احدث الاخبار

البروفيسور صالح علي باصره (منارات) يُكرم المفكر البحاثة عالم الاجتماع الأستاذ الدكتور حمود صالح العودي

البروفيسور صالح علي باصره (منارات) يُكرم المفكر البحاثة عالم الاجتماع الأستاذ الدكتور حمود صالح العودي
اخبار السعيدة - منارات - خاص         التاريخ : 10-08-2009

الدكتور العودي: - قوبل مؤلفي بالتجاهل من زملائي فيما قدمت عنه حتى ألان رسالتي ماجستير الأولى لطالب موريتاني والأخرى لطالب صومالي!! - (منارات) اختط لنفسه نهجا غير مسبوق بهذه الفعالية التي استفتح الباب على مصراعيه أمام الباحثين والمفكرين لتقديم إضافاتهم للفكر العربي والإنساني وإخضاعها للنقد العلمي.


- ترأس الأستاذ الدكتور صالح باصره للفعالية احتفاء موصول بالنظرية حين كان رئيسا لجامعة صنعاء .
تأسيساً على رؤيته الفكرية المدركة بوعيٍ بأن "الحاضر هو قاعدة الانطلاق نحو المستقبل، وأن المستقبل هو كل الحاضر..والمستقبل الوطني والعالمي المشترك بمتغيراته الكثيرة لم يعد فيه مكان إلا لمن له دور لا في حدود ذاته أو قريته القديمة، أو في وطنه التقليدي فحسب، بل وعلى امتداد مكان وزمان عالم اليوم كله، والذي أصبح قرية صغيرة بالضرورة".


وإن من صُلب مهامه على المستوى الاستراتيجي الاضطلاع باستشراف القضايا الإستراتيجية المشتركة للأمة العربية والإسلامية في عالم سريع متغير واستحضار المستقبل الاجتماعي والإنساني المشترك لكل البشر بين واقع العالمية الإيجابية وفرض العولمة السلبية" من خلال أبحاث ودراسات علمية رصينة تقوم على المبادرات المبدعة الخلاّقة لفكر مستنير يتسم بالتجديد والمعاصرة.


ينظم مركز (منارات) بمنتداه عند العاشرة من صباح الخميس الثالث عشر من أغسطس العام 2009م تظاهرة فكرية علمية تكريمية لعطاءات المفكر البحاثة عالم الاجتماع الأستاذ الدكتور حمود صالح العودي من خلال قراءات نقدية في رؤيته النظرية الجديدة الموسومة بـ(نظرية الفائض في جدلية التطور الاجتماعي من المشاعية إلى العالمية). اضطلع بإعدادها –القراءات- نخبة من الباحثين والمفكرين وعملوا من خلالها على نقد ما ساقه الباحث في "نظريته" من أطروحات ورؤى وأفكار مستغورين أوجه التجديد فيها وما تضمنته من إضافات فكرية تجديدية في الفكر الإنساني.


ويؤكد الأستاذ الدكتور العودي أن بحثه هذا هو ثمرة جهود متواصلة لقرابة الرُبع قرن من الزمن..بل هو عمل وجهد علمي اجتماعي يندرج في إطار علم البحث الذي يُشكل بنعت وثوب للجديد الموجود وصولاً للأجد والمستجد في منحيين أولهما "حاضر ومستقبل التطور الاجتماعي في ضوء متغيرات العلم والمعرفة الكونية المتسارعة"، وثانيهما "المستقبل الاقتصادي والاجتماعي العالمي المشترك بين واقع العالمية الإيجابي ومخاطر العولمة السلبية". وخلفية البحث - كما يقول الباحث- تقوم على ملمحين رئيسين: أولهما محنة شخصية اضطرته لأن يعيش بعيداً عن صرح عطاءه العلمي (جامعة صنعاء).. فيما يتجسد الملمح الثاني لخلفية البحث في ما شهده العالم من متغيرات دولية متسارعة الخُطى بدءاً  بما شهدتها تلك الفترة بتفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار ما كان يُعرف بالمنظومة الاشتراكية، وبروز مفهوم "القطب الواحد" كما يسمونه – وإن كُنت لا أراه كذلك- واندفاع الغرب الأوروبي والأمريكي بتهور لم يسبق له مثيل إلا في مراحل الموجات الاستعمارية الأولى، باتجاه الهيمنة على مقدرات وخيارات العالم الثالث، وتحديد وجهات مساراته، ومن الأدلة والشواهد على صحة زعمنا هذا ما شهده ويشهده العراق، السودان،لبنان, أفغانستان، فلسطين، وأمريكا اللاتينية، بل وحسبك دليلاً خطاب البيت الأبيض على مدى ثمانية أعوام من ولاية "بوش الصغير" حين ألفيناه يذهب إلى تقسيم العالم إلى "أشرار" و"أتباع" وممتلكات هنا وهناك.


هذه التداعيات والظروف مجتمعة - كما يقول الباحث مستطرداً- كان مؤداها عندي كمهتم باحث في شئون وشجون التحولات والمتغيرات الاجتماعية والتاريخية، إثارة العديد من التساؤلات المشروعة الباحثة عن تصورات وأخيلة علمية واقعية تتغيا الاهتداء لإجابات موضوعية مُقنِعة عن تساؤلات مترعة بالفجائية مشوبة بالذهول مما حدث وتداعياته المتسارعة..تساؤلات من على شاكلة:


ما الذي حدث؟ وكيف؟ ولماذا؟ وإلى أين منتهاه؟ وهل هنا نهاية العالم ومنظومته الفلسفية والعلمية التي ناضل الإنسان من أجلها لآلاف السنين لتؤول بين عشية وضحاها إلى مجرد "مقولة" برجماتية تُغيب العقل والمنطق، فتُسمى الطفل الفلسطيني "إرهابياً" لمواجهته الدبابة الصهيونية بحجر في يده، فيما طائرة الاباتشي الإسرائيلية الأمريكية التي تُبيد في همجية الإنسان الفلسطيني وتأتي على أرضه وحرثه ونسله وتعمل جاهدة على اقتلاعه من جذوره فهي رسول سلام ورمز محبة وقائدها الجندي الصهيوني ليس إلا حمل وديع مسالم متحضر يدافع عن نفسه في غابة من الوحوش؟!
هذه التساؤلات كانت وما زالت حتى الآن مُثارة منتصبة أمامي..وقد وجدتها جديرة بأن أخوض غمار محاولة الإجابة عنها من خلال سؤال كبير جوهري بالغ الأهمية فحواه: هذا العالم..هل هو العالم الذي حلمنا به طويلاً وطال انتظارنا لمجيئه؟


من هنا - كما يقول صاحب النظرية الأستاذ الدكتور العودي- شرعتُ مع طلابي في جامعة عدن..وفي خارج اليمن، شرعنا في هدوء وروية وعلى أساس علمي محض في مراجعة ما رسخ بوجداناتنا وثبُت بخلدنا وكنا على اعتقاد راسخ بأنه من ثوابت التاريخ والتي تستهدف متغيرات "العولمة" وإفرازاتها، زعزعة ثقتنا من ثبوتيتها لأجد نفسي أمام تحدٍ راح يتراكم وتتضح ملامحه بمخيلتي وفي ذهني يوماً عن يوم ليتبلور فكرة تتفيا إيجاد رؤية علمية لاستيعاب وفهم ما يحدث ليس من منظور إيديولوجي أو سياسي مُنحاز ليمين أو يسار، أو منتصر لشرقٍ دون غرب، وإنما من منظور علمي واحتكاماً للعلم..ولا سواه، وقد بدأتُ - كما يقول مُحدثنا- ببطء ولكن بقلق شديد، بتراكم بسيط ولكن بعزيمة لا توهن وباستمرارية لم تتوقف على مدى يقترب من الـ(25) عاماً، وبفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بما لديّ من قناعة غير متناهية بجدوى وأهمية بحثي عن الحقيقة، كانت تتوالد الحقائق وتتراكم ثم تتغير وتتطور إلى حد أنني كُنت كل ثلاثة أو ستة شهور..وفي كل عام دأبتُ على إخراج نسخة متغيرة متطورة من المشروع/الفكرة التي كُنت أعيشها في أحايين كثيرة على مدار الساعة لاسيما حين تبرز أمامي معطيات إشكالية وشواهد من الواقع باعثة على الحيرة ومُحفزة للتأمل.


ويمضي في الحكي مستطرداً: وفي مرحلة لاحقة عنّ لي طرح ما أصل إليه من مفردات وجزئيات الحقيقة التي أنشدُ الوصول إليها، على "الآخر" فبدأت بطرحه على طلابي في مساق الدراسات العليا بجامعة عدن، ثم على زملائي إينما التقيت بهم، أما بعرضه مخطوطاً باليد وإما بإنتهاج الحوار الفكري سبيلاً للعرض، وعلى هكذا نهج مضيت حتى آواخر عقد الثمانينات من القرن الميلادي الماضي.
ولما سألتُ مُحدثي: وماذا عن مآل فكرته ونهجه هذا في عقد التسعينات؟


أجاب: المعروف أن بواكير العقد التسعيني قد شهدت إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الـ(22) من مايو العام 1990م فكان هذا المنجز محفزاً لي لأحث الخطى باتجاه مشروعي لاسيما وقد حدثت انفراجة في محنتي الخاصة فصرت أكثر شغفا وتركيزاً فاستنهجت نهجي الذي كنت قد استنهجته مع طلابي في جامعة عدن , مع طلابي في جامعة صنعاء الدارسين بمساق البكالوريوس في مادة النظرية الاجتماعية التي تبنيت تدريسها.


وفي عام 1999م وصلت إلى جملة  من الثوابت والآراء التي أرى فيها مستوى من الثبات العلمي واليقين الموضوعي لإيجاد رؤية اجتماعية متكاملة , وفي لحظة وقوف مع الذات  تبدى لي إن الإنسان ليس بمقدوره تحديد نهايته في الوجود فما كان مني إلا إن أخذت ملف المشروع بغثة وسمينة ودفعت به إلى المطبعة ليخرج في كتاب متضمنا العديد من الخواطر والآراء ذات الصلة بالموضوع لتكون بمثابة المادة الخام التي لم تتبلور بعد كما ينبغي لها إن تكون وكانت قراءات طلابي وزملائي لهذا الكتاب الذي طبع في بيروت (مكتبة الجيل) أثار جدلاً كبيراً ودفعني إلى تطوير الموضوع كدأبي في التعامل معه منذ البداية غير أنني بدلا من إن أطوره كميا من حيث عدد الصفحات إذ كان أكثر من ثلاثمائة صفحة بدأت أركز على تطويره نوعيا وموضوعيا بجعله مقتصرا على مادة علمية لا تتجاوز المائة والخمسين صفحة وهي تتشكل من رؤية من أربعة أقسام تتوزع على النحو الأتي:


- قراءة نقدية للفكر النقدي العلمي الأكثر وجوداً وفعالية على النطاق العالمي في مجال علم الاجتماع والفلسفة والاقتصاد.
- فيما الأقسام الثلاثة الأخرى فهي عبارة عن الرؤية للنظرية الاجتماعية البديلة المكونة من أربع تشكيلات تاريخية مختلفة عن الرؤية الماركسية والرأسمالية وما شابهما من الرؤى.


وعما يقصده الباحث بـ( الفائض ) في نظريته قال: الفائض هو المتغير الرئيسي والثابت بمعنى  فالفائض لا يعني فائضا اقتصاديا عن ميزان المدفوعات أو قيمة اقتصادية زائدة عند ماركس أو فائض الإنتاج في السوق فهذه كلها فوائض ولكن وفق مفاهيم جزئية بسيطة فيما الفائض الذي نقصده في نظريتنا فنعني به كل ما يتم أنتاجه في زمان ومكان معين وينتفع به في مكان وزمان لاحقين أكان هذا الإنتاج ماديا أو روحيا.


ومن هذا المنظور فأن الإنسان الأول الذي حك حجرا بحجر لإشعال النار هو أول من وفر فائضا في إنتاج الطاقة التي نصعد بها اليوم  إلى الكواكب الأخرى , وقس على هذا في كل شيء ماديا كان أو معنويا.


وكما سألناه عن أهم سؤال يثيره بحثه في نظرية الفائض أجاب: كان أبرز تساءلين انتصبا أمامي وانا اجمع واحلل مادة رؤيتي هذه هما: هل إن النظام الاشتراكي وفكرة العدالة الاجتماعية والمساواة التي رفعها الاشتراكيون في الشرق والغرب وراحوا يطبقونها بالفعل أصبحت مجرد خرافة لا قيمة لها ؟ ثم هل كل ما كشدت عنه أنياب الامبريالية العالمية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والمنهجية التي واجهت بها العالم هل هذه الحقيقة التي يستلزم الأخذ بها ولم يعد من خيار كبديل عنه؟


ومن فضل الله انه ثبت بأن الاشتراكية وانهيار منظومتها لم يكن تعبيرا عن نهاية العالم ولا الخطاب الذي ساد حقبة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وحتى حرب العراق لم يستطع إن يفرض نفسه على العالم وبالتالي فأن الأخير بحاجة إلى الاحتكام لقوانين وثوابت في الطبيعة وهذا ما أصبحت على يقين من أنني قد اجتهدت في الوصول إلية وأصبح مجسدا في رؤيتي التي أتمنى إن تكون لبنه على طريق تكوين رؤية علمية لإدارة هذا العالم المترابط بعضة ببعض .


إما الإضافة التي تحملها الرؤية فتتمثل في قوة التطور الاجتماعي في مختلف مراحله الماضي والحاضر والمستقبل بحيث يمكنك إن تضع كل مظهر من مظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتعمل على إدخاله في سياق قانون اجتماعي قابل للعمومية والثبات بدرجة  كافية من اليقين العلمي وهذه مسألة موجودة في العلوم الاجتماعية ولكن لم تكن معروفة وبالتالي فإن ما أتينا به في رؤيتنا يتجاوز كل ما عرفناه وقراءناه على هذا الصعيد. 


وقبل إن يأتي الأستاذ الدكتور حمود العودي على خاتمة حديثه بالتعبير عن شكره وامتنانه لـ(منارات) ومبادرته التي تكاد غير مسبوقة في انتهاج إخضاع رؤى وأفكار الباحثين والعلماء المفكرين اليمنيين للبحث والدراسة والنقد في تظاهرات فكرية وعلمية تفضي لاستبانه أوجه الإشراق والاحقاف فيها .. كما تستجلي ما أصابت فيه وما جنيت فيه الصواب وبالتالي إبانة ما تشكله من إضافات نوعية للفكر الإنساني .


 إلى هذا ثمن جهود البروفسور صالح علي باصره من موقع الباحث المفكر العالم , وعلى رأس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لما أبداه ويبديه من اهتمام بـ(نظرية الفائض في جدلية التطور الاجتماعي من المشاعية إلى العالمية)  منذ إن كان في رئاسة جامعة صنعاء وبعد إن أصبح في موقع الرجل الأول في الوزارة وما ترحيبه بترأس وإدارة إعمال الفعالية المرتقبة إلا دليلا جديداً ساطعاً على احتفاءه بالمشروع المبادرة الفكرية ,وتكريمه لنا ومن خلالنا لكل فكر جديد مبدع خلاق .


ولم يفت محدثنا إن يبدي عتبة على زملاءه الذين كما يقول انه لخمسة أعوام أو أكثر وافاهم بنسخ من كتابه (نظريته ) لنقدها وإجراء رأيا فيها فلم يجد رداً عدا الصمت واللامبالاة والتجاهل, حتى وان كان مخالفا " والتجاهل كما يقول الشاعر عبد الرحمن الابنودي – مدرسة نقدية كاملة تخفي خلفها سوء نية وتآمر لا حدود له" واللافت الباعث على التأمل إن تنجز خلال هذه الفترة رسالتي ماجستير الأولى لطالب موريتاني بجامعة صنعاء معنونة بـ(دور الفائض في تطور المجتمع العربي من القبيلة إلى الدولة) دراسة لمرحلة صدر الإسلام.
فيما الدراسة الأخرى لطالب صومالي موسومة بـ( دور الفائض في مجتمعات إفريقيا الاستوائية ما قبل الرأسمالية).


وأخيرا نقول لكم يبدو إن لا كرامة لنبي في أمته وان كان ( منارات)  بمبادرته الريادية هذه يتوق لان يشذُ عما أصبح قاعدة ثابتة في حياتنا الثقافية والفكرية .. ومسلمة من المسلمات في التعاطي مع كل عطاء فكري أو منجز ثقافي .


والى أي مدٍ تحمل نظرية العودي بشرى إضافتها للنظريات العالمية الرائجة فنجد فيه أبن خلدون المعاصر؟
ذلك ما ستجيب عنه المقبلات من الأيام.

عدد القراءات : 4462
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات