احدث الاخبار

هكذا قالت لي جدة وهي تحدثني: .. يا حسرة يا ولدي... !

هكذا قالت لي جدة وهي تحدثني: .. يا حسرة يا ولدي... !
اخبار السعيدة - بقلم - تحسين أبو عاصي         التاريخ : 08-08-2009

قابلتها صدفة وهي تجلس على قارعة الطريق ، كان يبدو عليها وكأنها في الثمانينات من العمر ، دفعني الفضول الملتزم أن أعرف ما حكايتها ، وقد بدت معالم الأسى والحزن وهي تسطر على صفحة وجهها كل القهر والظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني .
 قالت لي ودموعها تسيل من عينيها ، ومعالم الحزن بائنة بوضوح على تجاعيد وجهها ، وقد خرجت منها زفرات الحسرات ودموع المرارة : يا حسرة يا ولدي ، نحن مَن معنا ؟ فلا أحد يقف مع الفلسطينيين ، لقد بلغت الثمانين عاما من عمري ، وعاصرت ثورة 1936 ونكبة 1948 وما بعدها حتى اليوم .
يا حسرة يا ولدي : بعد كل هذا العمر الطويل ، صرت أبحث عن لقيمات من أيدي الناس من أجل إطعام كوم من الأيتام في بيتي .
يا حسرة يا ولدي : لم أمد يدي مطلقا في يوم من الأيام لأحد من الناس لكي أطلب مساعدة ما .... واليوم صرت أتوسل الطعام ، بعد أن كنت عزيزة كريمة في بيتي بين زوجي وأولادي!! .
يا حسرة يا ولدي : رحلت من بيتي مرات متعاقبة ، وسكنت الخيمة مرات عديدة .
يا حسرة يا ولدي : ابني مصاب ولم أتمكن من علاجه  .
يا حسرة يا ولدي : ثلاثة من أولادي شهداء ولازالت المعاناة .
يا حسرة يا ولدي : أربعة من أبنائي في السجون ولم أر منهم أحداً قط منذ  سنين .
يا حسرة يا ولدي : نحن يقاتل بعضنا بعضا وإسرائيل تذبح بنا .
يا حسرة يا ولدي : نموت بقنابل الفسفور والعالم من حولنا يتفرج ضاحكاً .
يا حسرة يا ولدي : العالم يكيل بمكيالين ولا أحد في العالم يعنيه شأننا .
يا حسرة يا ولدي : الدول العربية تتآمر علينا ، ومنها من زودت جيش إسرائيل بالطعام أثناء حربها الأخيرة على غزة .
يا حسرة يا ولدي : ضاع الوطن ، وتاهت القضية بين الدهاليز المعتمة .
يا حسرة يا ولدي : صرنا غرباء على أرض خيَّم عليها الحزن والشقاء  .
يا حسرة يا ولدي : الجميع يتاجر بنا وصارت قضيتنا بضاعة رابحة .
يا حسرة يا ولدي : مين يقف معنا ؟ ثم أجهشت بالبكاء ........
أخذت أرتجف ، وشعرت أن الدنيا قد سقطت فوق رأسي لأني لم أتمكن من أن أفعل لها شيئا يضمد جراحها ويكفكف دموعها ، وأحسست أنها تمزق أنياط قلبي ، ولم أجد ما أقوله لها غير : يا حسرة يا جدتي على قياداتنا .

* كاتب فلسطيني مستقل
www.tahsseen.jeeran.com  مدونتي  : واحة الكتاب والأدباء المغمورين

عدد القراءات : 3413
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات