احدث الاخبار

المستقلون الفلسطينيون وعصر النكرات

المستقلون الفلسطينيون وعصر النكرات
اخبار السعيدة - بقلم - تحسين أبو عاصي         التاريخ : 26-01-2010

كثير مَن هم الذين يزعمون باستقلاليتهم السياسية في هذا الزمن ، وهم يحملون فكراً سياسياً عجيباً ورؤية غريبة ، ومنهجية خاطئة وسطحية في التفكير، وكل المؤشرات تثبت  نقيض استقلاليتهم التي يزعمون ، وبالتالي نفي مصداقية مفهوم الاستقلالية لديهم بالمعنى السياسي والعملي لمفهوم الاستقلالية ، وأنا لا أتطرق هنا إلى ذات الشخصية التي تدعي الاستقلالية ، فليس لي مشكلة مع احد من تلك الوجوه ، ولا أقصد بالمطلق التطرق إلى شخوصهم لا من قريب ولا من بعيد ، ولكنني أود وضع مفهوم الاستقلالية السياسية بالميزان ، ومدى تطابق ذلك على حقيقة زعمهم بأنهم مستقلين ، ومن ثم أترك للقارئ الحرية الكاملة في التفكير والتقييم والحكم .
لقد لمعت وجوه مؤخراً تدعي الاستقلالية ، وطفت على السطح وجوه أخرى منهم ، وكان لهم حضور من نوع ما وفق ظروف ومعطيات لا تخفى على لبيب ، ووقفوا تحت الأضواء وظهروا على الشاشات ، وسمع الناس عن سين وعن صاد من تلك الوجوه المعروفة والواضحة بولائها السياسي ، وأصبحوا وكأن مفهوم الاستقلالية السياسية ملك لهم فقط ، ولم يعد مفهوم الاستقلالية في فهمهم يشمل كل من هو قادر على تحمل استحقاقات المرحلة بالمعنى الحقيقي للاستقلالية السياسية ، فلم يتمكنوا من إنتاج شيء ، وأخفقوا في مهماتهم السياسية ، ولم يقدروا على التعامل مع التحديات ، وافتقروا إلى حيوية العمل ومقومات النجاح ، ولم يتمكنوا من تجاوز محل أقدامهم ، وغابوا عن كثير من الميادين والتي يفترض أن يكون لهم فيها حضور بارز ، بحيث بات واضحا انه لا يمكن المراهنة على قدراتهم ، فالجمود في الرؤية لا تشفي مجتمعا من علاته ، بل ربما الجمود بذاته يحتاج أصحابه إلى علاج .
ولو ملك هؤلاء دعاة الاستقلال آليات ومنهاج عميق من التفكير والرؤية والتحليل ، ينسجم مع الحالة الفلسطينية الاستثنائية الراهنة ، لربما تطور حالهم ، بل إنهم لا يملكون عقلا إيجابيا فاعلا يتجلى في تواصلهم من خلال اجتهادات متعددة تجمع وتغني وتوحد ، بعيدا كل البعد عن حجب أدمغة ورؤية وتفكير من هم أكفأ منهم بكثير ، وكأن الشعب الفلسطيني لا يملك غيرهم على الاطلاق ، وكأنهم هم الشطار وحدهم ، والنبهاء لا غيرهم ، وأصحاب المواهب الأزلية اللدنية الخارقة في كل شيء ، وهم الذين لم يُصبهم الفشل من بعده فشل آخر .
 أمام هذا الموقف الملغوز لأولئك دعاة الاستقلالية يحق لنا أن نتساءل : أين أنتم ؟ أين إنتاجكم ؟  أين حضوركم ؟ أين تفاعلكم ؟ وكيف صرتم بقدرة قادر مستقلين وأنتم معروفون في انتماءاتكم وتوجهاتكم ومصالحكم ؟ .


إذا رزق الفتى وجها وقاحا....تقلب في الأمور كيف يشاء


ومن المعيب والإفلاس أن نسمع من المتسلقين الفاشلين في مختلف مواقعهم وتوجهاتهم ، الشتائم والنعوت تلو النعوت بحق المستقلين الحقيقيين الشرفاء ، الذين لا يجيدون التملق والتسلق ولا يملكون غير انتماء واحد هو الانتماء للوطن . 


صدق الشاعر إبراهيم طوقان :   إن قلبي لبلادي   لا لحزب أو زعيم


 نأمل من جميع المستقلين السياسيين الحقيقيين الالتفاف حول خطوة وطنية قوية ، تتجاوز نظر العين ، والتعامل بمسئولية بعيدا عن الارتزاق والتسلق والمصالح ، فالمشترك الفلسطيني كبير بين كل القوى الفلسطينية ، والتحديات تشمل وتطول الجميع منا ، لعلهم بذلك ينجحوا بما فشل به دعاة الاستقلالية السياسية في تشكل رافعة وطنية جديدة على صعيد الحوار السياسي والوفاق الوطني . يضع الجميع منا تحت المساءلة العملية والحية من جميع شرائح شعبنا ، فمن يطلب ود الحسناء لم يغله المهر ، والشدائد تكشف عن معاني ومعادن الرجال ، فتفرز المعارف وتلفظ النكرات ، ففي المحكات والصعاب وفي لحظات التيه والفوضى والإرباك ، تتلاشى حتما طوابير المستقلين المتعطشين للصحافة والإعلام وخشبات المسرح ، فالكرامة ليست قزامة . وصدق من قال :


يا منشئين على خرائب منزلي..تحت الخرائب نقمةٌ تـتقلبُ..
إن كان جذعي للفؤوس ضحيةً..جذري إله في الثرى يتأهبُ..
هذا أنا..عريان إلا من غد..أرتاح فـي أفيـائه أو أصـلبُ..
ولأجل عينيه وأعين إخوتي..أمشي..وأعطي الدرب ما يتطلبُ..

* كاتب فلسطيني مستقل

www.tahsseen.jeeran.com  مدونتي  : واحة الكتاب والمبدعين المغمورين

عدد القراءات : 3004
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
mahdi......Libya
اشكر الكاتب على عطائه.جاء في وقته .هناك مشروع لكسب وموالية الكتاب وبالذات للنبرة العتدله المتمشيه مع النهج الامريكي .يتم اغوائهم بكل شيء.كما اجدت .القاري لن يقرا ثانيه للمرتزق والتبيع .