي التلاميذ لتحسين مستواه المعيشي ثم عدم الإحترام المتبادل بين المعلم وولي الأمر والتلميذ ثم فقد الصلة بين المدرس والمجتمع وضياع دور المدرسة في تنمية المجتمع كل هذه الأسباب وغيرها أدت إلي الخلل التعليمي وظهور العديد من المشكلات منها العنف المدرسي . 

 

ويُرجع  الدكتور السيد عوض رئيس قسم الإجتماع بكلية الآداب بقنا - أسباب العنف لإنهيار الموروثات الثقافية ، والتغيرات التي شملت البناء الاقتصادي والثقافي للمجتمع وأثرت علي قيمه وعاداته التي ترتب عليها عنف الطلاب والمدرسين ، ثم تفشي الليبرالية والتي ترتب عليها جرائم كثيرة باسم الحرية منها الاغتصاب وهتك العرض وشيوع ظاهرة العنف الجماعي بين الطلبة ويظهر العنف عندما لا توفر المدرسة الفرصة للطلاب للتعبير عن مشاعرهم وتفريغ عدوانيتهم بطرق سليمة.

 

ويشير د. عوض إلى أن العنف يرتبط بعدة عوامل منها عوامل ذات صلة بالظروف الاجتماعية إذ تظل الظروف الاجتماعية من أهم الدوافع التي تدفع التلميذ لممارسة فعل العنف داخل المؤسسات التعليمية إذ في ظل مستوى الأسرة الاقتصادي المتدني وانتشار أمية الآباء والأمهات وظروف الحرمان الاجتماعي والقهر النفسي والإحباط والإهمال والتفكك الأسري ، كل هذه العوامل وغيرها تجعل هؤلاء التلاميذ عرضة لاضطرابات ذاتية .

 

ويقول الدكتور جبارة عطية جبارة - الأستاذ بقسم الاجتماع بكلية الآداب بقنا - أن العنف المدرسي عقدة اجتماعية يصاب بها الأفراد نتيجة لطبيعة المجتمع الأبوي والسلطوي فمثلا استخدام العنف من قبل الأخ الأكبر أو المدرس هو أمر مباح ويعتبر في إطار المعايير الاجتماعية السليمة ، وحسب النظرية النفسية الاجتماعية فإن الإنسان يكون عنيفاً عندما يتواجد في مجتمع يعتبر العنف سلوكاً ممكناً، مسموحاً ومتفقاً عليه  . وبناءً على ذلك تعتبر المدرسة هي المصب لجميع الضغوطات الخارجية فيأتي الطلاب المٌعنّفون من قبل الأهل والمجتمع المحيط بهم إلى المدرسة ليفرغوا الكبت القائم بسلوكيات عدوانية عنيفة يقابلهم طلاب آخرون يشابهونهم الوضع بسلوكيات مماثلة وبهذه الطريقة تتطور حدة العنف ويزداد انتشارها، إذا كانت البيئة خارج المدرسة عنيفة فإن المدرسة ستكون عنيفة فالطالب في بيئته خارج المدرسة يتأثر بثلاث مركبات وهي العائلة والمجتمع والإعلام وبالتالي يكون العنف المدرسي هو نتاج للثقافة المجتمعية العنيفة.

 

* الصوره نقلا عن egynews

عدد القراءات : 10951
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
alaa
أود أن ألفت إنتباه القراء بشكل عام وبشكل خاص ضحايا مثل هذه الاعتداءت المؤلمة وكذلك كافة الجهات الخيّرة التي تختص برصدها ومعالجتها إلى الموقع الإلكتروني لـ ’مركز علاج الصدمات النفسية عن طريق الإنترنت’
سمكة
الموضوع فى غاية الاهمية وهذا المدرس ليس عنده اداب للمهنة