احدث الاخبار

حياة الرعب في اليمن تحت سماء طائرة بدون طيار

حياة الرعب في اليمن تحت سماء طائرة بدون طيار
اخبار السعيدة - ترجمه - هايل المذابي         التاريخ : 06-05-2013

 

هنا في بلدة جعار بمحافظة أبين جنوب اليمن ثمة بيت صنع ذات مرة من كتل كبيرة من الأسمنت لكنه استحال ركاماً في بحر من المنازل والمحلات التجارية.لا إشارة إلى الحياة هنا ، لاصور ..لا أثاث ولاشيء خلفه الناس وراءهم ..

يقول السكان المحليون أنه في مايو 2011 قصفت طائرة أمريكية بدون طيار هذا المنزل الذي يعتقد أن صاحبه أنور العرشاني له صلة بتنظيم القاعدة .

يقولون أن الطائرة حين ضربت المنزل هرع الكثير من الناس لتفقد الحطام للبحث عن ناجين، وفي ذات الوقت قامت الطائرة بضربة أخرى أدت إلى مقتل 24 شخصاً وجميعهم من المدنيين الأبرياء .

منير العاصي 18 عاماً قتل يومها، تقول أمه أنها لاتعرف شيئا عن أمريكا أو ديمقراطيتها أو سياستها أو شعبها أو قيمها، كل ماتعرفه أنها قتلت إبنها .. وقالت أنها لاتستطيع القراءة ولاتملك تلفزيون كما الكثيرين في قريتها، وتقول: تنظيم القاعدة هو "سيئ للغاية"، ولكن التفكير في أن أصغر ابنائها يقتل بصاروخ أمريكي يطارد أحلامها في الليل. انها تصرخ غضبا على الناس الذين أخذوا ابنها: "مجرمون!"  .. تقول  "أنا مثل أي شخص أعمى الآن"، وتضيف "كان منير عيني."

على بعد آلاف الأميال من واشنطن، يحتدم النقاش حول الانعكاسات الأخلاقية والقانونية لاستخدام طائرات بدون طيار للاستهداف القاتل.. الأسماء ووجوه العديد من الضحايا ترسم صورة حزينة جدا، بعض الآباء لم يعد بمقدورهم شراء الغذاء والدواء لأطفالهم. بعضهم من الاطفال جريمتهم الوحيدة في الحياة هو أنهم خرجوا على مواعيد دراستهم للعب كرة القدم مع الأصدقاء. بعضهم من الأمهات الحوامل الذين كانوا ببساطة في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. إن تركيز الولايات المتحدة  على الاستهداف الناجح للأسماء " قائمة قتل سيئة السمعة "، وارتفاع عدد المدنيين الأبرياء الذين تقتلهم طائرات أمريكية بدون طيار، كل ذلك يهدد بتدمير الأسر ووقوداً يذكي جذوة التجنيد في تنظيم القاعدة .

أصبحت الطائرات بدون طيار أكثر شيوعا في اليمن في السنوات الأخيرة، في حين تم تسجيل ضربات في باكستان منذ ما لا يقل عن يونيو 2004، وتستخدم للقضاء على أعضاء شبكة سيئة السمعة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب)، وقد تم ربط القاعدة في جزيرة العرب بالمخططات الارهابية الأخيرة بما في ذلك مؤامرة الملابس الداخلية المفخخة 2012م التي تم إحباطها، فضلا عن الطرود المفخخة التي اعترضت قبل وصولها إلى المعابد اليهودية في شيكاغو في عام 2010.

شهد برنامج الطائرات بدون طيار بعض النجاحات، بما في ذلك غارات جوية على أهداف رفيعة المستوى مثل سعيد الشهري، وهو مواطن سعودي شارك في تأسيس القاعدة في جزيرة العرب، و نشطاء كبار كــ سمير خان وأنور العولقي. وكان هذا الأخير واعظا غالباً مانقلت عظاته المستفزة إلى اللغة الإنجليزية، أما سمير خان فكان ذات يوم مواطن أمريكي. ومع ذلك فتزايد استخدام ما يسمى ب "ضربات التوقيع" - هجمات ضد المشتبه بهم ولكن الأهداف مجهولة – جعل هناك علامات مقلقة على نحو متزايد حيث أعتبر العديد من الضحايا مذنبين بالتبعية. أي أنهم لم يقترفوا أي جرم، وأسمائهم ليست جزءا من أي قائمة، وفي بعض الحالات، لايعرف حتى صاحب الجثة.

استهداف نجل العولقي، عبد الرحمن البالغ من العمر 16 سنة، وهو قاصر ومواطن أمريكي أثار جدلا نارياً في الكابيتول هيل حول حدود هذه التكنولوجيا إذ أنه من الممكن قتل المواطنين الأمريكيين في الخارج بدون حتى اعتذار. عبد الرحمن لم ير والده منذ عامين عندما قتل. وقال انه ليس له صلة بتنظيم القاعدة، ويقال أنه عاش حياة صبي عادي على غرار أي مواطن في أمريكا.

القاعدة في جزيرة العرب "مشكلة كبيرة"، وقال فارع المسيلمي، الناشط اليمني والمحلل الذي شهد مؤخرا في اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي لأول مرة عن حروب الطائرات بدون طيار، والهجوم الذي حصل على قريته في مقابلة  " ما تفعلونه هو جعل أي جهود لمكافحة القاعدة في جزيرة العرب أكثر إشكالية، وقد وضعت قواعد اللعبة، ليست لديهم مشكلة في اطلاق النار، حتى لو أدى ذلك لموتهم، وهناك ترتفع أعداد الأفراد داخل المنظمة ويتكون جيل جديد".

هجمات بدون طيار الأمريكية في اليمن ارتفعت إلى 53 هجمة في العام الماضي، ما يقارب ثلاثة أضعاف عدد الهجمات في عام 2011، وفقا لتقرير مجلس الخبراء الذي مقره في واشنطن (مؤسسة أمريكا الجديدة) ويقدر معدل القتلى المدنيين من تلك الهجمات ما بين 4 في المئة و 8.5 في المئة.

إدارة جورج دبليو بوش، على النقيض من ذلك، شنت هجوم واحد بطائرة بدون طيار في اليمن فقط في سنواته الثمانية، بينما نفذت إدارة أوباما 316 هجمة على الأقل منذ توليها مهام منصبها، مقابل الضربات الـ52  التي أجريت من قبل إدارة بوش ونفذت في باكستان.

(TBIJ) واحدة من عدد قليل من المنظمات الدولية تحاول تجميع احصائيات عن عدد القتلى المرتبطة بعمليات بدون طيار، ومقرها في لندن ، هذه المنظمة التي تعمل من أجل صحافة استقصائية تقدر عدد المدنيين الذين قتلوا في غارات بطائرات بدون طيار في اليمن بأكثر من 45 شخصا. عدا الضربات السرية الغير مؤكدة، التي تخمنها بما يصل إلى  136 قتيلا من المدنيين حتى الآن. أما عدد الوفيات المدنية في باكستان حسب تقديراتها منذ عام 2004 في أي مكان 411إلى 884،  مع نسبة الأطفال التي تمثل ما يقرب من 197 من تلك الوفيات .

الأهم من ذلك أن هناك دلائل على وجود مجموعة واسعة من آلاف السكان اليمنيين تعاني من الاضطرابات النفسية المرتبطة بالخوف من العيش في ظل طائرات التجسس والطائرات بدون طيار، بما في ذلك الصدمات، والقلق، واضطراب إجهاد ما بعد الصدمة، معاناة من سماع صوت أزيز مستمر من طائرات بدون طيار تحلق فوق المكان.

تقول بعض النساء أنهن أجهضن من صوت الضربات القريبة، ويقول نشطاء أن الظاهرة متنامية. كما لم تتلق أي أسرة من أسر الضحايا أي تعويضات عن الضرر أو الموت " سواء كانت صحيحة أم خاطئة" ، وقال ليتا تايلور، وهو خبير بالدفاع عن حقوق الإنسان في اليمن يعمل مع هيومن رايتس ووتش "هناك كمية هائلة من الغضب من برنامج القتل المستهدف، وأخطاء الولايات المتحدة تحتاج إلى الاعتذار والتعويض وعقد تحقيقات شاملة للمساعدة في منع المزيد من الضحايا من المدنيين".

في يناير كانون الثاني، أطلقت لجنة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تحقيقا حول طائرات بدون طيار والتأثيرات التي تواجه المدنيين في بلدان مثل اليمن وباكستان والصومال، وأفغانستان، وتهدف لتقييم ما إذا كان البرنامج متوافق مع القانون الدولي. العديد من الناشطين في اليمن أشاروا إلى السياسات الكتومة لبرنامج الطائرات بدون طيار الأمريكية، والتي تجعلها صعبة جداً لإثبات الإصابات بين المدنيين " ليس هناك مسئولية "،  قالت أطياف الوزير وهي باحثة يمنية أمريكية ومدونة عملت على توثيق حالات الضحايا المدنيين " ليست هناك معلومات بشأن قائمة القتل، أهل المنطقة بالكامل يمكن أن يعتبروا من المنتمين للقاعدة لأنهم يعيشون في منطقة مؤكدة ".

النداءات المتكررة ورسائل البريد والإيميلات الاحتجاجية على طائرات بدون طيار إلى البيت الأبيض لم يُرد عليها، وقد أشارت وزارة الدفاع الأمريكية بخصوص هذا البرنامج إلى تصريحات سابقة أدلى بها مدير وكالة المخابرات المركزية "جون برينان" العام الماضي حول هذا البرنامج والذي يلاحظ فيها " لم يسبق للولايات المتحدة أبدا أن كانت منفتحة فيما يتعلق بسياسات مكافحة الإرهاب والمبررات القانونية ... يمكن للمرء المجادلة، لم يحدث من قبل أن كان هناك سلاح يسمح لنا أن نميز عملياً بين إرهابيي القاعدة والمدنيين الأبرياء ".

كثيرون في اليمن رفضوا هذا " طائرة أمريكية بدون طيار أصبحت بعبع في اليمن"، وقال هيكل بافانا وهو محام دولي يمني سنغافوري استهدفت مدينته الأصلية "وادي حضرموت" بشدة : "ما هي الفائدة من كسب الحرب ضد القاعدة إذا توجب على أمريكا أن ترمي كل مبادئها وقيمها الأخلاقية؟ ".

ويقول سكان في محافظة مأرب بأنهم على خط الجبهة في هذه المعركة، مؤكدين على أن القاعدة تتحرك على نحو متزايد في منطقتهم، وتجلب المتاعب بدءا من الضربات الجوية، وقد قتل مدني واحد على الأقل حتى الآن هذا العام بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار.

 تقول فاطمة 9سنوات إنها تشعر بالخوف من "تلمس تلك النبتة" وقلبها يدق بسرعة كل يوم عندما تسير مع أشقاءها الصغار إلى المدرسة، وتضيف  "اخشى انهم سوف يقتلوني ".

وقال ناصر القاضي 30 عاما وهو مواطن من مأرب: في يناير قطع رجال القبائل الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة احتجاجا على إهمال الحكومة، وكان عدد من القبائل حاول تنبيه السلطات اليمنية إلى وجود حضور متزايد لتنظيم القاعدة في منطقتهم، لكن السلطات لم تفعل شيئا. واضطر القبائل إلى الاعتماد على أنفسهم، حملوا السلاح ضد المسلحين في محاولة لإخراجهم، والحقيقة هي :" قبيلتي يمكن أن تحميني من تنظيم القاعدة، لكنهم لا يستطيعون حمايتي من طائرات بدون طيار".

ويقول البراء شيبان منسق "ريبريف" في اليمن، وهي منظمة الحقوق القانونية التي عملت أيضا مع المحتجزين في خليج غوانتانام "ان الحكومة اليمنية كان لديها فرصة للقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة، لكنهم يهملون هذه الحقيقة وبدلا من ذلك، يضربونهم بطائرات بدون طيار ويسببون خوفاً ورعباً بين السكان المحليين والأسر في تلك المنطقة ".

في مقابلة لصحيفة واشنطن بوست في سبتمبر، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي: "كل عملية قبل أن تحدد مكان هدفها تأخذ إذنها من الرئيس "

وثمة نقاط تشير إلى أن الأمن القومي يساند هذا الشكل الناشئ من الحرب بحجج نشيطة ودفاعية في آن، ويستشهد على الحاجة إلى استخدام هذا الإجراء (طائرات بلا طيار) بتلك المؤمرات القاتلة التي تحاك ضد الولايات المتحدة الأمريكية وضد شعبها . ويقول دعاة برنامج الطائرات بدون طيار ان استخدام الطائرات بدون طيار يسمح بمزيد من الوقت، وضغط أقل، والتحكم الأفضل من قبل المشغل لها بدلاً من طيار مقاتل في طائرة F-18 على سبيل المثال – وضوابط وأخطاء أقل، وأيضا المشرفين على مشغلي الطائرات بدون طيار، مقابل طياري المقاتلات، والكلمة قيلت من تلقاء نفسها: "أنت لا تعرف أي ضرر إضافي حتى تقوم بإرسال البشر لإسقاط القنابل من 000 ,35 قدم الذين يخافون على حياتهم" وقالت ماري كامينغز، أستاذ مشارك في علم الطيران والملاحة الفضائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا " ليس هناك شك في ذهني أن هذه هي أفضل وسيلة، ومع الوقت سنحصل على نتائج أفضل وأفضل من السابق، وربما سيأتي يوم نستطيع ان نفعل ذلك دون وقوع اصابات أو أعراض جانبية".

إن الوضع الصعب ، أن يعيش الناس في خوف من أنهم لن يكونوا الضحية التالية.. ترملت ماجدة عوض محمد 25 عاما من ضربة مزدوجة في جعار وتواجه الآن مع الخوف عجزها عن إطعام أطفالها الثلاثة، وكان زوجها عادل أحمد محمد عامل يبيع الموز في المدينة، وكانت ماجدة سعيدة في ذلك اليوم الذي لم يعد فيه زوجها لأنها ظنت أنه وجد عملاً كثيراً ولم تكن تعلم أنه كان في سوق قريب من منزل أنور العرشاني حين نفذت طائرة أمريكية بدون طيار هجمتها عليه، وتقول ماجدة " ابني مريض ولانملك المال لشراء دواء له ، لااستطيع فعل شيء أنا عاجزة .." .هنا في بلدة جعار بمحافظة أبين جنوب اليمن ثمة بيت صنع ذات مرة من كتل كبيرة من الأسمنت لكنه استحال ركاماً في بحر من المنازل والمحلات التجارية.

لا إشارة إلى الحياة هنا ، لاصور ..لا أثاث ولاشيء خلفه الناس وراءهم ..

يقول السكان المحليون أنه في مايو 2011 قصفت طائرة أمريكية بدون طيار هذا المنزل الذي يعتقد أن صاحبه أنور العرشاني له صلة بتنظيم القاعدة .

يقولون أن الطائرة حين ضربت المنزل هرع الكثير من الناس لتفقد الحطام للبحث عن ناجين، وفي ذات الوقت قامت الطائرة بضربة أخرى أدت إلى مقتل 24 شخصاً وجميعهم من المدنيين الأبرياء .

منير العاصي 18 عاماً قتل يومها، تقول أمه أنها لاتعرف شيئا عن أمريكا أو ديمقراطيتها أو سياستها أو شعبها أو قيمها، كل ماتعرفه أنها قتلت إبنها .. وقالت أنها لاتستطيع القراءة ولاتملك تلفزيون كما الكثيرين في قريتها، وتقول: تنظيم القاعدة هو "سيئ للغاية"، ولكن التفكير في أن أصغر ابنائها يقتل بصاروخ أمريكي يطارد أحلامها في الليل. انها تصرخ غضبا على الناس الذين أخذوا ابنها: "مجرمون!"  .. تقول  "أنا مثل أي شخص أعمى الآن"، وتضيف "كان منير عيني."

على بعد آلاف الأميال من واشنطن، يحتدم النقاش حول الانعكاسات الأخلاقية والقانونية لاستخدام طائرات بدون طيار للاستهداف القاتل.. الأسماء ووجوه العديد من الضحايا ترسم صورة حزينة جدا، بعض الآباء لم يعد بمقدورهم شراء الغذاء والدواء لأطفالهم. بعضهم من الاطفال جريمتهم الوحيدة في الحياة هو أنهم خرجوا على مواعيد دراستهم للعب كرة القدم مع الأصدقاء. بعضهم من الأمهات الحوامل الذين كانوا ببساطة في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. إن تركيز الولايات المتحدة  على الاستهداف الناجح للأسماء " قائمة قتل سيئة السمعة "، وارتفاع عدد المدنيين الأبرياء الذين تقتلهم طائرات أمريكية بدون طيار، كل ذلك يهدد بتدمير الأسر ووقوداً يذكي جذوة التجنيد في تنظيم القاعدة .

أصبحت الطائرات بدون طيار أكثر شيوعا في اليمن في السنوات الأخيرة، في حين تم تسجيل ضربات في باكستان منذ ما لا يقل عن يونيو 2004، وتستخدم للقضاء على أعضاء شبكة سيئة السمعة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب)، وقد تم ربط القاعدة في جزيرة العرب بالمخططات الارهابية الأخيرة بما في ذلك مؤامرة الملابس الداخلية المفخخة 2012م التي تم إحباطها، فضلا عن الطرود المفخخة التي اعترضت قبل وصولها إلى المعابد اليهودية في شيكاغو في عام 2010.

شهد برنامج الطائرات بدون طيار بعض النجاحات، بما في ذلك غارات جوية على أهداف رفيعة المستوى مثل سعيد الشهري، وهو مواطن سعودي شارك في تأسيس القاعدة في جزيرة العرب، و نشطاء كبار كــ سمير خان وأنور العولقي. وكان هذا الأخير واعظا غالباً مانقلت عظاته المستفزة إلى اللغة الإنجليزية، أما سمير خان فكان ذات يوم مواطن أمريكي. ومع ذلك فتزايد استخدام ما يسمى ب "ضربات التوقيع" - هجمات ضد المشتبه بهم ولكن الأهداف مجهولة – جعل هناك علامات مقلقة على نحو متزايد حيث أعتبر العديد من الضحايا مذنبين بالتبعية. أي أنهم لم يقترفوا أي جرم، وأسمائهم ليست جزءا من أي قائمة، وفي بعض الحالات، لايعرف حتى صاحب الجثة.

استهداف نجل العولقي، عبد الرحمن البالغ من العمر 16 سنة، وهو قاصر ومواطن أمريكي أثار جدلا نارياً في الكابيتول هيل حول حدود هذه التكنولوجيا إذ أنه من الممكن قتل المواطنين الأمريكيين في الخارج بدون حتى اعتذار. عبد الرحمن لم ير والده منذ عامين عندما قتل. وقال انه ليس له صلة بتنظيم القاعدة، ويقال أنه عاش حياة صبي عادي على غرار أي مواطن في أمريكا.

القاعدة في جزيرة العرب "مشكلة كبيرة"، وقال فارع المسيلمي، الناشط اليمني والمحلل الذي شهد مؤخرا في اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي لأول مرة عن حروب الطائرات بدون طيار، والهجوم الذي حصل على قريته في مقابلة  " ما تفعلونه هو جعل أي جهود لمكافحة القاعدة في جزيرة العرب أكثر إشكالية، وقد وضعت قواعد اللعبة، ليست لديهم مشكلة في اطلاق النار، حتى لو أدى ذلك لموتهم، وهناك ترتفع أعداد الأفراد داخل المنظمة ويتكون جيل جديد".

هجمات بدون طيار الأمريكية في اليمن ارتفعت إلى 53 هجمة في العام الماضي، ما يقارب ثلاثة أضعاف عدد الهجمات في عام 2011، وفقا لتقرير مجلس الخبراء الذي مقره في واشنطن (مؤسسة أمريكا الجديدة) ويقدر معدل القتلى المدنيين من تلك الهجمات ما بين 4 في المئة و 8.5 في المئة.

إدارة جورج دبليو بوش، على النقيض من ذلك، شنت هجوم واحد بطائرة بدون طيار في اليمن فقط في سنواته الثمانية، بينما نفذت إدارة أوباما 316 هجمة على الأقل منذ توليها مهام منصبها، مقابل الضربات الـ52  التي أجريت من قبل إدارة بوش ونفذت في باكستان.

(TBIJ) واحدة من عدد قليل من المنظمات الدولية تحاول تجميع احصائيات عن عدد القتلى المرتبطة بعمليات بدون طيار، ومقرها في لندن ، هذه المنظمة التي تعمل من أجل صحافة استقصائية تقدر عدد المدنيين الذين قتلوا في غارات بطائرات بدون طيار في اليمن بأكثر من 45 شخصا. عدا الضربات السرية الغير مؤكدة، التي تخمنها بما يصل إلى  136 قتيلا من المدنيين حتى الآن. أما عدد الوفيات المدنية في باكستان حسب تقديراتها منذ عام 2004 في أي مكان 411إلى 884،  مع نسبة الأطفال التي تمثل ما يقرب من 197 من تلك الوفيات .

الأهم من ذلك أن هناك دلائل على وجود مجموعة واسعة من آلاف السكان اليمنيين تعاني من الاضطرابات النفسية المرتبطة بالخوف من العيش في ظل طائرات التجسس والطائرات بدون طيار، بما في ذلك الصدمات، والقلق، واضطراب إجهاد ما بعد الصدمة، معاناة من سماع صوت أزيز مستمر من طائرات بدون طيار تحلق فوق المكان.

تقول بعض النساء أنهن أجهضن من صوت الضربات القريبة، ويقول نشطاء أن الظاهرة متنامية. كما لم تتلق أي أسرة من أسر الضحايا أي تعويضات عن الضرر أو الموت " سواء كانت صحيحة أم خاطئة" ، وقال ليتا تايلور، وهو خبير بالدفاع عن حقوق الإنسان في اليمن يعمل مع هيومن رايتس ووتش "هناك كمية هائلة من الغضب من برنامج القتل المستهدف، وأخطاء الولايات المتحدة تحتاج إلى الاعتذار والتعويض وعقد تحقيقات شاملة للمساعدة في منع المزيد من الضحايا من المدنيين".

في يناير كانون الثاني، أطلقت لجنة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تحقيقا حول طائرات بدون طيار والتأثيرات التي تواجه المدنيين في بلدان مثل اليمن وباكستان والصومال، وأفغانستان، وتهدف لتقييم ما إذا كان البرنامج متوافق مع القانون الدولي. العديد من الناشطين في اليمن أشاروا إلى السياسات الكتومة لبرنامج الطائرات بدون طيار الأمريكية، والتي تجعلها صعبة جداً لإثبات الإصابات بين المدنيين " ليس هناك مسئولية "،  قالت أطياف الوزير وهي باحثة يمنية أمريكية ومدونة عملت على توثيق حالات الضحايا المدنيين " ليست هناك معلومات بشأن قائمة القتل، أهل المنطقة بالكامل يمكن أن يعتبروا من المنتمين للقاعدة لأنهم يعيشون في منطقة مؤكدة ".

النداءات المتكررة ورسائل البريد والإيميلات الاحتجاجية على طائرات بدون طيار إلى البيت الأبيض لم يُرد عليها، وقد أشارت وزارة الدفاع الأمريكية بخصوص هذا البرنامج إلى تصريحات سابقة أدلى بها مدير وكالة المخابرات المركزية "جون برينان" العام الماضي حول هذا البرنامج والذي يلاحظ فيها " لم يسبق للولايات المتحدة أبدا أن كانت منفتحة فيما يتعلق بسياسات مكافحة الإرهاب والمبررات القانونية ... يمكن للمرء المجادلة، لم يحدث من قبل أن كان هناك سلاح يسمح لنا أن نميز عملياً بين إرهابيي القاعدة والمدنيين الأبرياء ".

كثيرون في اليمن رفضوا هذا " طائرة أمريكية بدون طيار أصبحت بعبع في اليمن"، وقال هيكل بافانا وهو محام دولي يمني سنغافوري استهدفت مدينته الأصلية "وادي حضرموت" بشدة : "ما هي الفائدة من كسب الحرب ضد القاعدة إذا توجب على أمريكا أن ترمي كل مبادئها وقيمها الأخلاقية؟ ".

ويقول سكان في محافظة مأرب بأنهم على خط الجبهة في هذه المعركة، مؤكدين على أن القاعدة تتحرك على نحو متزايد في منطقتهم، وتجلب المتاعب بدءا من الضربات الجوية، وقد قتل مدني واحد على الأقل حتى الآن هذا العام بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار.

 تقول فاطمة 9سنوات إنها تشعر بالخوف من "تلمس تلك النبتة" وقلبها يدق بسرعة كل يوم عندما تسير مع أشقاءها الصغار إلى المدرسة، وتضيف  "اخشى انهم سوف يقتلوني ".

وقال ناصر القاضي 30 عاما وهو مواطن من مأرب: في يناير قطع رجال القبائل الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة احتجاجا على إهمال الحكومة، وكان عدد من القبائل حاول تنبيه السلطات اليمنية إلى وجود حضور متزايد لتنظيم القاعدة في منطقتهم، لكن السلطات لم تفعل شيئا. واضطر القبائل إلى الاعتماد على أنفسهم، حملوا السلاح ضد المسلحين في محاولة لإخراجهم، والحقيقة هي :" قبيلتي يمكن أن تحميني من تنظيم القاعدة، لكنهم لا يستطيعون حمايتي من طائرات بدون طيار".

ويقول البراء شيبان منسق "ريبريف" في اليمن، وهي منظمة الحقوق القانونية التي عملت أيضا مع المحتجزين في خليج غوانتانام "ان الحكومة اليمنية كان لديها فرصة للقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة، لكنهم يهملون هذه الحقيقة وبدلا من ذلك، يضربونهم بطائرات بدون طيار ويسببون خوفاً ورعباً بين السكان المحليين والأسر في تلك المنطقة ".

في مقابلة لصحيفة واشنطن بوست في سبتمبر، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي: "كل عملية قبل أن تحدد مكان هدفها تأخذ إذنها من الرئيس "

وثمة نقاط تشير إلى أن الأمن القومي يساند هذا الشكل الناشئ من الحرب بحجج نشيطة ودفاعية في آن، ويستشهد على الحاجة إلى استخدام هذا الإجراء (طائرات بلا طيار) بتلك المؤمرات القاتلة التي تحاك ضد الولايات المتحدة الأمريكية وضد شعبها . ويقول دعاة برنامج الطائرات بدون طيار ان استخدام الطائرات بدون طيار يسمح بمزيد من الوقت، وضغط أقل، والتحكم الأفضل من قبل المشغل لها بدلاً من طيار مقاتل في طائرة F-18 على سبيل المثال – وضوابط وأخطاء أقل، وأيضا المشرفين على مشغلي الطائرات بدون طيار، مقابل طياري المقاتلات، والكلمة قيلت من تلقاء نفسها: "أنت لا تعرف أي ضرر إضافي حتى تقوم بإرسال البشر لإسقاط القنابل من 000 ,35 قدم الذين يخافون على حياتهم" وقالت ماري كامينغز، أستاذ مشارك في علم الطيران والملاحة الفضائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا " ليس هناك شك في ذهني أن هذه هي أفضل وسيلة، ومع الوقت سنحصل على نتائج أفضل وأفضل من السابق، وربما سيأتي يوم نستطيع ان نفعل ذلك دون وقوع اصابات أو أعراض جانبية".

إن الوضع الصعب ، أن يعيش الناس في خوف من أنهم لن يكونوا الضحية التالية.. ترملت ماجدة عوض محمد 25 عاما من ضربة مزدوجة في جعار وتواجه الآن مع الخوف عجزها عن إطعام أطفالها الثلاثة، وكان زوجها عادل أحمد محمد عامل يبيع الموز في المدينة، وكانت ماجدة سعيدة في ذلك اليوم الذي لم يعد فيه زوجها لأنها ظنت أنه وجد عملاً كثيراً ولم تكن تعلم أنه كان في سوق قريب من منزل أنور العرشاني حين نفذت طائرة أمريكية بدون طيار هجمتها عليه، وتقول ماجدة " ابني مريض ولانملك المال لشراء دواء له ، لااستطيع فعل شيء أنا عاجزة .." .

المصدر : تحقيق ..فيفيان سلامة/ مجلة ذي أتلانتك ال
عدد القراءات : 14224
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات