احدث الاخبار

التجربة الصينية لتطوير التعليم بحث علمي

التجربة الصينية لتطوير التعليم بحث علمي
اخبار السعيدة - كتب - أ. د. محمد سعد عبد اللطيف         التاريخ : 09-07-2010

كانت البداية الحديثة للاهتمام بالتعليم في عام 1949 وهو ما واكب اندلاع الثورة الصينية وقيام دولة الصين الحديثة، فقد أرادت الحكومة وقتها إصلاح النظام التعليمي، فلم يكن الكثيرون من أفراد الشعب الصيني يحصلون على قسط وافٍ من التعليم، بل كان مقصوراً على فئة بعينها من أبناء الأسر الإقطاعية دون غيرهم من عامة الشعب.

وكان الهدف الأساسي لإصلاح النظام التعليمي هو توفير قوى عاملة مدربة ماهرة تفي بحاجات الأهداف التنموية للشعب الصيني.

ومع حلول عام 1954م أصبح حق التعليم حقاً مكفولاً لكل أفراد الشعب الصيني بموجب الدستور، ولضمان تمتع الجميع بهذا الحق قامت الحكومة الصينية آن ذاك بتشييد مختلف أنواع المدارس والمؤسسات التعليمية والثقافية.

إلا أن المواد الدراسية -التي كانت تدرس وقتها في مرحلة التعليم العام والتي تصل مدتها 12 عاماً- لم تكن على المستوى العلمي والتكنولوجي المطلوب، وهو ما جعل كثيراً من الطلبة يتركون الدراسة لإحساسهم أن محتوى المواد التعليمية لا يتوافق وقدراتهم ولا يشبع حاجاتهم.

وفي عام 1958م جاءت أول محاولة منظمة من جانب الحكومة لإعادة هيكلة العملية التعليمية لتتماشى مع متطلبات الاقتصاد القومي، إلا أنها باءت بالفشل بسبب عدم التنسيق بين مختلف عناصر العملية التعليمية، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها الصين ما بين نهاية عام 1958 وعام 1959 وكانت النتيجة التخلي عن سياسة الإصلاح التعليمي مؤقتاً.

وفي المؤتمر الشعبي الثاني الذي عقد في إبريل 1960 نادى لوتينج نائب رئيس الوزراء في تلك الفترة بتبني سياسة إصلاح تعليمية حقيقية تضع في اعتبارها الاستفادة من التكنولوجيا التعليمية، وفي المؤتمر نفسه دعا وزير التعليم هسيو فينج إلى إيجاد أنواع متعددة من الدراسة: مثل الدراسة الليلية، والدراسة بالمراسلة أو من خلال برامج الراديو والتلفزيون، بالإضافة إلى قيام وزارة التعليم في هذه الفترة بالتوسع في إنشاء المعامل المدرسية وإنتاج الأفلام التعليمية وتوفير الأجهزة اللازمة لتطبيق التكنولوجيا الحديثة بالمدارس، وأطلق على هذه العملية التعليمية اسم «التعليم عبر الوسائط الإليكترونية».

وبحلول عام 1966 بدأت «ثورة البروليتاريا الثقافية» والتي استمرت حتى عام 1976، وخلال هذه الفترة قطعت الصين علاقاتها مع العالم الغربي ورفضت كل ما هو غربي حتى الأجهزة التعليمية التي كانت تستوردها من الولايات المتحدة امتنعت عن شرائها، مما جعلها تنتج هذه التكنولوجيا داخل الصين.

كما تم تجريم المفكرين والمعلمين ومحاكمتهم لتبنيهم ثقافات غربية، وتم حجب المعلمين عن الإلمام بكل ما هو جديد وارد من الغرب في مجال التعليم. وانقطعت صلتهم بالعالم الخارجي مما أثر على عملية الإصلاح التعليمي، وفي ظل هذه الظروف برز على السطح نظام التعليم الأسري، أي تعليم أفراد الأسرة الواحدة بعضهم البعض، ونظام التعليم الذاتي دون مساعدة المعلمين، إلا أن هذه النظم التعليمية كانت محدودة الانتشار، وهو ما دللت عليه إحصائيات القوى العاملة بالصين وقتها، فقد أفادت أن أكثر من نصف القوى العاملة بالصين والتي انضمت إلى سوق العمالة بعد عام 1966 ممن هم دون سن الثلاثين حرموا التعليم وهو ما جعل الحاجة إلى التعليم أكبر من ذي قبل.

وفي عام 1977 اتبعت الصين سياسة تنموية تركز على 4 عناصر أساسية للوصول إلى التقدم المنشود وهي الصناعة والزراعة والدفاع والعلم والتكنولوجيا، وكان نصيب الإصلاح التعليمي كبيراً من سياسات الإصلاح والانفتاح التي اتبعتها الصين.

ومع بداية الثمانينيات أصبح النظام التعليمي من أهم العوامل التي تؤثر بالإيجاب على التنمية الاقتصادية إذا أحسن استغلاله، وهو ما أكدته القيادة الصينية من خلال قرار اللجنة المركزية في عام 1985 بجعل التعليم الأساسي إلزامياً، وهو القرار الذي أقره البرلمان الصيني عام 1986، كما نص القرار نفسه على تغيير المناهج التعليمية وطرق التدريس، وواكب الإجراءات الإصلاحية في النظام التعليمي تعاظم استخدام أجهزة الكمبيوتر في التعليم، كما تم إنشاء وحدات تعليم سمعية وبصرية في حوالي 62% من المقاطعات الصينية، ومراكز إعلامية في 83% من إجمالي المؤسسات التعليمية.

وتم إنشاء مؤسسات تعليمية لإعداد المعلمين بهدف تدريبهم على استخدام التكنولوجيا الحديثة وتمرينهم على طرائق التدريس الحديثة.

وشملت سياسة الإصلاح التعليمي المناطق الريفية خصوصاً وأن حوالي 87% من سكان الصين يسكنون المناطق الريفية، وطبقاً لإحصاءات عام 1990م، فإن 62% من سكان الريف لم يستكملوا تعليمهم الأساسي بسبب معاناة الكثيرين الفقر المدقع وارتفاع تكاليف التعليم الأساسي والإعدادي. فطبقاً للتقرير السنوي للتنمية لعام 1994، وصلت تكاليف التعليم الأساسي للطالب الواحد في الريف الصيني إلى 14.408 يواناً، بينما تكاليف التعليم الإعدادي للطالب الواحد 267.3 يوانا، لذا رأت الحكومة الصينية ضرورة دعم التعليم في الريف الصيني مع توفير الأجهزة التعليمية الضرورية، كما تبنت الحكومة الصينية برنامجاً لإنشاء المكتبات بالمدارس الريفية حتي تصبح الكتب في متناول جميع الطلاب والمناطق الريفية. وتهتم الحكومة الصينية اهتماماً خاصاً بتطوير الخدمة التعليمية المقدمة للأطفال في الصين.

وبفضل الجهود المشتركة المبذولة من قبل الحكومة والمجتمع معاً أحرزت الصين تقدماً ملحوظاً في مجال تعليم الأطفال.

وكانت الصين خلال السنوات الأخيرة قد أنشأت جهازاً لجمع الأموال المخصصة لتعليم الأطفال، هذا بالإضافة إلى أموال أخرى يتم جمعها من مصادر مختلفة، ويعمل هذا الجهاز على تشجيع الحكومة الصينية والمحليات على جمع أكبر قدر من هذه المخصصات المالية حتى يزيـد عـدد الفـرص التعليميـة لتشمل عدداً أكبر مـن الأطفال.

وتـولـي الحكـومـــــة اهتمامــاً لتنمية التعليم في المناطق النائية والفقيرة، بالإضافة إلى المناطق التي تسكنها الأقليات القومية.

ويعوق الفقر عدداً كبيراً من الأطفال في الصين من الاستمرار في التعليم، لذا رأت الحكومة الصينية ضرورة مساعدة هؤلاء الأطفال لينالوا حقهم الطبيعي في التعليم، وذلك بمساعدتهم من خلال برامج مساعدة الفقراء على الالتحاق بالمدارس، وفي الوقت نفسه اتخذت الإجراءات الضرورية لمساعدة المتسربين من التعليم من هؤلاء الأطفال على العودة إلى المدرسة واستكمال تعليمهم.

ففي عام 1989 قامت مؤسسة الصين لتنمية الشباب بإنشاء مشروع الأمل في بكين وهو يقوم بتقديم منح مالية طويلة الأجل للأطفال الذين تسربوا من التعليم في المناطق الفقيرة بسبب ظروفهم العائلية القاسية، وفي أحيان كثيرة يقدم هذا المشروع المساعدات المالية التي تنفق على بناء المدارس أو إصلاحها أو لشراء الأدوات المدرسية أو حتى الكتب التي تساعد المدرس على أداء وظيفته على أكمل وجه.

وبنهاية عام 1995م استطاع مشروع الأمل جمع 690 مليون يوان مقدماً بذلك مساعدات مالية إلى 1.25 مليون طفل ليكملوا تعليمهم الأساسي، وتمويل بناء 2000 مدرسة ابتدائية تابعة للمشروع، وأقرت الحكومة قانون التعليم العام، وقانون التعليم الإلزامي، وقانون حماية الأطفال المعوقين، ولوائح وقوانين تعليم المعوقين، كما ركزت على تطوير مبادئ وطرائق التدريس لتتناسب وظروف الأطفال المعوقين.

فمن منطلق اهتمام الصين بتعليم الأطفال المعوقين تم إنشاء مدارس خاصة بهم ووضعت مناهج دراسية تتواءم وظروفهم، وسمح لبعض هؤلاء الأطفال المعوقين بالانضمام إلى المدارس العامة في حالات معينة بعد إنشاء فصول خاصة بهم في تلك المدارس. وبنهاية عام 1995 كانت الصين قد أنشأت 1379 مدرسة للمعوقين.

ريـاض الأطفـال

النظام التعليمي في الصين يشمل مراحل تعليمية مختلفة إلا أنه يولي اهتماماً كبيراً بإعداد الأطفال لمراحل التعليم الأساسية من خلال مرحلة الروضة، وهي تقبل التحاق الأطفال بها من سن ثلاث سنوات وتنتهي مع بلوغ الطفل ست سنوات. وتشجع الحكومة الصينية المؤسسات الحكومية والمنظمات الكبرى والأفراد على فتح روضات، وطبقاً لإحصاءات عام 1995 يوجد بالصين 180.000 روضة أطفال يلتحق بها قرابة 27 مليون طفل وهو ما يوازي 42.2% من إجمالي الأطفال في هذه السن، وفي المناطق الريفية توجد روضات مركزية في كل مركز، أما في القرى فتوجد فصول صغيرة تستخدم كروضات، أما في المناطق النائية سواء كانت جبلية أم مناطق ريفية لم تلحق بركب الحضارة، يقوم السكان المحليون هناك بفتح مراكز للأطفال في هذه السن عوضاً عن الروضات.

مراحل التعليم

طبقاً لإحصاءات عام 1997م فإن عدد الطلاب في كل المراحل المدرسية بلغ 215.35 مليون طالب بزيادة 8.4 في عام 1949، حيث كانت تبلغ نسبة الأمية بين أفراد الشعب الصيني 80%، بينما يشكل عدد طلاب المدارس الآن 98.9% من إجمالي عدد الأطفال في الصين ويبلغ عدد المدارس 729 ألف مدرسة.

أولاً: التعليم الأساسي:

مرحلة التعليم الأساسي جزء أساسي من التعليم الإلزامي الذي يشمل أيضاً مرحلة التعليم المتوسط، وذلك عملاً بسياسة تعليمية تبنتها الحكومة الصينية عام 1978 وأطلقت عليها اسم «نظام التعليم الأساسي»، الذي يقضي باستمرار الطالب في تلقي العلم لمدة 9 سنوات، وكانت لجنة التعليم التابعة للدولة، ووزارة المالية قد قررتا أنه خلال الفترة من 1995 إلى عام 2000 سيتم تخصيص دعم مالي بوساطة الحكومة المركزية، بالإضافة إلى الدعم المالي الذي ستقدمه الحكومات المحلية ليتم إنفاقه على تنفيذ مشروع التعليم الإلزامي القومي في المناطق الريفية. وقدرت هذه المخصصات المالية بـ 10 مليارات يوان، ويعمل هذا المشروع على تحسين أوضاع مدارس التعليم الأساسي والمتوسط في المناطق الفقيرة.

وتفيد إحصاءات منظمة اليونيسكو أن معدل الأطفال الذين في سن الالتحاق بالتعليم الأساسي في الصين يفوق بكثير معدل أمثالهم في دول أخرى على المستوى الاقتصادي والتنموي نفسه.

وتستمر مرحلة التعليم الأساسي 6 سنوات يتعلم خلالها الطالب اللغة الصينية والرياضيات، والتاريخ، والجغرافيا والطبيعة والرسم ويمارس الرياضة، وأضيف مؤخراً تعلم إحدى اللغات الأجنبية، وطبقاً لإحصاءات عام 1977 فقد التحق 139.95 مليون طالب في 629 ألف مدرسة ابتدائية والتحق حوالي 93.7% ممن أنهوا التعليم الأساسي بالتعليم الثانوي.

ثانياً: التعليم الثانوي:

وهو ينقسم إلى جزأين: التعليم المتوسط الذي يستمر لمدة ثلاث سنوات يدرس خلالها الطالب الكيمياء والفيزياء والأحياء وتاريخ الصين وتاريخ بعض الدول الأجنبية والجغرافيا، بالإضافة إلى دراسة اللغة الإنجليزية باعتبارها اللغة الثانية، ويزداد الاهتمام بمادة التربية البدنية.

أما التعليم الثانوي فمدته أيضاً ثلاث سنوات ويتم تدريس المواد نفسها التي تم تدريسها في التعليم المتوسط مع إضافة علم النفس والسياسة والفنون الجميلة، والطلبة الذين يتفوقون في مواد بعينها مثل التفوق الرياضي والأدبي بالإضافة إلى تفوقهم في المواد الدراسية، يسمح لهم بالالتحاق بالتعليم العالي دون اجتياز اختبارات القبول بالجامعات. ويصل عدد الطلاب في المدارس الثـانــويـــــة والمتوســـطـــة إلـــى 60.19 مليون طالب، ويبلغ عدد المدارس في هذه المرحلة 79 ألف مدرسة.

وهناك تعليم ثانوي خاص يشتمل على مناهج الدراسة العادية بالإضافة إلى مناهج التعليم الفني والمهني. وتصل مدة هذه المرحلة أحياناً إلى ثلاث سنوات، وأحياناً أخرى أربع سنوات. ومدارس التعليم الثانوي الخاص يدُرس فيها الهندسة والزراعة والطب والصحة العامة والمالية والاقتصاد والإدارة والعلوم السياسية والقانون والفنون والتدريس والرياضة البدنية. أما مدارس التعليم الفني فهي تقوم بتدريب العمال متوسطي التعليم، وبلغ عدد الطلاب في هذه المدارس خلال عام 1997 (46.54) مليون طالب يدرسون في 41.43 مدرسة.

ثالثاً: التعليم العالي:

في الماضي القريب كانت مؤسسات التعليم العالي التي يبلغ عددها 1064 مؤسسة تخضع لإشراف الحكومة (اللجنة التعليمية الحكومية) بالإضافة إلى بعض الوزارات والحكومات المحلية، هذا النظام أتى بنتائج إيجابية إلا أنه أدى إلى ظهور نواحي قصور كثيرة، لأن الحكومة عليها أن تقوم بتمويل هذه المؤسسات التعليمية ذات العدد الهائل ودائماً تجد نفسها عاجزة عن توفير المخصصات المالية المطلوبة، كما أن المؤسسات الأهلية لا تقدم مساهمات مالية كافية لسد عجز الحكومة المالي تجاه المؤسسات التعليمية، بتوفير حياة كريمة لكثير من المدرسين.

ولأن التعليم العالي كان يدار بوساطة الحكومة وفي عزلة عن التنمية الاقتصادية التي يتجه إليها المجتمع فقد جاءت كل إنجازات البحث العلمي بالمؤسسات العلمية غير مطابقة لاحتياجات المجتمع الصيني، وهو الأمر الذي جعل من المستحيل أن تتحول الإنجازات العملية إلى منتج يقبل عليه المستهلك.

لذا رأت اللجنة التعليمية أن أفضل حل لهذه الأزمة هو أن تخفف الدولة من قبضتها على المؤسسات التعليمية، وأن تشرف على هذه المؤسسات من بُعد، تاركة للمؤسسات التعليمية حق الإدارة الذاتية، وأن تسعى المؤسسات التعليمية إلى الحصول على الدعم المالي المطلوب من المجتمع نفسه، وبذلك أصبح علي الجامعات أن تتخذ القرارات التي تراها ملائمة لظروفها بما يحقق لها في النهاية أهدافها.

وكانت النتيجة أن رأت بعض المؤسسات التعليمية أن أفضل طريقة لإحداث الإصلاح والتطوير المطلوب للمؤسسات هو التوسع في خدماتها لتخدم أكثر من مجال، وبذلك ستنعم هذه المؤسسات بالدعم المادي من الحكومة المركزية والمحلية وتصبح مؤسسات تعليمية ذات إدارة مشتركة، وهي بذلك ستلعب دوراً إيجابياً في دعم الاقتصاد والتنمية المحلية.

وانتهجت مؤسسات تعليمية أخرى سبيلاً آخر لإصلاح نظامها التعليمي، فرأت أن أفضل سبيل هي الاندماج مع الشركات والتنظيمات الاجتماعية اعتقاداً منها أن اندماج التدريس والبحث العلمي والإنتاج سيسد الفجوة بين التنمية الاقتصادية والمجتمع، وبذلك أوجدت لنفسها دعماً مالياً من مصدر جديد بالإضافة إلى ما تتلقاه من دعم مالي من الحكومة المركزية والحكومات المحلية.

والمنهج الأخير الذي سلكته بعض الجامعات الأخرى هو الاندماج مع جامعة أخرى بهدف الاستفادة المشتركة من إمكاناتهما العلمية والمالية ولتخفيض حجم تكاليف العملية التعليمية، فهما تشاركان بعضهما في الاستفادة من المعامل والمدرسين والمكتبات الخاصة بهما وتدريب الخريجين والمدرسين.

وشمل إصلاح التعليم العالي إصلاح هيكل المواد الدراسية بالجامعات، لذا قررت لجنة التعليم التابعة للدولة خفض عدد التخصصات التي بلغت 813 تخصصاً إلى 504 بهدف التركيز على التخصصات التي تواكب حاجات المجتمع واقتصاد السوق والتطور العلمي والتكنولوجي وترك التخصصات المتشابهة التي لا طائل من تعلمها. كما تم الاستعانة بأساتذة أجانب اشتهروا بكفاءتهم العالية فيما يدرسونه ليقوموا بالتدريس في الجامعات الصينية.

ومنذ عام 1994 وحتى الآن تقوم لجنة التعليم بتنفيذ «خطة إصلاح المضامين الدراسية للقرن الحادي والعشرين» وهي خطة يندرج تحتها ما يتراوح بين 60 و70 مشروعاً، وتسمح الآن الجامعات لطلابها باختيار المواد والتخصصات التي يرغبون في دراستها وهو مخالف لما كان يحدث من قبل.

ومؤسسات التعليم العالي في الصين تتكون من الجامعات والمعاهد والكليات وتتراوح مدة الدراسة فيها بين 4 و 5 أعوام في تخصصات معينة، ومدة الدراسة بالكليات الخاصة بالتدريب المهني ثلاث سنوات وبعضها تستمر الدراسة بها مدة عامين. وتم إنشاء برنامج تعليمي يتم بمقتضاه منح الدارسين درجة الماجستير والدكتوراه، ولهؤلاء الذين يرغبون في تحسين أوضاعهم الوظيفية والاجتماعية يوفر النظام التعليمي الصيني لهم نظام تعليم الكبار.

تعليم المرأة في الصين

مع بداية الثورة الصينية في عام 1949 كانت نسبة الفتيات اللاتي التحقن بالتعليم لا تزيد على 20% من إجمالي الفتيات اللاتي في سن التعليم، ومنذ ذلك الحين أصبح محو أمية المرأة الصينية هدفاً قومياً يسعى الجميع إلى الوصول إليه، هذا بالإضافة إلي العمل على زيادة نسبة التحاق الفتيات بالتعليم والاستمرار في التعليم لأطول فترة ممكنة، وزيادة نسبة الفتيات في التعليم الثانوي والتعليم الجامعي، وتكاتفت جهود الإدارات التعليمية والحكومة ومنظمات المرأة لتحقيق كل هذه الأهداف.

وبالفعل آتت هذه الجهود ثمارها، فبحلول عام 1994 بلغ عدد اللاتي تم محو أميتهن 110 ملايين امرأة وفي عام 1993 بلغت نسبة التحاق الفتيات بالتعليم 97.7% ، وفي التعليم العالي 34.5%، وبلغ في عام 1993 عدد الفتيات اللاتي حصلن على درجة الدكتوراه 1149 فتاة ممثلات بذلك نسبة 9.4% من إجمالي الحاصلين على درجة الدكتوراه.

ومنذ الخمسينيات تم إنشاء مدارس خاصة لمحو أمية النساء وهي تنقسم إلى نوعين: الأولى مدارس الشتاء وهي تعمل خلال فترة الشتاء فقط، والثانية مدارس القرية. وخلال عشرة أعوام تم محو أمية 16 مليون امرأة، مشكلات بذلك أول جيل من النساء العاملات اللاتي تم محو أميتهن.

كما قامت «منظمة كل نساء الصين» في عام 1989 بإشراك الريفيات في أنشطة «تعلم ونافس» التي يتعلمن من خلالها القراءة والكتابة وبعض المهارات الزراعية ثم يتنافسن مع بعضهن البعض بمنتجاتهن التي طبقن عليها ما تعلمنه من تكنولوجيا الزراعة.

أما بالنسبة للتعليم العالي للمرأة فبعد رفع الحظر عن السماح للفتيات بالتعلم في جامعة بكين عام 1920 قامت 9 فتيات بالالتحاق بقسم الفنون الحرة باعتبارهن طالبات مستمعات، وبذلك أصبحن أول فتيات يتلقين العلم في المرحلة الجامعية.

وفي الوقت الحالي بلغ عدد الطالبات بالجامعات الصينية 964 ألف طالبة يدرسن في 1065 جامعة ويشكلن بذلك نسبة 34.5 من إجمالي عدد الطلاب الجامعيين، وفي كلية الهندسة تمثل الطالبات نسبة 27% من إجمالي عدد الطلاب.

ويرى الباحثون أن الأسباب التي تعوق المرأة من استكمال تعليمها العالي هي أسباب اقتصادية واجتماعية ونفسية بالدرجة الأولى بالإضافة إلى الضغوط العائلية.

وحصلت 6600 طالبة دراسات عليا على درجة الماجستير أي حوالي 26% من طلبة الماجستير. بينما حصلت 300 سيدة على درجة الدكتوراه وهو ما يوازي 11% من عدد الحاصلين علي الدكتواره.

أما بالنسبة لإقبال الفتيات على التعليم المهني، فمنذ الثمانينيات ازداد إقبال الفتيات على التعليم المهني، خصوصاً وأنه يتواءم مع البيئة الصينية والوظائف التي ترى المرأة في الصين أنها تناسبها، ومع حلول عام 1993 بلغ عدد الفتيات اللاتي التحقن بالمدارس الفنية والمهنية الثانوية والمتوسطة 3.73 مليون فتاة، أي ما يوازي 44.7% من إجمالي الطلبة في هذه المدارس. وتشمل المواد الدراسية في التعليم المهني النسيج والطباعة والصباغة وتعلم الإلكترونيات والطهي وتعلم مهارات الفندقة والسياحة والتمريض وغيرها ،ومع اتباع برنامج الإصلاح وسياسة الانفتاح أصبحت الحاجة أكبر لخريجي هذه المدارس الذين يتجهون إلى هذا التعليم لرغبتهم في الالتحاق بعمل في أقرب وقت مما يضمن لهم دخلاً ثابتاً هم في حاجة إليه.

والكثيرات ممن أنهين تعليمهن المهني وخرجن للعمل لم يكن راضيات عن عملهن ويتطلعن إلى مستقبل أفضل من خلال عمل أفضل يدر ربحاً أكثر، ولذا يلتحقن بتعليم الكبار.

كما يوجد برنامج دراسات المرأة وهو برنامج تدريبي الهدف منه تدريب الكوادر النسائية، وأهم هذه المراكز التي تتولى هذه المهمة كلية كوادر الإدارية للمرأة الصينية ووظيفتها تدريب المرأة التي تعمل بالفعل والمرأة التي تم تسريحها من العمل، وتحولت بعد ذلك هذه المراكز التدريبية إلى التعليم النظامي.

وبالإضافة إلى التركيز على تدريب المرأة وتزويدها بالمهارات الأخرى يتم تعريفها بحقوقها في العمل والمنزل .

ويشمل تعليم الكبار بالنسبة للمرأة مدارس العلوم المحلية التي يتعلمن فيها مهارات ديكور المنازل وتصفيف الشعر وغير ذلك من الفنون المحلية.

عدد القراءات : 35848
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات