احدث الاخبار

نقد مسرحية "نساء غزة وصبر أيوب"

نقد مسرحية
اخبار السعيدة - بقلم - المخرج - مصطفى النبيه         التاريخ : 30-07-2009

كم جميل أن نرى الحياة بعين نظيفة ، أن نمارس بساطة هذا الكون بطفولته المشرقة ونتمرد على الأنا والتعقيدات والقوانين الوضعية ونستقبل المحاولاتِ الجميلة بقلم ضاحك يعزف موسيقى البناء ويؤسس معايير خاصة، تتذوق الفن المحلي وترتقي بالمجتمع. نساء غزة وصبر أيوب لوحات واقعية تعبر عن تلقائية الحالة ، أبدع في تكوينها المخرج الفنان (سعيد البيطار) حين تناول واقع عذابات المرأة العربية الفلسطينية الصبورة المعطاءة وما تتعرض له من قمع و اضطهاد جسدي و نفسي ومعنوي مرورا بالملكة (هيلانة) حتى يومنا هذا، وتوج هذه اللوحات الجميلة بقصة مستوحاة عن النبي أيوب (عليه السلام) الذي أبتُلِيَ في جسده بأنواع من البلاء ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، حتى هجره الجميع ولم يبق يحنو عليه سوى زوجته . كان يحلم أن يخرج من السلة أن يحلق فوق هذه الأرض وعندما تحقق حلمه وشاهد مأساة تناحر الأخوة والفئوية والحزبية واللاحب الذي استوطن غزة قرر أن يعود إلى وحدته وألا يشاهد هذه الكوارث اللاأخلاقية واللعنة التي صُبَّت على هذه الأرض.

 واليوم (أيوب) يهرب من وباء الكراهية ويبكي على غزة المذبوحة من الوريد للوريد والنائمة على بحر من الأحزان، الشاكية الباكية المستجيرة بالله أن يطهر أبنائها بماء الحب ويخلصهم من نرجسية الكرسي العفن. "هذا ملخص تناولنا من خلاله فكرة المسرحية والآن سنقرأ هذه اللوحات بصوتٍ عال"

 اللوحة الأولى:

الحرب على غزة في البداية . . .

عزف المخرج (سعيد البيطار) على أوتار العاطفة عندما استخدم تقنية السينما ليقدم لنا مشاهد حية من واقع الحرب على غزة تثير الانفعال، وصاحبها فلاشات حمراء متقطعة، وبعد توتر المتلقي وسيطرة المخرج على المشاهد تضاء خشبة المسرح إضاءة كاملة فنشاهد ديكور يجسد واقع الحرب على غزة، ويرسم تفاصيل البيوت المدمرة حيث نشاهد أم تنزل من الطابق العلوي على بقايا درج وهي تنوح وتبكي باحثة عن عائلتها تحت الأنقاض.

وبعد ذلك نشاهد أناس يخرجون من تحت الردم ويقومون بحركات إيمائية دائرية منغلقة تعبر عن حالة التيه والدوران التي يعيشها المواطن الغزي ثم تتحول الحركة إلى حركة واسعة تعبر عن طيور تحلق، وهنا يؤكد المخرج أن هؤلاء الناس يعشقون الموت من أجل الحياة من أجل التحليق من أجل الفضاء! رغم جماليات التكوين تبقى اللوحة ضعيفة تحتاج للتأكيد فالمخرج قيد الممثلين في أقصى اليسار وفي أقصى اليمين وترك وسط المسرح بأبعاده الثلاثة فارغاً، ثم إن الحركات الانفعالية التي تعبر عن المأساة كانت حركات ساذجة غير مدروسة مما ساعد على التشتيت وأنقَصَ الفكرةَ الجميلةَ الرمزيةَ التي ساهم بتكوينها قبل أن تنتهى هذه اللوحة، وانتقل المخرج من الرمزية إلى أسلوب الرواة حيث تم تبادل الأدوار في سرد قصة (أيوب) ومع نهاية القصة نشاهد مجموعة من الفتيات يحملن (أيوب) في سلة فنشاهد الإنسان الصبور المقهور المعذب وقد جذبت انتباه المشاهد قدرات الفنان (سعيد البيطار) في تجسيد هذا الدور كما تميزت الفنانة (إيناس السقا) بصدق المشاعر عندما جسدت دور زوجة (أيوب) المرأة المخلصة الصبورة الواثقة من نفسها الصادقة في مشاعرها وبعد أن عبرت عن انتمائها لزوجها يدور الحديث بينها وبين صديقاتها للانصراف قبل الليل خوفا من الحيوانات المفترسة التي تنتظر الليل لتمارس بشاعتها. يخرج الجميع من المسرح وتأتي (هيفاء فرج الله) بصوتها الشجي وتعبيراتها الصادقة تشدو أغنية أيوب يا أبن عمى. وبهذا انتهت اللوحة الأولى ما بين سرد الراوي، التمثيل والغناء.

 ومن الملاحظ أن الوسائل التعبيرية الثلاثة تناولت حكاية أيوب وأسهبت بها بشكل مكرر وهنا نؤكد أن تأكيد التأكيد نفي و خير الأمور الوسط. كما أن الفتيات الراويات طبقاتهم الصوتية ضعيفة غير منسجمة وغير متنوعة ومخارج الحروف عند البعض منهن غير واضحة رغم محاولاتهن المستميتة في التعبير عن الحالة التي يجسدونها بأسلوب القالب الفني التي حذر منها (ستانسلافسكي) في كتاب (حياتي بالفن) ورغم هذه الهفوات القابلة للعلاج استطاعت هذه اللوحة أن تترجم واقع الحرب على غزة وصبر وصمود المرأة العربية الفلسطينية. وقد أبدع فنان الديكور (سعدو المشهراوي) بتجسيد واقع الحرب والبيوت المدمرة حيث نقل على المسرح تفاصيل التفاصيل، وصور لنا واقع المناطق المنكوبة من منظور ثلاثي الأبعاد ومنح المخرج عمقاً في بناء الحركة.

اللوحة الثانية:

الملكة (هيلانة) . . .

نموذجٌ للمرأة الجميلة القوية الصلبة، - واثقة الخطى - وقد جسدت الفنانة المبدعة (إيناس السقا) هذا الدور من اللحظة التي هبطت من الدرج إلى الأرض، خطفت الأبصار بشموخها وبدأت تسير بخطوات عمودية ثابتة وبإيماءات تعبر عن الحالة النفسية للملكة وقد ساعدها في ذلك المساحة الصوتية التي تتمتع بها وقدرتها على ضبط انفعالاتها وتلوين صوتها.

 ورغم رمزية الدرج وعملية الهبوط التي تؤسس للضعف ، هاهي تلبس الشخصية وتخلعها بكل بساطة وحرفية عالية رغم إحساسها المسبق بالموت المؤجل. مازالت تحلم الملكة بغزة المحروسة سيدة الكون وتغذي حلمها ببناء نفق يمتد من شرق غزة حتى غربها. لكن لم تكتمل فرحتها ودفعت ثمن هذا الانجاز العظيم حياتها. فالمؤامرات تحاك، وشهوة السلطة مازالت تخدر النفوس الضعيفة لتبيح المحرمات، إخطبوط الخيانة يعلن انتصاراته منذ نشأة الكون، احترف الإنسان قتل أخيه الإنسان فـ (قابيل) يقتل أخيه (هابيل) مرورا بالملكة (هيلانة) وأخيها السكير العربيد انتهازيُّ الشخصية المنفوخ بالأحقاد يصب نقصه عليها فيتهمها بعلاقة غير شرعية مع أحد حراسها ليقتلها بطعنة من الخلف بخنجره المسموم "وكم من بريئة تذبح باسم الشرف". وهي تلتقط أنفاسها الأخيرة تتلو علينا مفردات تعبر عن قبح ينتظرنا كانت هي تشعر به، فهناك من يخاف الجمال، البناء، الحب، والتعاون لأنه يتغذى على الدم وغزة بالنسبة له كرسي التسلق، مشروعٌ استثماريٌ مميز.

 وقد قام بشخصية الأخ السكير القاتل الفنان (سعيد البيطار) وقد كان مشهد القتل عبارة عن صورة فوتوغرافية جميلة مع ذلك هناك بعض الملاحظات، فبناء الحركة الخاص بحراس الملكة لم يُؤسَّس بشكل علمي بل كان عشوائياً، وطبقة الصوت ضعيفة، هناك خطأ في عملية التنفس فالنقص في كمية الهواء ساهمت في إخفاء بعض الحروف، وهذا لا يُنقِصُ من أن هناك قدرات قابلة للتطوير، كقارعة الطبل فهي خفيفة الظل حاولت جاهدة أن تقدم صورة مرحة تضفي قليلاً من الفرح عند استقبال الملكة . . . كما أن هناك ملاحظات خاصة بالنص الأدبي.وهي : بخصوص ضحايا النفق فقد تكفلت الملكة برعاية أسرهم، وقد تصور الكاتب والمخرج (البيطار) بهذه الكلمات أنه منحها الطابع الإنساني، في حين أن بناء النفق تم لحماية أمنها الشخصي وهي مسئولة عن قتل الطبقة الفقيرة التي تموت وهي تحفر النفق لأجل لقمة العيش المغموسة بالدماء. وهناك سؤال أخر بعد أن قتلت الملكة الحالمة أين الأمل؟ هل نمارس نومنا الأزلي وننوح ونقول الخيانة سيدة الموقف ؟!!! وفي النهاية انتهج البيطار بخطابه الإعلامي في هذه اللوحة الوسائل الثلاث الراوي، الغناء، والتمثيل الدرامي.

 اللوحة الثالثة: تناول المخرج قضية الأسيرات من خلال قصة الأسيرة (مريم) التي أنجبت طفلاً داخل المعتقل ووثّقها بعرض سينمائي حي أثناء خروجها من المعتقل وكانت الصور تخرج من بين يدي الممثل التي اقتربت من شاشة العرض ورفعت يديها رمز لإشارة النصر رغم أن هذه القضية من القضايا الحساسة التي تمس المواطن الفلسطيني. إلا أن مشهد ترويض النمرة الذي يعبر عن الأسيرة (مريم) كان قريبا للكوميديا رغم أنه يحتاج إلى أن يعبر عن الواقع المأساوي، لكنّ صوت الممثلة الضعيف والحاد كان له مردود سلبي والحركة في هذا المقطع لم تكن متزنة. وأيضا عُبِّرَ عن هذا المشهد بالوسائل النمطية السابقة بالإضافة لتقنية السينما.

 اللوحة الرابعة: هي حكاية الوجع الفلسطيني مأساة تطارد أكثر من ألف ومائتين عائلة فقدوا أبنائهم وفي كل يوم يكبر السؤال هل هم في السماء أم على هذه الأرض ؟ الفنان (سعيد البيطار) في مشهد الراوي يتألق يُسحر المشاهدين فهو يتناول قضية تسكنه منذ أن أدرك هذه الحياة قصة أخيه (أسعد) المفقود في حرب الستة والخمسين أثناء قصف مدرسته وهروبه للمجهول، يربط المخرج الماضي بالحاضر ليقول أن الزمان يعيد نفسه فمدارس الطلاب في شمال القطاع مازالت تقصف وكارثة التهجير والمفقودين مازالت قائمة. تقمص الفنان (سعيد البيطار) العديد من الشخصيات التي تعبر عن شرائح المجتمع وكان خفيف الحركة رغم أن هناك تقارباً في ملامح الشخصية. كما تناولت نجمة المسرح الغزي الفنانة (إيناس السقا) دور الأم المعذبة الباحثة عن الحقيقة والتي طافت العالم للبحث عن ابنها المفقود والتقت بالعديد من الشخوص وكانت المفاجأة أن كلاً منهم يرى أبنها أسعد على طريقته، فعازف القيثارة الغربية يراه عازف آلة غربية، والمهاجر الرحال يتصور أنه تحول لحقيبة سفر وتاه بين العواصم، والمقاوم يراه رفيق سلاح. حاول (البيطار) تفريغ الناس من الضغط النفسي، فبين الفينة والأخرى يتناول وسيلة قتالية ليسقط الطائرات التي مازالت سبب نكبتهم، ثم بأسلوب ذكي يوصل نقداً لاذعاً للمقاومين الذين يتنكرون لمن سبقوهم بالنضال ويكتفون بأسماء ذات طابع فئوي. تواصل (أم أسعد) الفنانة (إيناس) البحث عن ابنها المفقود (أسعد) وتلتقي فلسطينيي الشتات فتكتشف أن الناس هناك يبحثون أيضا عن الحلم، عن بطل مازلنا ننتظره وعند لقائها بأعضاء منظمة التحرير يخبروها عن قيامه بتنفيذ عملية فدائية وبعد ذلك تم اعتقاله بسجون سرية تحت الأرض لإجراء التجارب عليه وأن قضية المفقودين تثار اليوم بين الرمز الشهيد (أبو عمار) والشيخ الجليل الشهيد (أحمد ياسين) ثم يعرض على شاشة السينما صورة لهم وهم يتشاورون وهي رسالة من المخرج أن وحدة هؤلاء الأبطال تعيد لنا الحياة.

 (أم أسعد تتخيل) أن أبنها يخضع للتجارب العلمية فتنتفض من هذا الكابوس وترفض الواقع المنهزم وتعود إلى حسرتها وتصيبها حالة من الهذيان عندما تتحدث عن أم الشهيد التي تزور قبره وتقرأ له الفاتحة وأم الأسير التي تعتصم بالصليب كل يوم اثنين أما هي فهي معلقة بين السماء والأرض وقد استطاعت الفنانة (إيناس) أن تخطف الدمع من قلوبنا قبل أعيننا. وانتهت اللوحة بأغنية أدتها الفنانة (فيروز الضبة) تتحدث عن صبر (أم أسعد). هذه اللوحة بحد ذاتها قابلة لأن تتحول لمسرحية نموذجية تناقش هذا الواقع المأساوي.
 اللوحة الخامسة: تتناول العلاقة بين المسلم والمسيحي . . . يقوم الراوي الفنان (سعيد البيطار) بدور رجل الدين يتلو آيات من سورة المائدة قوله تعالى: "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ" أثناء تلاوة القرآن يتم نصب الديكور وهو عبارة عن لوحة للمسجد والكنيسة تجسد علاقة المسلم بالمسيحي فنجد الراهبة (كرستين) تصلي داخل الكنيسة وعند سماعها طلقات نارية تخرج للشارع فتشاهد مقاومين بحالة انهيار نفسي يخبروها بأن هناك ثالثاً مصاباً إصابة خطيرة وهو بحاجة للمساعدة فتقرر مساعدته لتسقط شهيدة على أرض السلام أرض فلسطين. مشهد جميل ومعبر عن الانتماء وعلاقة التآخي بين المسيحي والمسلم! لكن الحوار الذي دار بين المناضلين داخل الكنيسة والذي يتناول دور المسيحي بالمقاومة وحبه لوطنه كان مسطحاً ومثقلاً بالمفردات التشكيكية، حتى التعبير والطريقة التمثيلية كانتا خاطئتين وقدمتا انطباعاً معاكساً لما يصبو إليه المخرج. "أتمنى على الفنان البيطار أن يجرد اللوحة من اللغة فأحيانا الصمت أبلغ ويعبر أكثر" (الكاتب)

اللوحة السادسة: تتناول هذه اللوحة حكاية "البابور" والضغط النفسي والشعور بالعجز لدى المواطن الغزي نتيجة الحصار القمعي حتى إن الرجل الفلسطيني من كثرة الهموم فقد قدراته الجنسية. الفلسطيني لا يقهر متمرد بطبيعته متأقلم مع مفردات الحياة ومازال الجيل الحالي يتوارث تجربة الآباء والأجداد وصبرهم وقدرتهم على الصمود وإيمانهم بالمستقبل المشرق. وقد جسد المخرج (البيطار) هذه اللوحة بأسلوب غنائي ساخر ساعده على ذلك حضوره المسرحي وخفة حركته وأدائه الغنائي التمثيلي. وقد لاقى أداء الفنانة (فيروز الضبة) في دور العجوز الكفيفة استحسان الجمهور.

الملاحظات على هذه اللوحة: كانت طاقة الكورال الغنائي منخفضة والصوت ضعيف يفتقد للتلوين والحركات ساذجة لا ترتقي مع الحدث.

 اللوحة السابعة: لوحة جميلة تعبر عن الواقع الاجتماعي و الاقتصادي و التناقضات، وظلم المرأة للمرأة وظلم المجتمع للمرأة والتفرقة بين مهاجر ومواطن وبدوي وفلاح وأبيض وأسود والتميز بين الولد والبنت. قدم هذا المشهد بشكل كوميدي طريف وتميزت الفنانة (هبة أبو خوصة) بدور العروس لكن (البيطار) لم يتركنا نسبح باللحظات السعيدة فقدم لنا مونولوج يتحدث عن طفل رضيع أثناء الحرب شعر أن نهد أمه بارد لا يضخ حليب فرفع رأسه ليعاتبها فلم يجد لها رأس ونظر إلى قدميها فوجدهما مبتورين فصرخ صرخة تقشعر لها الأبدان. وانتهت هذه اللوحة بأغنية (آه ياما يا حبة عيني) أداء الفنانة (هيفاء فرج الله) والفنانة (فيروز الضبة).

 الملاحظات على هذه اللوحة : الغناء الثنائي كان يفتقد للطاقة والانسجام بين الصوتين رغم أن الفنانة (هيفاء فرج الله) تمتلك خامة صوتية مميزة وقدرات تعبيرية واضحة قد شاهدناها من خلال غنائها باللوحات السابقة. اللوحة الأخيرة: عودة (أيوب) إلى السلة هروباً من مجتمع مريض يعشق الأنا ويشوه كل شيء جميل، فأيوب المتمرد على الواقع الوقح، يعود لطبيعته البشرية يسقط ضعفه على المرأة فهي قميص (عثمان) المسئولة عن كارثة الرجل في هذا الكون. نشاهد أيوب يعود إلى السلة و مجموعة من النساء يحاولن أن يبعثن به الحياة فيكيل لهن الاتهامات وينسى أن المرأة هي الأم، الابنة، الزوجة، والحبيبة لكن النساء يستسلمن لاتهاماته ويحركن أيديهن بشكل دائري يعشن حالة التيه ويخفضن رأوسهن ويدفن أنفسهن بالوشاح الأسود، ويطالبهن (أيوب) بدور فعال لإعادة اللحمة والحب والوحدة إلى المجتمع فبيديهن مفتاح القضية ويختتم اللوحة بدعوة الجمهور للحب والتسامح ليشكلوا جسراً للآخرين، ونشاهد رقصة غنائية بأعلام الفصائل. كنت أتمنى على المخرج (البيطار) أن يكتفي بألوان العلم الفلسطيني ففلسطين لن تكون فلسطين إلا عندما نسمو فوق آفاق الفئوية والحزبية والتعصب الأعمى فنحن نحتاج لعلم واحد ورب واحد.

 وأخيرا أوجه الشكر والتقدير للفنان (نبيل ساق الله) كاتب الأشعار و الراوي على المجهودات الرائعة التي ترجم من خلالها هذا الوجع. ملاحظات عامة حول " نساء غزة وصبر أيوب " العمل الذي لا يستفزك لا يستحق الاحترام هذا العمل يستحق كل الاحترام وهو عبارة عن لوحات منفصلة تربط بينهم قضية اضطهاد المرأة وصبرها.

الموسيقى : المخرج موفق باختيار الموسيقى فقد عبرت عن طبيعة العمل ديكور المسرحية : كان واقعي وكانت التصميم مشغولةً بحرفية عالية وقد أبدع الفنان سعدو المشهراوي في ذلك.

 الإضاءة: تصميم الإضاءة تفاوت بين الحسن والمتوسط فكنا نشاهد كثيراً من الممثلين في الظل والمردود هنا سلبي رغم أن الفنان (هشام مرشد) من المتألقين في هذا المجال.

 الحركة على المسرح : تفاوتت مابين جيدة وحسنة فهنا نشاهد مشهد طبيعي وحركته غير مفتعلة وهناك نشاهد جموداً، حتى أن غالبية الأغنيات الخاصة بالعمل كانت ثابتة في أقصى اليسار الأمامي أو أقصى اليمين الأمامي وقد ساهمت بالملل.

حركة الممثلين والرقصات: أحيانا كانت مبنية بشكل منهجي وعلمي وأحيانا كانت عشوائية أما بالنسبة للملابس فجميل استخدام الزي الشعبي الفلسطيني. "من يعمل يخطئ ومن لا يعمل يخطئ ، الأموات وحدهم لا يخطئون" عزيزي المخرج المبدع أنت أمتعتنا وقدمت لنا أكثر من هدية. بداية بقدوم الفنان العربي الوطني الإنسان (دريد لحام) والهدية الثانية كسرت الحاجز الغزي بمجموعة من فتيات الجامعات واجتهدت لتقدمهن فوق خشبة المسرح لِيَكَوِّنَّ جيشاً مسرحياً. والهدية الكبرى أنك منحت للفنانة (إيناس السقا) مساحة واسعة من العمل لتبرز قدراتها الإبداعية وتنطلق كنجمة تنافس فنانات الوطن العربي لو سنحت لها الظروف.

عدد القراءات : 11187
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات

كانت مسرحيه حلوه اكتير اكتير والشعب الفلسطينى اكيد تاثر من المسرحيه
جميل ابو سمهدانه
بلاش مبالغة يا استاذ ياسين ,المسرحية كلها زعيق وصراخ ,يعني مسرح شعارات فاضي ,وبفكر انو المسرح بحاجه لحالات انسانية بعيده عن استدرار عواطف الناس ,بشعارات صارت اليوم (ابيض واسود)سعيد مخلص اول ابتدائي
هبة صبرة
المسرحية كانت اشي كثير حلو عبرت عن الكثير..