احدث الاخبار

الزاحف.. قصه قصيرة

الزاحف.. قصه قصيرة
اخبار السعيدة - كتبها - يحي محمد جحاف         التاريخ : 14-05-2011

أعتاد ذلك الشاب، ذو القامة الفارعة، والشعر المنفوش ،والجسم الناحل (المشهور بالزاحف) الجلوس بصفة يومية دائمة، على تلك الصخرة ،الممتدة أسفل نافذة ذلك الدار، الواقع في أقصى الجهة الغربية، من القرية الشبيهة بمثلث منفرج الزاوية، شاخصا ببصرة نحو الطريق، المودية إليها. كأنه يرصد حركة الواصل، إليها والخارج منها صامتا لا يتحرك، إلا عندما يشعل بين لحظة وأخرى، حبة سجاير من تلك العلبة، التي يشدها بين يديه ويشفطها بشراهة منقطعة النظير،لايذهب منها عن رئتيه، إلى تلك الخطوط الدخانية المتعرجة، التي تتصاعد منها أثناء توقفه عن شفطها بين شفتيه ملفتا، استغراب الناس واندهاشهم من جلوسه، المستمر وصمته الدائم فوق تلك الصخرة، لفترات طويلة دون ملل ومشفقين عليه، في ذات الوقت من تعاطيه المفرط في التدخين، أذلا يكاد يطفئ الأولى حتى يشعل الأخرى.؟!

لذلك ظل على هذا الحال ،زمن طويل لم يبرح المكان، إلى بعدان يدنو ظلام الليل، فيركض مسرعاً نحو منزله، الواقع في الجهة الشمالية من القرية ذاتها، حتى تلك المحاولات المستميتة، من بعض الأشخاص المشفقين علية، في محاولاتهم الاقتراب منه وفهم ما يدور في باله، لم تجدي فسرعان ما يعيش بعد لحظات ،من اقتراب أي شخص منه، في تفكير عميق الشي الذي يجبرهم على تركه وشانه، لأنه في ذات الوقت لم يظهر، أي سلوك عدواني تجاه أي شي يمرمن أمامه أو يقترب منه، مدة بقائه على ذلك الحال.!!

وعند غيابة ذات يوم عن مجلسة المعتاد تسائل الناس عن سر ذلك الغياب الغير معهود؟؟

فأجاب كلا منهم الاخرلعله مريض؟! لكن مع طول فترة اختفائه عن مكانه المعتاد سائلو باهتمام عن سرذلك الشاب!! فكانت الاجابه، بأنه سافر مع ابن عمه (احمد) الذي وصل قبل ثلاثة أشهر؟من ألغربه في الخليج العربي والذي تمكن، هذه المرة من إقناع والدة ،أن يصطحبه معه في سفرة لعلة يجد له علاج لحالته في مستشفياتها المتخصصة، قابلا شرط والدة الوحيد أن يصطحبهم ،إلى أول مدينة حدودية خوفا من أن يحدث ولده إشكالات ومتاعب ،ويرفض الصعود في السيارات، لكن أي شي من ذلك لم يحصل فقد ظل هادئا لايتكلم عن شي، عدا الماء والطعام حتى غادر الحدود، عندها عاد الوالد القرية مهموما، وغير مطمئن وتساوره حكايات كثيرة، منتظراً بفارغ الصبر، بين لحظة وأخرى أي أخبار تصله عن ولده الزاحف؟! من ابن شقيقة احمد ،عبر أولئك العائدين من المهجر، لكن طال انتظاره كثيرا حتى عودة الحجيج، في ذلك العام عندما وصلته رسالة ،صحبت الحاج (محمد) من (احمد) وفيها شرح كامل لما آل إليه ولده (الزاحف)، من حال أفضل إذ لم يعد كما كان صامتا، فقد تغير بعد أيام قليلة من عرضة على الأطباء، وتعاطيه الدواء بشكل منتظم، وأصبح في تحسن مضطرد، أما حالته المرضية، فقد حددها الأطباء بالتالي :-

1- إحباط نفسي حاد .

2- سوء تغذية.

3- إفراط كبير في التدخين، مما يسبب له الأرق وقلة النوم، وقلة الشهية.

4- الشعور بكراهية الغير له.

5- فقدان الثقة بنفسه.

وبوصول هذه الرسالة بداء أهلة ،يطمئنوا علية ويستبشروا خيرا بماهوفيه من تحسن، بينما الشاب أدرك هذه التغيرات، على شخصه فضل يتناول الأدوية، بانتظام يوميا ويذهب المستشفى، للفحص الدوري حسب إرشادات الأطباء، والامتناع عن التدخين تدريجيا، حتى لم تمضي خمسة أشهر، حتى تعافاء تماما فعرض عليه احمد، العودة إلى أهله لكنه رفض ذلك؟! وبداء يبني لنفسه حياة وطريق جديدة، فقد بحث له عن عمل ،فتوفق في إحدى الشركات الخاصة، بالبناء والأعمار حارس لإحدى مخازن الشركة، استطاع من خلال هذا العمل الكسب لمالي، وتحسين وضعه المعيشي، وقد ساعده عقد العمل الذي ينص على البقاء، في خدمه الشركة عامين كاملين ،ماجعله يجمع اكبر قدر من المال، ويعود من الغربة وهو يحمل في رأسه، أكثر من مشروع إضافة إلى التغيرات، التي طرأت على جميع ملامحه، فقد أصبح عوضا عن الشاب الزاحف ،الشاب الوسيم، والرث بالأنيق ،والناحل بالسمين والصامت بطليق اللسان ! امااول مشروع حققه عند عودته، زواجه من بنت الحاج (قايد) تلك الفتاة الجميلة، التي لامثيل لها في تلك القرية والقرى المجاورة، والتي تسكن ذلك المنزل الذي عرفة الناس بالجلوس الدائم، فوق تلك الصخرة الممتدة أسفل نافذته، بعدة أمتار وذلك من خلال إغراء أهلها، بالمال الكثير والهدايا الثمينة، وتلبية كلما طلبوه دون تردد بما فيها تلك الطلبات الشبه المستحيلة ؟؟!! ففاز الزاحف بما لم يفوز به غيرة من الشبان؟!

عدد القراءات : 3485
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
م/سمير الطميرة
ما اشد الشبة بين "الزاحف" والشعب اليمني لكن الفرق ان الدواء لن يكون لدي السعودية بل في قلوب شبابنا وسفوح جبالنا.
المعتمد بن عباد
هذه القصة تبدو لي أول تجربة للكاتب في العمل القصصي، وهي قصة جميلة، لكن لي بعض الملاحظات منها:ضرورة أني يتبنى النص فكرة معينة خادمة للواقع، وان يهتم الكاتب بالجانب النحوي والإملائي، أما الطرح فجميل جدا
رجل من هوازن
جميل تلك الرمزيةالتي ساقهاالكاتب،وأسأل:هل جاء الاسم من الزحف أم أن الكاتب قصد به"النحيف والهزيل"؟على العموم أعتقد أنه إن ظفر بتلك الفتاة فلن يدوم ذلك الحب،لأن المال قصير أثره وسيغني"اللي شبكنايخلصنا"
ناصرالحداد الحداد
سلمت تلك التي تكتب المعاناة التي يمر بها شبابنا اليوم ولايعرف اين يذهب وما هدفه بالحياة لذا نرى اليوم مسؤلية الشباب هي مسؤلية الجميع وتبدا من البيت والشارع ومؤسساتنا الثقافية يجب ان نرجع الى الرسول صل
محمدامين يحي
جميل ما كتب وجميل ما قرأنا...فشكرا لك