احدث الاخبار

(أبو عمرة) أول أصم يحصل على البكالوريوس بغزة

(أبو عمرة)  أول أصم يحصل على البكالوريوس بغزة
اخبار السعيدة - غزة (فلسطين)         التاريخ : 14-08-2012

أن يحصل إنسان سوي على شهادة جامعية فهذا أمر معتاد، ولكن أن يتدرج معاق أصم أبكم في مراحله التعليمية وفي مدارس الأصحاء ليحصل أخيرًا على شهادة البكالوريوس في التخصص الذي يحب، فتلك قصة عجيبة بطلها الفلسطيني سعدي سليمان أبو عمرة.

والشاب أبو عمرة هو أول أصم يحصل على شهادة البكالوريوس في قطاع غزة مؤخراً، وذلك بعد مشوار طويل من التحدي بدأه منذ نعومة أظافره منذ التحاقه بالمدرسة.

ولم يكن صممه سببًا لأن يلتحق بمدارس ذوي الإعاقة وهو لا يصنف نفسه ضمنهم، فقد امتلك إرادة منذ طفولته جعلته يجتاح مؤسسات الأصحاء، وبحداقته تغلب على رفضها له، والأعظم من كل هذا أنه اتخذ من الفشل دافعًا لتحقيق حلمه.

ويتحدث أبو عمرة ( 30 عاما ) بلغة الإشارة عن مسيرته قائلاً "بدأ مشواري من الصف الأول الابتدائي، فالتحقت بمدرسة عادية، ورسبت مرة وطردني المدير بحجة أني أصم".

 


ويضيف "جاءت والدتي إلى المدرسة ووعدت المدير أنه إذا رسبت سنة أخرى ألا أبقى في المدرسة، وكان هذا وعد حققته ونجحت واجتزته إلى الصف الثاني".

وكان يطلب من المعلمين الجلوس في المقعد الأول داخل الصف وأن يرفع المعلم صوته، وفي هذه الأثناء كان يحاول أن يستغل سعد بقايا ضعيفة للغاية من سمعه وأن يكتسب مهارة مراقبة شفاه المعلم.

يقول "فشلت مرة أخرى في الصف الرابع الابتدائي لكني بقيت في المدرسة واجتزته، وكانت لي تجربة فشل أخرى في الصف السادس أيضاً، وكل هذا جعلني أصر أكثر على الاستمرار في الطريق".

الفشل دافع للاستمرار


واجتاز أبو عمرة الإعدادية بنجاح، حتى وصل إلى الثانوية العامة وفشل فيها، لكنه أعاد الكرة واجتازها أيضًا، ودفعته ميوله نحو الفن ليستغل ذلك في المشاركة بالمخيمات الصيفية والمعارض وتقديم أفكار للمهرجانات، لأربع سنوات متتالية.

وفي إحدى مهرجانات تكريم المتفوقين التقى أبو عمرة بأحد معلميه من المرحلة الإعدادية والذي انبهر كثيرًا بأفكار المهرجانات والرسومات التي كانت جميعها من إبداعه.

يقول "لما عرف المعلم أني اجتزت الثانوية العامة، انبهر وقال لي حرام أن تبقى هكذا وألا تملك شهادة جامعية وأنت بهذا الإبداع، وكان هذا المعلم الدافع الأول لي نحو التسجيل بالجامعة".

تحد من نوع أخر


وهنا بدأ الشاب مشوارًا أخر برز فيه مستوى التحدي الكبير الذي كان يتمتع به، خاصة أنه كان يصر على الالتحاق بتخصص التربية الفنية في البكالوريوس رغم حصوله على معدل 52.4%!

 


وتوجه إلى جامعة الأقصى ورفضت قبوله في البكالوريوس، وعرضوا عليه عدة تخصصات في الدبلوم لكنه رفض، ورغم أنه حاولت اقناعهم بقبوله إلا أن الجامعة كانت تحتج بأنها تخشى ألا يتم اعتماد شهادته من وزارة التربية والتعليم.

ولم يضعف أمل سعدي فقصد جمعية المستقبل للصم للكبار وشرح لها طلبه، وبالفعل استجابت لذلك ورفعت كتاباً إلى وزير التربية والتعليم للقبول به طالبًا في نظام البكالوريوس وإعطائه فرصة لتحقيق حلمه، حتى استجابت لذلك.

يقول "حصلت على معدل أقل من 64% في الفصل الأول بالجامعة فقد كان صعباً خاصة وأنها كانت البداية، وتم تقديم انذار أكاديمي لي  بسبب تدني المعدل".

ويضيف "هذا الإنذار جعلني أفكر باختيار زملاء لي يساعدونني في الجامعة، وبالفعل تجاوزت الـ67% بمعدلي التراكمي، وهذا ما أشعر الجامعة بقدراتي وكان سبباً في تقرب الأساتذة وزملائي مني".

نموذج للنجاح


وبعد خمس سنوات دراسية في الجامعة تخرج الشاب أبو عمرة بمعدل 77.8%، ليكون أول أصم يحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة عادية في غزة ودون استعانته بأي من مؤسسات التعليم للصم أو المعاقين.

 

وتقدم ألو عمرة الشكر لرئيس الجامعة والهيئة التدريسية والعاملين فيها لما بذلوه من جهد لتسهيل كل العقبات التي واجهته أثناء الدراسة.

ورغم وضعه الاجتماعي الصعب خاصة أنه يتيم وتحمله المسئولية في مساعدة والدته بأعباء الحياة، إلا أنه نجح في حياته الاجتماعية، واستطاع العمل في الإجازات الصيفية لتوفير تكاليف الزواج، وهو الآن متزوج ويعيل طفلاً لا يعاني من أي نوع من الإعاقة، إضافة إلى امتلاكه محل صغير للبوسترات واللافتات والأعمال الفنية في مكان سكنه بدير البلح وسط القطاع.

أبو عمرة يناشد فخامة الرئيس أبو مازن والحكومة بغزة والضفة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" بتوفير وظيفة تتناسب مع مستواه وشهادته وتقدر مشوار التحدي والصمود الذي سلكه للوصول إلى هذا المستوى.

فيما يؤكد مدير جمعية المستقبل للصم للكبار أدهم عيد أن الشاب أبو عمرة نموذجاً حقيقياً للتميز والنجاح، لافتاً إلى أن أعماله الفنية يتم تسويقها عبر الجمعية ومشاركتها في المعارض الفنية، ويشارك كمدرب في الدورات التي تنظمها الجمعية.

ويطالب عيد الحكومة بغزة بالاهتمام بالشاب أبو عمرة لسببين، أولهما أن هذا من حقه وفقاً لقانون تشغيل المعاقين الذي يؤكد أن 5% من الوظائف الشاغرة لصالح المعاقين، والثاني أن تشغيله سيكون دافعاً لكل الطلبة الصم الذين يدرسون في المدرسة الثانوية للصم التي تم افتتاحها قبل عامين.

ويدعو عيد الحكومة والجامعات ووزارة التربية والتعليم بإعداد الخطط والتحضير لاستقبال الطلبة الصم الجدد واعداد التخصصات والأماكن اللازمة لهم، لأن أكثر من مائتي طالب وطالبة منهم سيتخرجون من المدرسة الثانوية ويتوجهون إلى للالتحاق بالجامعات.

عدد القراءات : 2922
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات