احدث الاخبار

من أنت حتى تنصحني

من أنت حتى تنصحني
اخبار السعيدة - كتب - الكاتب: محمد ابراهيم الغرباني         التاريخ : 16-11-2011

يا إلهي , حينما أتذكر المواقف التي كُنت فيها ناقداً لاذعاً لكثير من أفعال الآخرين أصاب بخيبة أمل كبيرة سرعان ما أصحو منها حين أتذكر أن الماضي انتهى بدرس تعلمت منه شيئا جديداً . وهي فرصة أيضا لأقدم اعتذاري لكل  شخص بدر مني تجاهه ما يكره فقد كنت سابقاً أقولها في نفسي لأي شخص ينصحني .. من أنت حتى تنصحني .

 

أحببتُ أن أتحدث اليوم عن مُعضلة حقيقية وشيء جميل في نفس الوقت , إنه النصح  والتوجيه كما أحببت  أن أسميه مؤخراً بدلاً من النقد خصوصاً وأن مفردة النقد دائماً ما تُوحي بالسلبية وتدعوا للإحباط .

 

في حياتنا نغفل كثيراً أهمية نُصح الآخرين لنا , إننا لا ننتبه إلى أن ما يقوم به كِبار السن والخبرة أيضاً هو توجيه وإرشاد لنا كي لا نقع في أخطاء وقعوا فيها , لقد تعلموا دروساً كثيرة في حياتهم تجعلهم يوجهون لنا عملية النصح والتوجيه للأشياء التي نُقدم عليها ونقوم بها.

 

أصبحنا ننظر لها على انها تدخلاً غير مرغوباً به في شؤوننا العامة والخاصة .

 

تعالوا نتوقف مع أنفسنا قليلاً ونسأل هذه الأسئلة حين نُواجه نصحاً من أحد قد تتبادر إلى أذهاننا حتماً :

 

لماذا نرفضُ نصح الآخرين ؟

لماذا ينصحنا الآخرين ؟

كيف أفرّق بين نصيحة الناس لي وحسدهم مما أقوم به وأفعل  ؟

 

والسؤال الأكثر ألما ً | ماذا أفعل حيال ذلكــ ؟

 

ولأجيب على هذه الأسئلة وأتركُ لكم مشاركتي الإجابة أيضاً من خلال تعليقاتكم وسأترك الإجابة على السؤال الثالث لآخر المقال .. وأقول :

 

ببساطـة | نرفضُ نصائح الآخرين لوقوعنا في فخ " غرور المعرفة " فبمجرد أن نصل لمرحلة عمرية معينة و نشعر فيه بأننا كباراً ونُحسن استخدام الانترنت و نتابع الكثير من البرامج المختلفة أو نُتقن لغات مختلفة فإننا نبدأ بتقمص شخصية العارف والفاهم لكل شيء , لا نستمعُ لنداءات الآخرين لنا بالتوقف أو الانتباه لخطواتنا في الحياة و نستمر فيها في مكابرة مقيتة تُوصلنا إلى الصراع الداخلي العميق في ذواتنا ومن ثم الدخول في دائرة تأنيب ضمير غير منتهية .

 

نرفضُ نصائح الآخرين لأننا نشعر بأننا وصلنا إلى مرحلة لم نعد بحاجة فيها إلى آباءنا وأمهاتنا والآخرين الذين يحلو للكثير تسميتهم بأنهم | دقة قديمة | و | مش عصريين  | .. فنبدأ بالتوهان والتضارب في الأقوال والأفعال وننسى أن | الدين النصيحة | أيضاً .

 

إذا فكرنا قليلاً , ما الذي يجعل الآخرين يُقدم لنا النصيحة , ولمحاولة الإجابة سأضعُ عليكم هذه الخيارات :

 

    حُبهم لنا وخوفهم علينا من الوقوع في الخطأ .

    رغبتهم في أن يكون نجاحنا كاملاً .

    لمجرد انهم يحبون أن يقدموا النصيحة وأنهم ينظرون إلى الآخرين أنهم بحاجة لهم .

    يمقتون نجاحنا ومانقوم به فيبدأون برمي الكلمات المثبطة والمُحبطة لنا لنفشل وهذه النقطة مرتبطة بالسؤال الثالث أعلاه .

 

سأتركُ لكم ايضاً بقية الخيارات لنتشارك المعلومات حولها ولأبدأ بتفنيد الخيارات بصورة بسيطة , فحين نقول بأن الآخرين يحبوننا ويخافون علينا من الوقوع في الخطأ فهو أمرٌ جميل وإيجابي لتقبل النصح ويجب أن ننظر إلى كل الأمور من زوايا إيجابية ومبدأ حسن الظن بالآخرين .

وكذلك رغبتهم في نجاحنا النجاح الكامل لهو ايضاً يجعلنا تقبل النصح وعادة لا يأتي مثل هكذا نُصح إلا من أناس خبرنا معادنهم وعرفنا صدق نواياهم في نصائحهم وأخلاقهم وسلوكياتهم وأفعالهم في الحياة تُثبت ذلك , فلا ضير من الانصات لهم والصبر على عظيم نُصحهم وقسوته , لذلك فالخيارين الأول والثاني نستطيع معرفتهما من خلال شخصيات من يقومون بالنصح .

 

بالنسبة للخيار الثالث فهو وارد الحدوث بقوة | لأن كثير من الناس في الأوساط المختلفة سواء الاجتماعية او الثقافية او الرياضية او الفنية يقومون بالنصيحة لأنهم يشعرون بأن ذلك واجبهم وعليهم القيام به ولو لم يفعلوا سيكون مصير الآخرين الفشل , امتهنوا الأمر حتى لم يعد لهم سوى غير البحث عن الناس لتقديم النصيحة فقط دون الالتفات إلى ما يجب عليهم القيام به من أشياء أخرى تُصحح من أفعال الآخرين وأعمالهم خارج هذه الدائرة , إننا نجد نصحهم أحياناً عقيماً وغير ذا فائدة فحين يفترض بهم تعليمنا في البداية يتوقفون عن ذلك حتى نبدأ العمل ثم يأتون للنصح .

 

أما الخيار الرابع والمتعلق بالسؤال ايضاً بداية المقال , والذي من خلاله يُصيبنا الآخرون بالإحباط جراء كلامهم أو نُصحهم . .  فسأترك لكم هذه  القصة لقراءتها  وأثق كثيراً بأنكم ستستنتجوا منها ما يجب فعلهـ :

 

في فترة زمنية معينة كان الجنود ينتقلون إلى مواقعهم  العسكرية عبر وسائل النقل البدائية جداً كـ العربات التي تجرّها الخيول والحمير , كان صاحب العربية وهو يقودها يوجه ألواناً من السباب والشتائم للجندي الذي معه لأنه يعرف  أن الجندي لا يتكلم لغته .. ولكن أحد المارة استوقف الجندي وقال له :

 

-    أتدري ما يقوله صاحب العربة ؟ إنه يسبك ويصفك بأقذع الشتائم ؟

 

فرد عليه الجندي قائلاً " وهل هذه الألفاظ تمنعني من الوصول إلى  المعسكر  ؟

 

رد عليه الرجل بالنفي .

 

فماكان من الجندي إلا أن قال  إذن دعه يقل مايشاء فإنما يهمني أن أصل إلى حيث أريد .

عدد القراءات : 4991
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات