احدث الاخبار

بقايا جاهلية ...

بقايا جاهلية ...
اخبار السعيدة - بقلم : حلا .م. طه         التاريخ : 19-10-2009

قبل دقائق فقط لم تكن في نيتي أن أكتب عن هذا الموضوع و لكن ما حصل في اللحظات السابقة قلب كل كياني و لم أجد ما أشعل به ناري إلا الكلمات ... كنت أجلس أمام أوراقي و أهم بالكتابة عندما سمعت بكاء أطفال من البيت المجاور لنا ، لم آبه في الموضوع لأن الأطفال دائما يبكون ، إلا أن أصوات دموعهم بدأت ترتفع بحرقة و رعب و ألم ، قمت لأنظر من نافذتي المطلة على بيتهم الأرضي إلا أنني ترددت كونه لا يحق لي التعدي على خصوصيتهم و بالذات أن علاقتي بهم لا تتعدى السلام و السؤال عن الحال ...

حاولت أن أبدأ ما هممت في بدئه قبل قليل إلا أن الأصوات لم تصمت بل تداخل معها صوت بكاء امرأة مما جعلني أهرع نحو النافذة بقلق و دون تردد لأفاجأ بمنظر الرجل الكبير صاحب البيت و هو يضرب زوجة ابنه في ساحة البيت الأمامية بعد أن انتهى (كما بدا لي) من ضرب أطفالها ...

وقفت أنظر مصدومة إلى ذلك المشهد كأنني أمام فيلم سينمائي متقن التمثيل ... لم أحتمل المنظر ... كان صوتها يعلو و تعلو معه نسبة الاستفزاز في داخلي ... شعرت أنني في كابوس أريد أن ينتهي ... كنت أضع يدي على أذني و أدور في الغرفة كمن يريد أن يصاب بالدوار حتى ينتقل إلى عالم آخر ...

كانت دموعها تحرقني لدرجة تعدت رغبتي بالبكاء إلى الصراخ ... فهي ما زالت صغيرة ...

رغم أن لديها 3 أطفال و حامل إلا أنها تصغرني سنا ...متغربة عن أهلها ، مسالمة جدا ، و لديها وجه طفولي بريء ...

كنت أريد الصراخ بأعلى صوتي لمجرد رؤيتي لما يحدث فكيف إن كنت داخل تلك الدائرة ؟؟!!

لم أستطع تحمل الفكرة و ركضت إلى الأسفل و تجاهلت صوت والدتي التي تقول لي : " يا ماما ما تتدخلي ، ممكن تسمعي منه كلام مو منيح ... و ..... "

فتحت باب البيت و ركضت إلى السور الذي يفصل بيتنا عن بيتهم و وضعت قدمي على حافته و وقفت عليها كنت أريد أن أصرخ عليه ... أن أسبه بألفاظ لم تخرج مني من قبل ... أن أمسكه من رقبته و أخنقه حتى يفارق الحياه ...

و لكنه كان قد انتهى من وجبته عند وصولي حيث ابتعد و جلس في آخر الساحة يسب و يلعن بينما كانت هي بجانب السور تبكي و حولها زوجة ابنه الأخرى و بناته يهدئنها بعد أن وصلا معي تقريبا إلى تلك الزاوية ...

كنت أرى المشهد من أعلى السور غباشا بملامح غير واضحة ، و شعرت للحظة أنني في سابع سماء و هم في سابع أرض ...

لم أعرف ماذا أفعل لحظتها عندما وجدت إحدى بناته المتزوجات تنظر إلي بخجل و زوجة أخيها تبكي متألمة : "مو عارفة أسمع في داني" ...

لم اشعر بنفسي إلا و أنا أقول لها بنبرة حادة كي يسمعها والدها : "شو اللي بعمل فيه هاد؟! وين عايشين انتوا ؟! في أي عالم ؟! هاد اسمه حرام ... عيب ... تخلف " ....

كنت أتمنى أن يكون والدي في البيت وقتها كي يوقف هذا المتخلف عديم الأخلاق عما يفعله بفتاة في غربة عن أهلها و لكن للأسف لم يكن هناك غيري و أمي التي ما انفكت تنادي علي كي لا أسمع من هذا المخلوق اللاإنساني أي كلمة إلا أنني كنت ما زلت متسمرة على السور بغضب يكاد يشعلني نارا .... حاولت أن أتوقف بكلامي هنا و لا أقول ما يمكن أن يزيد ألم هذه المسكينة عندما أتت أمي كي أنزل عن السور و ابتعدت و تركتها تتحدث مع إحدى الفتيات قائلة " ديروا بالكم عليها ... حرام .. هاي بنت في غربة بعيدة عن أهلها و ما الها حد " .... ابتعدت و قلبي يؤلمني و عقلي يؤلمني و روحي تؤلمني على كل فتاة تعذب بعيدا عن أهلها ، و على كل امرأة تعامل معاملة الجاهلية ، و على كل انسانة تعيش مع أناس لا ينتمون إلى البشرية ، و على كل متزوجة ليس لها أي سند في عائلتها أو أي بيت يفتح لها ذراعيه كي تعود إليه ، و على كل أم تضحي بكرامتها و حياتها متوهمة أن هذا سيكون أفضل لأبنائها !

فاتقوا الله أيها العالم في نساء أمرنا الله و رسوله بإكرامهن ...

اتقوا الله في زوجاتكم و أخواتكم و أمهاتكم و بناتكم و نساء العالم أجمع ...

أكرموا من يدخلن بيوتكم كي ييسر الله لبناتكم من يكرموهن في بيوتهم ....

فما أكرمهن إلا كريم و ما أهانهن إلا لئيم .

 

المصدر : نقلا عن أخبار مكتوب
عدد القراءات : 2649
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
محمد المسوري
احسنتي في الطرح وبارك الله فيكي وكنت اتمنى ان تكوني محجبه وفقك الله الى ما يحيه ويرضاه وجعلك من الصالحات اختي الكريمه حلا اخوك محمد اليمن