احدث الاخبار

تعشقه الأذن قبل أن تراه العين محمد سعد عبدالله.. فنان العشاق والمغرمين ومداوٍ لقلوب المجروحين

	تعشقه الأذن قبل أن تراه العين محمد سعد عبدالله.. فنان العشاق والمغرمين ومداوٍ لقلوب المجروحين
اخبار السعيدة - كتبت - دنيا هاني         التاريخ : 22-04-2014

بداية كلامنا عنه سيكون بعضاً من كلماته التي تغنى بها وفاءٍ لبلاده الحبيبة حينما غنى وقال: (أوعدك إني أعيشلك العمر مخلصلك أمين انتِ ياللي تستحقي كل حبي والحنين/ ماسكاني وسط قلبي أنتِ في عيني اليمين يا بلادي يا بلادي يا بلاد الثائرين/ ياللي ذرة من ترابك عندي أغلى من حياتي). فعندما تسمع (كلمة ولو جبر خاطر) و(كلمة عتاب) و(يا ناس ردوا حبيبي) و(حسك تقول إننا) و(أشتي أشوفك) و(أنا أقدر أنساك) و(مابا بديل) و(أعز الناس)... إلى آخر الأغاني الرائعة التي تغنى بها تعرف أنه الفنان اليمني الكبير الراحل محمد سعد عبدالله العازف على أنغام القلب الذي ذاع صيته وشهرته داخل وخارج اليمن ووصلت إلى الخليج وحتى بلاد الشام وغنى من ألحانه وأغانيه العديد من المطربين أمثال الدكتور عبد الرب إدريس والفنان عبادي الجوهر والفنانة هيام يونس والفنان فهد بلان والراحل طلال مداح.

ولد فناننا في مدينة الحوطة محافظة لحج عام 1934م. وانتقل إلى العيش مع والدته وزوجها إلى مدينة الشيخ عثمان، حيث كان يلتقي بأصدقاءً له من محبي الغناء والطرب ويقضي معهم معظم أوقاته ثم يعود بين الحين والآخر الى (حوطة لحج) التي قضى فيها سنوات طفولته الأولى وحفظ الكثير من أنغامها وألحانها وايقاعاتها. رحل عنا في 16/4/2002م.. حيث تبدأ ذكرى رحيله الثاني عشر ولا تنتهي إلا عندما نعاود الحديث عنه مرة أخرى. (أبو مشتاق) تلك الشخصية ذات المشاعر المتأججة الذي يتغنى للعشاق ويطربون له وتعشقه الأذن قبل أن تراه العين.. متعدد المواهب فإلى جانب أنه فنان فهو أيضاً ملحن ومؤلف ومطرب جمع بين مزيج من الأصالة والحضارة واستطاع أن يصبح معجم الغناء اليمني بفن الاصالة والمعاصرة ليجمع خلال مشوار حياته الفني الطويل توليفة رائعة من التنوع بين الألوان الصنعانية واليافعية واللحجية والحضرمية التي لا يمل ولا يكل من سماعها حتى بعد وفاته (رحمه الله). ومنها أغنية محل ما يعجبك روح مسكنك داخل الروح باتعذب على شانك وبقول مسموح محل ما يعجبك روح بصبر ع مجونك لأجل خاطر عيونك با يتمي فؤادي لك مدى العمر مفتوح محل ما يعجبك روح.. فهو من كتب ولحن وغنى أغنية (خلاص حسك تقول لي روح) وأطربنا بإحساس وقوة المعنى حينما قال: (مدام تسمع كلام الغير/ وكل ما يدور في الساحة/ خلاص ما عاد منك خير/ ولا من عشرتك راحة/ خلاص لا عاد تكتب لي/ ولا تبعث مراسيلك/ كفاية شوف لك غيري/ تغني له مواويلك).

على الرغم من أنه كان يشكو من قسوة الأيام وجفاء الأحباء له وعلى الرغم أنه عانى من هجر وفراق الأحباب واستغناء الأصدقاء عنه ومن ظلم المقربين منه كل هذا لم يمنعه بأن يرد عليهم بطريقته وأسلوبه الخاص من خلال كلماته التي كان يكتبها ويؤلفها بنفسه علها تنسيه شيئاً من الخذلان الذي تعرض له هو وبعض الفنانين وهضمت حقوقهم وتلامس من يعنيهم الأمر!.

وهنا يرد بعتاب المحبين كلمة ولو جبر خاطر وبكلمات العتاب مرسولة مع ساعي البريد تغنى وقال: (إيه من ذنب عندي/ أستاهل عليه هجرك والعناد/ يا اللي خنت عهدي بعت الود ليه من بعد الوداد/ كلمة ولو جبر خاطر/ وإلا سلام من بعيد/ ولا رسالة يا هاجر/ بيد ساعي البريد). وعد محبيه بوفائه لفنه ولوفائه لحبهم له أوفى هذا الوعد بكلماته وألحانه وأغانيه التي تنم عن قيمة فنية رائعة ولأنه متفرد ورائد في الأغاني اليمنية والأغنية العدنية خاصة وتنوع في كلماته بين الفرح والحزن والتحدي والعتاب ممزوج تارة بالدمعة وتارة بالابتسامة فإن هذا ما ميزه وجعله علامة فارقة من أعلام الفن اليمني. ولو استمرينا بالحديث عنه وعن طربه الأصيل فقد أطربنا بأغنية أعطيتني وعد الذي يقول فيها: (أعطيتني وعد/ وليه وعدك خلفته مرتين/ والوعد كالرعد/ يابن الناس وعد الحر دين/ ليه يا وافي خلفت الوعد ليه اللي في قلبك تعال قلي عليه/ ليه نتباعد وأنا بيني وبينك خطوتين/ والوعد كالرعد/ يابن الناس وعد الحر دين).

ولا نتناسى بأن الدولة قامت بإصدار أمر وتكريمه وذلك بتسمية أحد شوارع عدن باسمه بعد رحيله عن سماء الوطن وقدمت له كتاباً يوجز أعماله في مجال الثقافة والفنون إلا أنه قبل وفاته قدم كتاب (لهيب الشوق) الذي تناول مجموعة من أعماله الغنائية والتراث اليمني الأصيل. وكما نعلم جيداً أنه قام بالتعاون مع عملاقي الغناء اليمني وهم الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم وفنان الشعب محمد مرشد ناجي كشاعر غنائي حيث أثمر اللقاء على عملين رائعين من ألحانهما الأول كان بعنوان (كلما تخطر ببالي) والعمل الآخر (قائد الجيش البريطاني) بالإضافة إلى أنه قدم للراحل الفنان محمد صالح عزاني أغنية (فين التقينا) التي تقول كلماتها: (فين التقينا وشفتك فين/ وفين جلسنا سوى يا زين/ ذكرني فين شفتك يا زين وقابلتك/ بالله تقولي التقينا فين التقينا فين).

ومن أشهر أغانيه التي لحنها بنفسه كانت (ردوا حبيبي) و(سلموا لي على خلي) و(كلمة ولو جبر خاطر). ولذا نجد أن هناك تناغماً كبيراً بين أغانيه وفي الكلمات التي يتخللها تلميحاً واضحاً بين التحدي والعناد.. ورداً على (غيروك الناس) حينما قال: (دامني أهواك يا أغلى حبيب/ ما أتحمل يوم تقسى أو تغيب/ عود وارحم من يحبك/ لو بقالي شيء في قلبك/ غيروك.. غيروك). ويقول في (حسك تصدق لو حد أجى لك وقالك إن أنا أشتيك/ حسك تصدق أنا ما عاد أفكر فيك/ لا تحسب اللي مضى يقدر يخليني أذل نفسي وأجي أستعطفك وأرضيك/ أنا أقدر أنساك والله/ أنا أقدر أنساك).

ولم يكتف بهذا القدر بل غرد بصوته في أغنية (لهيب الشوق) وقال فيها: (لو فرضنا يا حبيبي انك أنت كنت زعلان/ كان من المفروض انك تعاتب/ بعتذر لك أنا لو كنت غلطان/ والخصام ايش اللي جابه وإحنا كنا طيبين/ بيننا عشرة طويلة/ بيننا عشرة سنين). ومع كل ما قدمه لا يجب أن ننسى أن له إسهامات عديدة في مجال الأغنية الوطنية حيث ألف ولحن العديد من الأغاني والأناشيد سواء عند قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال واندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963م في الجنوب فقد لعبت أغانيه دوراً كبيراً في بث روح الحماس لدى الشعب قبل مرحلة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني ومن بين هذه الأغاني كانت أغنية (قال بن سعد) وأغنية (يا يمني هذي بلادك) وأغنية (الذهب الأحمر)، وأغان أخرى قدمها بواسطة الأسطوانات في عدن المستعمرة آنذاك وقدم المزيد بعد جلاء المستعمر من بلادنا بتقديم أنشودة (بلاد الثائرين). ومن الكلمات الحماسية الوطنية والثورية التي لحنها الفنان محمد سعد عبدالله كانت: غني يا عدن الثورة .. زفي لنا أجمل صورة غني يا عدن الثورة .. وهني وحدتنا الكبرى غني يا صنعاء يا بلادي ..

غني لأجمل وأحلي أعيادي غني غني .. غني وهني .. يا عدن الثورة وفي آخر المشوار الذي تحدثنا فيه عن الفنان الراحل محمد سعد عبدالله ما عسانا نقول غير أنه بالفعل وعندما تسأل عنه يقولون أنه يغني للعشاق والمغرمين ومداوٍ لقلوب المجروحين ودائماً ما يرد على الحساد والحاقدين، فكلماته بلسم للروح وألحانه دواء يشفي الجروح. ونتمنى أن تصل كلمة الأخت أشواق محمد سعد عبدالله التي حدثتني بها قائلة: حقيقة أن والدي رحمه الله أهمل بحياته ومماته ونأمل من الجهات المختصة أن يبحثوا عن حقوق الراحل الضائعة والمهدورة فهناك من عبث وسرق الكثير من أغانيه وتراثه وضاعت حقوقه الأدبية، مضيفة أن التراث قيمة تاريخية وجب الحفاظ عليها ولا يمكن لأي أحد أن يأخذها ويستولي عليها هكذا دون محاسبة.

وأوضحت ابنة الراحل وصولهم إلى حالة من الإحباط واليأس واحتجابهم عن الظهور أو الرد في وسائل الإعلام المختلفة، مؤكدة أنه لا توجد جهة معينة تحمي حق الفنان الفكري والإبداعي وتعيد إليه ما سُلب منه فهم على حد قولهم اشتكوا كثيراً ولم يتلقوا أي تعاون ويكون الرد بأن ليس بيدنا أي شيء لنفعله لكم فاعتكفوا في المنزل إكراماً لهم. وختام الكلام عن العلامة الفارقة في الغناء اليمني سيكون بكلمات من أغنيته الرائعة قلبي مع الشوق جوال ونقول: (يا اللي عيونك ليل/ سهرانة ما بتنام/ تمسي دموعـك سيـل/ من شدة الآلام/ جـوال ما بأشتكي غـدر الزمان لو جـار/ جـوال عمـري وأنـا زي الفـلك دوار/ ما همـني الشوك يدميني ولا النـار/ جـوال بأكمل المشـوار). وهنا يكون مشوار حياته الفني والإنساني قد انتهى لكن يظل مشواراً آخراً لم ينتهي بعد ويبدأ كل ما حلت ذكراه في قلوبنا فرحمة الله عليه وعلى كل الذين رافقوه ورحلوا بلا عودة وذكراهم تظل باقية في القلوب.. والسلام ياسادة هو دائماً مسك الختام..

ونترككم مع أغاني من الزمن الجميل: (سلام لله) سلام لله يا قاسي ملي حتى سلام حرام الهجر يا قاسي وذي الكبره حرام وليش تتكبر وأنا سلمت لك قلبي وتتنكر وأنا أوهبت لك حبي وعادك تمشي من جنبي ولا حتى سلام والسلام لله أنا إن كنت ما حبك ولا أتمنى لقاك ما باعاتبك مرة ولا باطلب رضاك وتسخى بي وأنا اللي بعت لك عمري ولا غيرك خطر مرة على فكري إذا أنت قد نويت هجري يكفيني سلام والسلام لله.. *** (أعز الناس) أعز الناس وأقربهم إلى قلبي ووجداني جرحنا جرح في قلبي وبعد الود عاداني نسى إني فرشت الأرض قدامه ورود.. وخليته بعين الناس أجمل شيء في هذا الوجود أنا وحدي أنا غلطان أنا كنت أحسبه إنسان صبح يا ناس بلا إحساس وبعد الود عاداني أعز الناس.. *** (احترت في ناس) أنا احترت في ناس .. بالظاهر يحبوني وبالخفا ياما ياما .. قالوا عني من كلام لكن أنا مالي من الناس .. خليهم يلوموني اللي يحب مثل حبي .. ما يهموش الملام وباحب أنا باحب .. مادام عندي قناعة .. باحب رغم الملامة .. ما بفرق الزين .. ساعة اللي يحب مثل حبي .. ما يهموش الملام..

عدد القراءات : 10599
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات