احدث الاخبار

واحة شهر رمضان المبارك ( الريان )

واحة شهر رمضان المبارك ( الريان )
اخبار السعيدة - كتب - الشيخ / الحسين بن أحمد السراجي         التاريخ : 02-08-2011

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) .وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( بُنِيَ الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) .
أهلاً رمضان : -
•   أهلاً رمضان فإننا والله نحبك ففيك انتصر الإسلام , وفيك نزل القرآن ، وفيك تُصَفَّدُ وتُغَلُّ الشياطين .
•      أهلاً رمضان فإن الفقراء والبؤساء قد أعدوا لك العدة فأنت نصيرهم ومعينهم بعدما كادت جلودهم تنحل من البؤس والجوع والحرمان والأزمة الخانقة على البلاد والعباد .
•   أهلاً رمضان ففيك تلين قلوب الأغنياء وأرباب الأموال فيُخْرجون بعضاً مما يزكي أموالهم ويطهرها ويعطونها الفقراء وكأنها مِنَّةً منهم ورحمة .
•      أهلاً رمضان فأنت مؤدب من لا يعرفون الأدب في غيرك .
•      أهلاً رمضان ففيك يقرأ الناس القرآن المهجور طوال العام بكثرة وإقبال منقطع النضير .
•      أهلاً رمضان ففيك تبتهج المساجد بكثرة المصلين الذين لا يعرفون المساجد إلا فيك .
•   أهلاً رمضان لِتُعَلِّم الناس كيف يصومون ، وكيف يحسبون ألسنتهم ، وكيف يتأدبون مع إخوانهم وجيرانهم ، وكيف تكون مجالسهم .
•   أهلاً رمضان لتشهد استمرار احتلال العراق وأفغانستان , وسفك دماء أبنائهما ، ونهب خيراتهما ، وتشهد إزهاق أرواح أبناء فلسطين وسلب كرامتهم , ولتشهد مؤامرات ما يسمى بالربيع العربي على اليمن وسوريا وليبيا .
•   أهلاً رمضان لتشهد إذلالاً أمريكيا للمسلمين ماكان يخطر على البال ، وإذلالاً للعلماء والمثقفين في دول الإسلام لم يكن في الحسبان , وتخاذلاً عربياً وإسلامياً على مستوى القادة الرسمي والشعبي .
الصيام في اللغة والشرع :
في اللغة : الإمساك عن المفطرات مطلقاً , ويستعمل أيضاً في الإمساك عن الكلام .
وفي الشرع : الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى الليل مصحوباً بالنية ، لقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) .
شهر رمضان في أركان الإسلام
بالنظر إلى الحديث السابق ( بُنِيَ الإسلام ......إلخ ) ، نجد أن الصيام في هذا الشهر المبارك قد ورد ركناً رابعاً من أركان الإسلام العظيمة ، وكما أشارت إليه الآية السابقة : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام......إلخ ) وصيامه واجب بلا خلاف ، وهو السر الذي يربط العبد بربه كما جاء في الحديث القدسي : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ).
شهر القران : قال الله تعالى فيه ) :  شهر رمضان الذي أنزل فيه القران هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان ) ، يضاعف الله فيه الأجر ، ويقبل التوبة ، ويعفو عن السيئات ، عَشْرُهُ الأُوَلُ رحمة ، وعَشْرُهُ الثانية مغفرة , وعشره الأخيرة عتق من النار .

فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، من قام لياليه إيماناً واحتساباً وأدرك  ليلة القدر غُفِرَ له ، وفيه نَصَرَ الله الإسلام أذل الشرك , فالسعيد من صامه وقامه واغترف من نفحات الله فيه والشقي من حُرِمَ الخير فيه ، وفاته أجر لياليه ، وقد جاء في الحديث أن جبريل (ع) قال : ( يا محمد من أدرك رمضان فلم يُغفر له أبعده الله قل آمين , فقلت : آمين ) .
حكمة الصيام : -
لقد تضمنت الآية الكريمة  (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام .....) الهدف الرباني والحكمة الإلهية من الصيام ألا وهو قوله تعالى في نهاية الآية الكريمة ( لعلكم تتقون ) .
التقوى تُنَمِّي مشاعر الحب لله تعالى ، وتُلبسه ثوب الحياء منه ، وتجعله شديد المراقبة له سبحانه وتعالى ، فيزداد خيرُه ويقل شرُه ،ويكون سريع التوبة إلى ربه , همه الوحيد طاعة مولاه ورغبته في ذكر الله , صابراً في البلاء شاكراً عند الرخاء ناشطاً للعبادة حابساً نفسه وقامعاً إياها بتقوى الله حيث جعل منها حارساً أميناً من الوقوع في دركات جهنم .
فضل الصيام : -
خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الناس مع دخول شهر الله الكريم رمضان فقال : ( أيها الناس : قد أظلكم شهر عظيم مبارك , شهر فيه ليلة خير من ألف  شهر , شهر جعل الله صيام نهاره فريضة وقيام ليله تطوعاً , من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدَّى فريضة فيما سواه , ومن أدَّى فريضة كان كمن أدَّى سبعين فريضة فيما سواه , وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة , وشهر المواساة وشهرٌ يُزَادُ فيه رزق المؤمن , من فَطَّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتقاً لرقبته , وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أ جر الصائم شيء .
قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم عليه .
فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يعطي الله هذا الثواب من فَطَّرَ صائماً على تمرة أو على شربة ماء أو مذقة لبن , وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار .
واستكثروا فيه من أربع خصال : خصلتين تُرْضون بهما ربكم وخصلتين لا غنى بكم عنهما  فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه , وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار , ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة ) .
وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء وينظر فيه إلى تنافسكم في الخير ويباهي بكم ملائكته , فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حُرم رحمة الله ) .
الدعاء في رمضان : -        
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال : لما كان أول ليلة من شهر رمضان قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( يا أيها الناس إن الله قد كفاكم عدوكم من الجن ووعدكم الإجابة وقال ( أدعوني أستجب لكم ) ألا وقد وكل الله عز وجل بكل شيطان مريد سبعة أملاك وليس بمحلولٍ حتى ينقضي شهر رمضان , وأبواب السماء مُفَتَّحَة من أول ليلة إلى آخر ليلة , ألا وإن الدعاء مُتَقَبَّل ) .
كرامات الصائم :
يقول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة يوم القيامة ينادي المنادي : أين الظامئة أكبادهم ؟ وعزتي وجلالي لأروينهم اليوم ) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة , يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه .
ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه , فَيُشَفعان ).
ومن كراماته قول الحبيب ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إن في الجنة باباً يقال له الريان , يقال يوم القيامة : أين الصائمون ؟ فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب ) .
وفي رائحة فم الصائم يقول المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله ريحاً من المسك ، يقول الله عز وجل : الصوم لي وأنا أجزي به ) .
وفي مقام آخر يقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إن الله فرض صيام رمضان عليكم وسَنَّنَ لكم قيامه فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) .
وعن علي (ع) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( نوم الصائم عبادة ، ونَفَسُهُ تسبيح ) .
ويكفي الصائم هذه الكرامات التي تضمنها كلام الحبيب ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إن الجنة لتزين من السنة لشهر رمضان فإذا دخل رمضان قالت الجنة : اللهم اجعل لنا في هذا الشهر من عبادك سكاناً ، ويقلن الحور العين : اللهم اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجاً ) و ( للصائم دعوة مستجابة عند فطره ) كما جاء عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
مستحبات الصيام : -
1.  تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور ، لما رُوِيَ أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : (إذا أقبل الليل ، وأدبر النهار وغربت الشمس ، فقد أفطرت ) .
وفي الحديث القدسي : ( أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً ) .
وفي تأخير السحور ما روي عن زيد بن ثابت قال : تَسَحَّرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قمنا إلى الصلاة .
قال : قلت كم كان قدر بينهما ؟
قال : قدر خمسين – أي قراءة خمسين آية من القرآن - ما بين الامتناع عن الأكل والشرب وأذان الفجر .
وفي تعجيل الإفطار لا يذهب الناس إلى الإفراط في تعجيل الفطر كما يفعل ذلك بعض الناس فيفطرون بعد غروب الشمس وقبل دخول الليل بدعوى أن الشمس قد غربت من أمام أعينهم ، فالليل معلوم بظهور كوكب ليلي مع اليقين الواضح بدخول الليل , كما لا يذهبوا إلى الإفراط في انتظار الليل فلا يفطرون إلا وقد صار الوقت عشاءً , والمراد عدم خبص الناس فلا إفراط ولا تفريط .
2. أن يُفَطِّرَ الصائم صائماً آخر ، كما جاء عن الصادق المصدوق الأمين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء).
3. الإفطار على تمر أو ماء فقد روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه كان يفطر قبل الصلاة على رطبات ، فإن لم يكن فعلى تمرات ، فإن لم يكن حسى حسوات من ماء ، فإن لم يكن ثمة شيء من ذلك فعلى أيّ شيء مما لم تمسه النار .
4. الدعاء حال الإفطار لما روي عن علي (ع) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أفطر قال : ( اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا ) وبعد الإفطار :    ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى ) .
5. السحور : فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (تسحَّروا فإن في السحور بركة ) .

6. الإكثار من تلاوة القرآن والدعاء ، والاستغفار ، والصدقة ، والإحسان إلى المساكين والمحتاجين والتقرب إلى الله بأنواع الطاعات .
7. قيام الليل وإحياؤه بالتهجد وتلاوة القرآن اقتداء ً بسيد الأنام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد كان يصلي إحدى عشرة ركعة وفي فضلها قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من صلى ثماني ركعات من الليل والوتر يداوم عليهن حتى يلقى الله بهن ، فتح الله له اثني عشر باباً من الجنة يدخل من أيَّها شاء ) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ) .
8. السواك فإنه مسنون وأُؤكِدُ على السواك بعد السحور فمن استاك بعد السحور لم تظهر له رائحة من فمه طوال اليوم .
فروض الصيام : -
1.     النية لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إنما الأعمال بالنيات .....إلخ ) .
2.  الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى دخول الليل لقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ). والخيط الأبيض من الخيط الأسود هو بياض الصبح وسواد الليل .
مفسدات الصيام : -
1.     ما دخل إلى الجوف من الحلق عمداً أو سهواً ، مأكولاً أو غير مأكول .
2.  الجماع سواء كان معه إنزال أم لا ، عمداً أو سهواً .
3.    إنزال المني في اليقظة لشهوة بسبب مداعبة أو تقبيل أو لمس أو نظر .
فوائد الصيام: -
للصيام فوائد عديدة أهمها :
1.     تنظيم حياة الإنسان ، وتعويده على الصبر والتحمل .
2.     تعويد الإنسان على ذكر الله تعالى , وتنوير قلبه ، وإزالة قساوته .
3.  حفظ اللسان عن كل فاحش وجالب ذنب من الغيبة والنميمة والكذب والفحش والاستهزاء والسخرية والمقت وغيرها من آفات اللسان التي تورد النيران .
4.     يُصِحُّ المعدة , ويطهر الجوف والبدن من الفضلات والرواسب .
5.     يُحسس الأغنياء بمعاناة الفقراء .
6.     يُذَكِّرُ الإنسان بجوع وعطش يوم القيامة .
7.     يذكر الإنسان بنعم الله التي لا تعد ولا تحصى  .
وكثيرة هي فوائد الصيام وهذه التي سبق ذكرها أهمها .
أيام الرحمة والمغفرة : -
في عشر رمضان الأُوَل (عشر الرحمة ) ، وعشره الثانية ( عشر المغفرة ) يجب على الإنسان أن يغتنم رحمة الله فيها فلا تفوت الرحمة إلا من كتب الله عليه الشقاء ، فداوم أيها الصائم على الصلوات الخمس في جماعة ، والزم ذكر الله تعالى في كل الأوقات تسبيحاً وتحميداً وتكبيراً وتهليلاً واستغفاراً وصلاة على رسول الله وآله ، ونزِّه نفسك ولسانك عن الحرام والبهتان وقول الزور ، واحرص على اغتنامه وأن لا تفوتك فرصة الفوز والرضا يوم العرض على ملك الملوك .

ف ( من صان نفسه في شهر رمضان فلم يشرب فيه مسكراً ولم يرم فيه مؤمناً ببهتان ، ولم يعمل فيه خطيئة زوجه الله كل ليلة مائة حوراء ) إلى أن قال : ( زمن شرب فيه مسكراً أو رمى فيه مؤمناً ببهتان أو عمل فيه خطيئة أحبط الله عمله سنة , فاتقوا شهر رمضان فإنه شهر الله أن تفرطوا فيه ، فقد جعل لكم أحد عشر شهراً تنعمون فيها وجعل لنفسه شهر رمضان فاحذروا شهر رمضان ) .
هكذا جاء عن سيد البرية ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنت أيها الصائم في هذا الشهر فاغتنم هذه الأيام ، وأقبل على الله بقلب منكسر إلى رب العزة مبتهلاً خاضعاً سائلاً أن يغفر خطيئتك في أيام السنة وأيام الغفلة والنسيان .
عاهد الله على أداء هذا الشهر بنية صافية وقلب مخلص ، ولسان ذاكر ، وعين باكية مُغِضَّة عن الحرام ، وأرجل وأيدٍ قاصرة عن الشهوات .
رخصة الإفطار في رمضان : -
يجوز لهؤلاء أن يفطروا في رمضان ولا ذنب عليهم وهم :
1.  المسافر : إذا وجب عليه القصر في الصلاة لقوله تعالى : ( فمن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ) ومن أخذ بالعزيمة وهو الصوم كان أفضل .
2.     المريض .
3.     الحامل : إذا خافت على ما في بطنها .
4.     المرضع : إذا خافت انقطاع اللبن على طفلها .
5.     صاحب العطش وهو المصاب بمرض السكر أو غيره ويخاف على نفسه إن صام .
6.     الشيخ الهرم وهو الذي كبر في السن حتى لا يطيق الصيام .
وقد جاء هؤلاء الذين رخصت لهم الشريعة المطهرة في حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عندما أتته الحبلى والمرضع وصاحب العطش والشيخ الهرم .
وهؤلاء متى أطاقوا الصوم صاموا قضاءاً ،ومن لم يطق وأصبح عذره مأيوساً أطعم عن كل يوم نصف صاع من أي طعام للمساكين أو خمسمائة ريال يمني عن كل يوم ( بقيمة الريال هذه الأيام لا إن زادت قيمته الشرائية ونقصت ).
نصائح للصائم : -
الأولى : علم فضل هذا الشهر على سائر الشهور ، وإنزال الله تعالى فيه القرآن ، وجعل صومه مكفراً للسيئات والذنوب التي يكسبها طوال العام ، ووعد فيه الصائمين بالجزاء الأوفى ، وهو العتق من النار ، والفوز بالجنة وكفى بهذا ثواباً (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) .
النافلة فيه تعدل فريضة فيما سواه ، والفريضة تعدل سبعين فريضة فيما سواه ، ولله فيه نفحات ربانية من تعرض لها وجاهد نفسه ونهاها عن الهوى (فإن الجنة هي المأوى ) ، وحينئذ فلا يجوع ولا يظمأ ، كل ذلك يؤدي إلى أن يسأل الصائم الله فيه بإلحاح ، فسائل الله لا يخيب ، وفي هذا الشهر المواساة حيث يزيد الله أرزاق المؤمنين ، ولله في كل ليلة منه عتقاء يعتقهم من النار عند كل فطر ، وفيه من أول ليلة تفتح أبواب الجنة ، وتغلق أبواب جهنم إلى آخر ليلة منه ، وتغل مردة الشياطين لحق الشهر وحرمته ، ويبعث الله مناد من غروب الشمس إلى طلوع الفجر كل ليلة إلى سماء الدنيا ينادي : يا باغي الخير أسرع ، ويا باغي الشر أقصر ، هل من مستغفر فيغفر له ؟ هل من تائب فيتاب عليه ؟
ومع الإخلاص لله وحده ، ومجاهدة النفس ، والامتثال لأوامر العلي الأعلى ، تنال الجوائز المغرية ، وتفوز بدرجات الله العلية التي لا ينالها إلا من حالفه التوفيق ، فاحرص أخي الصائم / أختي الصائمة على إدراكها .
الثانية : إستشعار التقوى في آية الصيام ( لعلكم تتقون ) ، فالصوم يورث التقوى حتى يؤدي الصائم عبادته بروحانية في داخله ، ونشاط في أعضائه وجوارحه ، ويشعر بصفاء في نفسه ، وإقبال على ذكر الله وتلاوة القرآن ، وفي إرشاد طبيب الأطباء محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما يصلح القلوب التي إذا صلحت صلح الجسد كله ( صوموا تصحوا ) .
فإذا حلت التقوى القلوب حفظتها من السقوط في أوحال الرذيلة ، وزكتها وطهرتها ، وكانت شفاءً لها من أمراض الغفلة والقسوة والذنوب المتراكمة طوال العام .
وإذا حلَّت الهداية قلباً                  نشطت للعبادة الأعضاء
فمن رزقه الله الهداية ، شرح صدره وفتح مسامع قلبه ، وتلذذ بذكره ، وظهرت آثار العبادة في سلوكه وجوارحه ، وفاز ، كما قال المعلم العظيم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (الصيام جنة من النار )
الثالثة : تفكر في قول الله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) ، فستجد السر والحكمة العظيمة ، حيث جعل الباري جل وعلا الصيام تمهيداً وتهيئة واستعداداً لقبول هداية القرآن , ففي فترة الصوم سمو الروح وارتفاع درجات الإيمان وتخف عليك وطأة القيود المادية التي كانت تعرقل هذا السمو ، وبذلك يتحصن الصائم من أمراض القلوب ويصبح حراً طليقاً من أسر الشهوات التي كانت تسيطر على عقله وقلبه ، والإكثار من قراءة القرآن يملا القلوب بالتقوى فعن أبي ذر رحمه الله تعالى قال : قلت يا رسول الله أوصني قال : (عليك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله ) قلت : زدني يا رسول الله قال : ( عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر في السماء ) .
فاقرأ كتاب الله بتأمل وتدبر وترتيل تحض يوم القيامة إن شاء الله بشفاعة الصوم ، ولك بكل حرف تقرؤه عشر حسنات , وتفقه في حلاله وحرامه ومقاصده ، وسرِّح بصرك وبصيرتك في رياضه وانتفع بمواعظه ، واعمل بأوامره ونواهيه ، وقف عند حدوده ، وكن من أهله الذين تلوه حق تلاوته وأقاموا فرائضه وأخذوا بعزائمه ورخصه وحكَّموه عند الاختلاف ورضوا بحكمه ، أولئك الذين قال فيهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إن لله أهلين من الناس ) قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) .
واعلم أن من تعظيم القرآن تعظيم حملته وطلابه ففيهم الفقير والمكفوف وصاحب الحياء فتفقد أحوالهم ، وواس فقيرهم ، واقض حوائجهم ، وآثر أهل الدين والحياء منهم بالإكرام والعطاء ابتغاء وجه الله .
العشر الأواخر من رمضان: -
إذا دخلت العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم فيفترض بالعبد :
•        أن يُجِدَّ العمل في طاعة الله .
•        مضاعفة العمل في كل طاعة .
•        لزوم الاعتكاف .
•        طلب ليلة القدر .

فإنه قد جاء عن سيد البرية (صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه كان إذا دخلت العشر الأواخر يحيي الليل ، ويوقظ أهله ويشد المئزر .
الاعتكاف:
في اللغة : هو لزوم الشيء .
وفي الشرع : اللبث والبقاء في المسجد .
وهو سنة مؤكدة داوم عليها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طوال حياته وقد روي أنه كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان .
فضله : جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال في فضيلة  الاعتكاف : ) من اعتكف العشر الأواخر من رمضان كان له عدل حجتين وعمرتين )
آدابه : روي عن الإمام علي (ع) أنه قال : ( إذا اعتكف الرجل فلا يرفث ولا يجهل ولا يقاتل ولا يساب ولا يمار ويعود المريض ويشهد الجنازة ويأتي أهله إلا لغائط أو حاجة فيأمرهم بها وهو قائم ولا يجلس ) .
فوائد الإعتكاف :
•        قطع الصلة بكل شيء والقرب من الله .
•        توثيق وتمتين العلاقة الروحية بين العبد وربه .
•        التفرغ لمناجاة الخالق جل وعلا .
•        الانقطاع عن الشهوات واللذات بالتلذذ بالخلوة مع الله .
مفسداته : يفسد الاعتكاف بأحد الأمور الثلاثة :
1.     ما أفسد الصوم أفسد الاعتكاف .
2.     الخروج من المسجد لغير عذر .
3.     الجماع ليلاً إذا كان الليل داخلاً في الاعتكاف .
ليلة القدر : ليلة مباركة معظمة مشرقة ، أنزل الله تعالى فيها القرآن الكريم ، وجعل فضلها ومكانتها في الخيرية أفضل من ألف شهر ، وأنزل فيها سورة في القرآن سميت باسمها : ( بسم الله الرحمن الرحيم إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر (3) الخ السورة .
 يقول الحبيب (ص واله ) : (إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل (ع) في كوكبة من الملائكة يسلمون على كل قائم وقاعد يدعون الله إلا مدمن خمر وقاطع رحم )
(من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )
وروت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت ـ أي ليلة القدر ـ ما أقول فيها ؟
قال : ( قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) ، فما أجمل أن يدعو المرء مكثراً في هذه الليلة السؤال من الله تعالى أن يرزقه العفو والعافية ، فلا  شيء في الدنيا يفوقها مطلقاً ، فالسعيد من منحه الله تعالى العافية في الدنيا والآخرة فكان من أهل العفو .
موعدها :غير معلوم وقد وردت روايات متعددة أجمل ما فيها : ( إلتمسوها في الإفراد بعد العشرين )
أي ليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين ، وليلة خمس وعشرين , وليلة سبع وعشرين ، وليلة تسع وعشرين وفي آخر ليلة من شهر رمضان .
وإن كان الترجيح أنها ليلة الثالث والعشرين من رمضان ولله حكمة في إخفائها ليجتهد العباد في الطاعة والذكر والدعاء والاستغفار .
من دعاء الإمام السجاد (ع) إذا دخل شهر رمضان
اللهم صل على محمد وآله ، وألهمنا معرفة فضله وإجلال حرمته والتحفظ مما حظرت فيه ، وأعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك ، واستعمالها فيه بما يرضيك حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو وحتى لانبسط أيدينا إلى محظور ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور وحتى لا تعي بطوننا إلا ما أحللت ولا تنطق ألسنتنا إلا بما قلت ولا نتكلف إلا ما يدني من ثوابك ولا نتعاطى إلا الذي يقي من عقابك ثم خلص ذلك كله من رياء المرائين وسمعة المسمعين ، لا نشرك فيه أحداً دونك ، ولا نبتغي فيه مراداً سواك .

عدد القراءات : 6086
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
جزاك الله خيرا
كلام جميل اثابك الله ونفع به اخرتك