احدث الاخبار

هـذا الـرجـل

هـذا الـرجـل
اخبار السعيدة - كتبت - *هدلا القصار         التاريخ : 04-04-2010

على مدارِ ضوءِ النهارِ يفكرُ

ويفكرُ بما يقرأُ

يرى ما يريدُ أنْ يري

يذهبُ في بحورِ الأساطيرِ

هذا الرجلُ ... يحللُ في السياسةِ

يتحدثُ عن الطبِّ البديلِ

يحلمُ بالسفرِ الجميلِ

ينجذبُ للماضي البعيدِ/ يتأملُ الحبَّ العُذريَّ

يُعجبُ بالألهةِ والدياناتِ 

هذا الرجلُ... يدورُ ويدورُ حولَ نفسِهِ

يميلُ يميناً ويميلُ يساراً

يُحلِّقُ للأعلى

يهبطُ للأسفل

كدوارِ البحرِ يلتفُّ حولَ نفسِهِ

يتأبطُ ذراعيهِ شتاءً

يُحلِّقُ في السماءِ صيفاً

ثم يعودُ للحاضرِ المؤلمِ

فيصطدمُ فيه كالغريبِ

هـذا الرجلُ ... لأحاديثِ قهـوتِـهِ ألـوانٌ

يحدثُني عن بعضِ ما يقرأُ/ أو عن فكرةٍ تسكُنُهُ

يستشهدُ بفلسفةِ سقراط/ وأخرى عن آلهةِ الخصبِ

يُفسرُ لي بعضَ آياتِ القـرآنِ الكريمِ

ويبحثُ فـي الحـاضر ِعن عُقـدةِ أوديب 

هـــذا الرجـلُ

لغروبِ نهارهِ نكهةٌ مختلفةٌ

يرتشفُ قهوتَهُ/ يُشعلُ سيجارتَهُ/ يُمسِّدُ شعرَ رأسِهِ

يتأملُ غروبَ الشمسِ

يقرأُ في كتبِ الأعشابِ/ يسألُني عن بعضِ أسمائها

يحاورُني في أزمةِ الوضعِ السائدِ

نتناقشُ /نتشاجرُ/ نختلفُ أحياناً/ نتفقُ أحياناً أخرى

وقبل انتهاءِ قهوتِنا يطلبُ مني اختيارَ مكانِ أمسيتِنا

أو يتركَ الخيارَ مفتوحاً 

في المساءِ يستمعُ لجميعِ نشراتِ الأخبارِ

ويعودُ للقراءةِ قليلاً

بينما ينــادي النـومَ

والنـومُ ينـاديـه

في ليلةِ شتاءٍ باردةٍ... استسلمَ للنومِ باكراً

التحقتُ به متأخرةً/ ما إنْ لامستْ يداي الغطاءَ/ وجسدي الفراشَ/

حتى زحفَ إليَّ مختبئاً/ منكمشاً كالهاربِ من الخوفِ دسَّ رأسَهُ تحت إبطي/ 

نظرتُ إليهِ بدهشـةٍ !!!

رأيت نومَ الطفلِ في جفنيهِ/ ربَتُّ على كتفِـهِ بلمسةِ الأمِ لطفلِهـا

نظرتُ إلى وجهِهِ ... لتختفيَ !! جميع تلكَ الصورُ النهاريةُ كلُّها!! 

دمدمتْ شفتايَ تقولُ

إنَّ هذا الرجلَ .... لا يمُتُّ بصلةٍ لــــــــــذاك الرجلٍ

العاصفةُ فيه قد هـدأتْ

والأمواجُ انسحبـتْ

والـدُوارُ استسلمَ

من ديوان نبتة برية

*كاتبة وشاعرة لبنانية

 

عدد القراءات : 2829
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات