احدث الاخبار

هايتي : مأساة تتحول الى مزايدات سياسية

هايتي : مأساة تتحول الى مزايدات سياسية
اخبار السعيدة - باريس         التاريخ : 22-01-2010

وقع في هايتي بتاريخ 12/1/2010 زلزال بقوة 7.3 درجة على مقياس ريختر، فأدى الى سقوط 200 الف قتيل وتشريد مليوني شخص وإحداث دمار شامل في وسط العاصمة بورت اوبرنس حيث انهار تماما عدد من المباني من بينها القصر الرئاسي ومقر بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والفنادق والمنشآت الحكومية .


وذكر د صالح بن بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي في تقرير اخباري نشر في باريس اليوم حول هذه الكارثة الطبيعية مؤكدا انها جاءت  لتضاف الى الأزمات الإقتصادية والسياسية التي تعاني منها البلاد.

 ورأى  الطيار ان الولايات المتحدة الأميركية  كانت من اوائل الدول التي تحركت بإتجاه هايتي ليس فقط للمساعدة في عمليات الأنقاذ بل للإمساك ايضاً بالأوضاع السياسية والأمنية لأن هايتي تعتبر الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية ، ولأن نظام هايتي يكاد يكون الوحيد المتبقي في أمريكا اللاتينية الذي مازال يدين بالولاء لواشنطن على عكس كوبا وفنزويلا وبوليفيا ودول أخرى خرجت من عباءة الوصاية الأميركية .

وأتى التحرك الأميركي عبر ارسال 2200 جندي من مشاة البحرية الأميركية مجهزون بأحدث الأسلحة وبمعدات ثقيلة لرفع الأنقاض ومساعدات طبية وطائرات هليكوبتر، وأنضموا إلى نحو 5 آلاف جندي أميركي موجودون هناك اصلاً. 

 وعلل  مركز الدراسات العربي الاوروبي  اسباب سرعة التحرك الأميركي جاءت لتحقيق هدفين: الهدف الأول هو منع حصول اضطرابات، حتى لا يتدفق المزيد من المهاجرين الى اميركا التي تستضيف على اراضيها جالية كبيرة من ابناء هايتي. والهدف الثاني اقفال الطريق امام دول اميركا اللاتينية المناوئة لواشنطن، لكي لا تستغل الوضع الكارثي في هايتي وتجيره لمصلحتها عبر تقديم المساعدات مخافة ان تنضم هايتي الى محور كوبا وفنزويلا وبوليفيا .

 وكان التدخل الأميركي مثار سخط زعماء بعض دول اميركا اللاتينية الذين طالبوا الأدارة الأميركية بإرسال مساعدات غذائية وطبية بدلاً من ارسال جنود مدججين بالسلاح .

كما كان التدخل الأميركي مثار انتقاد كبير من الأوروبيين، الذين اعتبروا ان قيام الولايات المتحدة باتخاذ قرار يقضي بنشر عشرة آلاف عسكري في هايتي يقلب المعادلة الأمنية والسياسية وحتى الدبلوماسية ، الخاصة بإدارة تداعيات الزلزال في هذا البلد ولا يترك للاتحاد الاوربي ولا حتى للأمم المتحدة هامش مناورة في المستقبل. كما ان دول الاتحاد الأوروبي اضطرت في غالبيتها حتى الآن إلى الاستعانة بالقدرات العسكرية الأميركية لترحيل رعاياها.

 ومن جهتها اتهمت فرنسا السلطات الأميركية بأنها منعت هبوط إحدى الطائرات العسكرية التي تحمل مستشفى طائرا في مطار العاصمة (بورت اوبرنس) .

 والأنكى من ذلك ان احدى الدول الأوروبية سارعت الى ارسال طائرة خاصة لنقل نحو 100 طفل من هايتي، مدرجين على لوائح احدى المنظمات للتبني دون ادنى اهتمام بهذه المأساة الأنسانية التي تحولت الى مادة للصراع السياسي بين القوى الكبرى فيما جثث الأطفال والشيوخ الملقاة في الشوارع تفتش عمن يدفنها .

 والمؤسف ان هايتي التي تعتبر الدولة الأفقر بين دول الأميركتين، غير قادرة بإمكانياتها الذاتية من تحمل تبعات الخسائر المادية الفادحة التي منيت بها من جراء الزلزال كما انها عاجزة عن مواجهة الأوبئة التي ستنتشر قريباً والتي تتسبب بها الجثث المتحللة المدفونة تحت الأنقاض وحتى الآن لم تبادر أي دولة الى الدعوة لعقد مؤتمر دولي لتقييم الأضرار وإنشاء صندوق مساعدات، كما لم تعلن الحكومة ان هايتي دولة منكوبة لأن النكبة لم تفارقها منذ استعمارها على يد الفرنسيين عام 1626 حيث لم تكن سوى مصدر لإستيراد العبيد .

عدد القراءات : 3447
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات