احدث الاخبار

التحقيق مع مدير مكتب صحة عدن ورئيس هيئة مستشفى الجمهورية

التحقيق مع مدير مكتب صحة عدن ورئيس هيئة مستشفى الجمهورية
اخبار السعيدة - عدن (اليمن) حنان محمد فارع         التاريخ : 13-05-2011

أصدرت محكمة صيرة الابتدائية يوم الاثنين الموافق 9/5/2011م برئاسة القاضي محمد سعيد السناني أمراً يقتضي بإحضار كل من د. الخضر ناصر لصور مدير عام مكتب الصحة بعدن و د. جمال خدابخش رئيس هيئة المستشفى الجمهورية العام النموذجي في م/عدن للتحقيق معهما شخصياً طبقاً للقانون في قضية المجني عليه سند جميل عبادي الذي وافته المنية على أثر خطأ طبي فادح ارتكب في غرفة العمليات بمستشفى الجمهورية منذ حوالي عامين وسبعة شهور، وقد ساهم المذكورين في إخفاء معالم الجريمة والتستر على الفاعلين من خلال استغلال وظيفتهما في تهريب المتهم الأول شوكت عبد السلاموف .

وهذه إعادة لتفاصيل الخطأ الطبي الذي أدى إلى وفاة سند بغرفة الموت (العمليات) بمستشفى الجمهورية ..

الجاني والضحية في مسلسل الأخطاء الطبية !!

كثرت في الآونة الأخيرة الأخطاء الطبية التي تفتك بصحة وأرواح الناس ويذهب ضحيتها عدد لا يستهان به من المرضى، وبات مسلسل الأخطاء الطبية ظاهرة عامة في المستشفيات والمراكز الصحية فلا يكاد يمر يوماً دون أن يحدث إهمال طبي يؤدي إلى خطأ قاتل ينهي حياة المريض أو يُسبب له عاهة مستديمة، ومع ذلك لا يلقى المقصرون الرادع والعقاب المناسب ولا تُتخذ ضدهم أي خطوات صارمة من وزارة الصحة العامة والسكان والقضاء في محاولة للحد من مسلسل الإهمال وعدم المبالاة والاستهتار بحياة المرضى، وكأن لا قيمة للإنسان ولا عزاء للمتضررين .

أن مهنة الطب كما عهدناها سابقاً من أنبل المهن البشرية، ومع انحراف الأطباء عن أخلاقيات والتزامات هذه المهنة والسلوك الطبي المتعارف عليه لم يبق ما يحفظ ماء وجه الطب والأطباء في بلادنا.. فمن ينفذ المواطن من عبث المشافي؟!

الضحية هذه المرة شاب في مقتبل العمر وهو سند جميل محمد حسن عبادي ( 17 سنة )... المكان مستشفى الجمهورية بعدن .. الزمان 5/سبتمبر/2008م ... والحدث هو :

 قبل حوالي عامين وسبعة أشهر دخل سند إلى غرفة العمليات بمستشفى الجمهورية م/ عدن، دون أن يعلم أنها سيدخل إلى غرفة الموت.. فقد تعرض لحادث سيارة وأصيب ببعض الإصابات غير الجسيمة، وكان يحتاج إلى إجراء عملية بسيطة في الفك، وقبل العملية أجريت له كافة الفحوصات اللازمة، وبعد أسبوعين من وقوع الحادث صلى سند العشاء ودخل ماشياً على قدميه إلى غرفة الموت ( العمليات ) واضعاً حياته أمانة بين يداي الأطباء ليخرج بعد ساعة ونصف من غرفة العمليات جثة هامدة .... ما الذي حدث لسند وكيف رحل هكذا ؟؟!!

شهود العيان الذين حضروا العملية أكدوا أن العملية في بادئ الأمر كانت تسير على ما يرام حتى قام الطبيب الجراح ( س.ج )  بتحريك أنبوب التنفس ( Tube ) من فم سند مما أدى إلى انقطاع الأكسجين عنه واختناقه.. في الوقت الذي كان سند يصارع الموت همّ بعض من الطاقم الطبي الحاضر العملية للبحث عن طبيب التخدير ( شوكت عبد السلاموف ) الذي لم يكن متواجداً في غرفة العمليات آنذاك، ولم يتم العثور عليه إلا بعد أن رحلت روح سند إلى بارئها بينما الأطباء منهمكون في الشجار والجدال متناسيين مسؤوليتهم الكبرى في إنقاذ حياة سند !!

في اليوم التالي لوفاة سند تشكلت لجنة فنية للبحث في قضية الوفاة، والمدهش أن اللجنة خرجت بقرارات هزيلة لا تشفي غليل العائلة التي نكبت بفقدان فلذة كبدها .. فقد قررت اللجنة الطبية - بمنأى عن المجلس الطبي وهو الجهة المختصة للبث في مثل هذه القضايا–  توقيف الطبيب الجراح عن إجراء العمليات بمستشفى الجمهورية لمدة شهرين فقط، والقرار الآخر يقضي بخصم شهر من راتب الطبيب المخدر المسؤول مسؤولة مباشرة عن الإهمال وترحيله إلى الجهات الروسية المختصة .. وبغمضة عين وبغضون يومين أرادت المستشفى إنهاء قضية الشاب سند جميل كي تسير الأمور على هواها! ولكن هذا التقرير بحد ذاته اعتراف من المستشفى بتحمل مسؤولة وفاة سند ووجود تقصير واضح وإهمال رغم أن العقوبات لا ترتقي إلى مستوى الحدث.

القضية صارت اليوم في ساحة القضاء أمام محكمة صيرة الابتدائية .. وللمزيد من الإيضاحات التقيت بوالد الشاب المجني عليه والمحامي الذي يتولى القضية ضمن منظمة ائتلاف الشباب للدفاع عن حقوق الإنسان:

بالكثير من الحزن والأسى يسرد جميل عبادي ( والد المجني عليه ) معاناته:  كان ابني في غرفة العمليات بين الحياة والموت بينما أنا أتنقل من صيدلية إلى أخرى لجلب طلبات الأطباء من الأدوية، والمؤلم جداً أنه بعد إخراج سند من غرفة العمليات لم يخبروني فوراً بوفاته وتم نقله إلى الإنعاش وهو جثة هامدة ... لقد كانوا يمثلون علينا أنه حي يرزق ..

ويواصل حديثه معلناً غضبه من تصرف المستشفى في التستر على الجاني وتهريبه إلى خارج اليمن، لقد تسلمت جثة سند في اليوم التالي لوفاته وهذا دليل على أن هناك نيّة مبيّتة في التستر على الجريمة وتمييع القضية لقد أصحبنا اليوم تائهين بين القضاء والصحة.. مات ابني بسبب الإهمال والتقصير، وللعلم أن الأجهزة في المستشفى قد عفى عنها الزمن وغير صالحة للاستخدام وهذا استهتار أخر بحياة المرضى .. لا أريد أكثر من تحقيق العدالة وينال الجناة جزاءهم .

أما الناشط الحقوقي ومحامي المجني عليه ( فواز عبد الرحمن العويضاني ) فقد أوضح قائلاً : ما قامت به مستشفى الجمهورية يعد مخالفة للقوانين، كان على مدير المستشفى حينما علم بوجود شبه جنائية في وفاة المجني عليه ( سند جميل عبادي ) إبلاغ الجهات المعنية ( النيابة العامة، وإدارة البحث) للتحقيق في الجريمة، وحتى تشكيل اللجنة الفنية الطبية للكشف عن ملابسات وأسباب الوفاة لا تحمل أي مسوغ قانوني، والأدهى هو سرعة إخفاء الطبيب الأجنبي وإرساله إلى الجهات الروسية المختصة واستبداله بآخرين.. استغرب كثيراً مثل هذا التصرف غير الواعي ؟!!

ويستطرد العويضاني قائلاً: أن هناك درزينة من المحامين الشرفاء الذين سيتصدون للفساد في القطاع الصحي وسيتم ملاحقة المذنبين قضائياً ومنهم الطبيب الروسي الفار عبر البوليس الدولي "الانتربول" فليس من السهل العبث هكذا بحياة الناس دون عقاب وردع، وقد طالبنا بضرورة مثول مدير مستشفى الجمهورية ومدير عام الصحة م/ عدن أمام النيابة المختصة للتحقيق معهما..

وأختتم حديثه مضيفاً : عندما تصبح المنشأة الصحية خطراً على المواطنين .. فمن الأفضل إغلاقها، نعم يجب إغلاقها فوراً .

مع الإيمان أن الموت قضاء وقدر.. لا يمكن اعتبار الأخطاء الطبية المتعمدة مجرد حوادث عابرة فالتهاون يجعل المآسي تتكرر ويتزايد عدد الضحايا ... فهل من حد للأخطاء الطبية الفادحة؟

عدد القراءات : 6507
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات