احدث الاخبار

الإهمال يضرب قرى قنا

 الإهمال يضرب قرى قنا
اخبار السعيدة - تحقيق - عبدالرحمن أبوالحمد         التاريخ : 11-05-2011

تعانى مئات القرى بمحافظة قنا من الإهمال الصارخ نتيجة اهتمام المسئولين بتنمية المدن على حساب تلك القرى ، واليوم تقدم " المساء " نموذجين لقريتين تزداد معاناة سكانها فى كل يوم مع زيادة حجم الإهمال ، حتى تحولت تلك القرى إلى بؤر للفقر المدقع الذى صاحبته الأمراض الفتاكة التى لا تبقى ولا تذر .

النموذج الأول لقرية الأوسط قمولا  التابعة لمركز ومدينة نقادة وتقع على بعد 40 كم جنوب محافظة قنا . ويبلغ تعدادها السكانى نحو 19 ألف نسمة . بينما تشكل الزراعة مصدر الرزق الوحيد بالنسبة للعديد من أبناء القرية التى يتبعها عدة عزب وقرى أخرى تابعة ، ومع مرور كل يوم نجد حجم الإهمال داخل تلك القرية يزداد فى ظل تقاعس المجلس القروى للبحرى قمولا والوحدة المحلية لمركز نقادة عن تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين ، حتى أصبحت القرية تعانى من حرمان تام في كافة الخدمات الأساسية رغم أنها من كبريات قرى مركز نقادة .. فالأهالى يصرخون بعدما تثاقلت عليهم الهموم حتى أصبحت عيونهم تذرف بالعبرات من شدة المعاناة وحياة البؤس التى يحيونها على مرأى ومسمع من المسئولين الذين يكتفون بإطلاق التصريحات الروتينية .

  تجولت " المساء " داخل القرية وعايشت المواطنين همومهم التى نرصدها في السطور التالية دون مبالغة أو تهويل وبعيدا عن وضع الرتوش الزائفة.

في البداية يقول سراج محمد أحمد _ أن القرية تعاني من عدة مشاكل أبرزها تكدس التلاميذ بالفصول حيث تصل الكثافة إلي 60 تلميذا داخل الفصل مما يؤثر بالسلب علي العملية التعليمية ويحرم الطلاب من التفاعل مع المدرس نظرًا لزيادة عددهم ومحدودية وقت الحصة. كما يوجد بنجع القرية مدرسة " نجع القرية الابتدائية الحديثة " وتعمل بنظام الفترتين بعد اقتسام طلاب كل صف إلى مجموعتين بسبب ضيق مساحتها ، فهى عبارة عن طابق واحد ومقامة بالطوب اللبن منذ عام 1961 حتى تهالكت وأصبحت آيلة للسقوط خاصة بعد أن امتلأت جدرانها بالشقوق والفواصل مما يجعل خطورة انهيارها محتملا في أى وقت مما يهدد حياة التلاميذ بالخطر ورغم أنها مؤجرة فقد قامت مالكة الأرض المقام عليها المبنى بالتبرع بها لصالح هيئة الأبنية التعليمية منذ 4 سنوات لم تتحرك الهيئة خلالها لاتخاذ أى خطوة نحو الإحلال والتجديد . وكذلك هناك مدرسة أخرى للتعليم الإعدادي بنجع بشلاو والتى تعانى من مشكلة التكدس الطلابى وبحاجة إلى بناء أدوار أخرى ، كما تحتاج القرية إلى إنشاء مدرسة للتعليم الثانوى العام لخدمة أبناء قرى الأوسط والبحرى قمولا وغيرها من القرى المجاورة .

ويوضح عبدالناصر عبادي قائلا أن الظلام الدامس يعم القرية ومداخلها الرئيسية وكلما تقدمنا بالشكوى للمجلس المحلى لقرية البحرى قمولا لا نجد سوى وعودا زائفة ، هذا إلى جانب أن أسلاك الكهرباء قديمة ومتهالكة ولم يتم تغييرها منذ دخول الكهرباء إلى القرية في 1982 مما يؤدي إلي تساقطها المتكرر واندلاع الحرائق وانقطاع التيار بشكل متكرر مما يتسبب في تلف الأجهزة الكهربائية بالمنازل. كذلك توجد بالقرية العديد من المحولات ذات الجهد المنخفض التى تحتاج إلى تغيير وزيادة الجهد لتلبى حاجة المشتركين ولمواجهة الأحمال الزائدة .

ويقول أحمد فكرى – أن الوحدة الصحية الموجودة بالقرية ينقصها العديد من الإمكانيات والتخصصات الطبية ، مشيرا إلى أنها تخدم نحو 30 ألف نسمة ولا يوجد بها سوى طبيب واحد ممارس عام ، مطالبا بتحويلها إلى مستشفى قروى لمواجهة الأمراض التى تنتشر فى القرى ، ويعجز المواطنون عن مواجهتها بسبب المعيشة البائسة التى المتكررة دائما نتيجة الفقر الذى تعانى منه 60 % من الأسر . ويطالب بتدخل المسئولين لرفع أكوام القمامة التى تحتل مداخل القرى وتتجمع عليها الحشرات التى تنقل الأمراض .

ويقول محمد الطيب - نحن المنتفعين من الأرض الزراعية على ترعة دنفيق الشرقية الكيلو3100 ، نعيش في خراب دائم بسبب عدم وصول المياه إلينا إلا بعد موعدها المحدد بيومين على الأقل وبصعوبة بالغة بسبب حالة المصرف الذى تمر فيه المياه ، والتى تمتلئ بجذوع النخيل والأشجار وكذلك جيف الحيوانات النافقة وغيرها من العوائق الأمر الذى أصبح يهدد زراعاتنا في مقتل  ، مشيرا إلى قيام أصحاب المنفعة الشخصية ببناء حائط أشبه بالجدار العازل داخل الترعة البحرية بنجع القرية والتى تغذى أكثر من 80 فدانا ، وان هذا الجدار بنى داخل قاع المسقى بكامله دون الحصول على تصريح أو موافقة الإدارة العامة لرى قنا مما أدى إلى إعاقة سير المياه بها ، مما يستدعى إعادة تطهير المسقى . ورغم التقدم بالشكوى لإدارة الري بنقادة ومديرية الرى بقنا إلا أن الأمر لا يزال كما هو رغم مرور سنوات على ذلك ولا ندرى لمصلحة من تركوهم يفعلون ذلك وهم على علم بأن أراضينا معرضة للبوار ومحاصيلنا فى طريقها للهلاك وأسرنا على وشك التشرد والضياع ، وليقولوا لنا من أن نعيش وهم يحاولون سد باب رزقنا الوحيد.    ويطالب بتغطية ترعة فم صوص من الوحدة الصحية وحتى كوبرى الكوم الأحمر بنجع بشلاو بمساحة 800 متر لان هذه الترعة تتوسط كتلة سكنية من الجانبين وتعرض حياة الأطفال للخطر والإصابة بالأمراض الوبائية .

ويطالب – شكرى أفكار عبدالحاكم – برصف طريق دنفيق – الأوسط قمولا بعد أن ساءت حالته نتيجة إدخال بعض المرافق حتى تحول الطريق إلى حفر ومطبات يجعلك تقضى ضعف الوقت لقطع المسافة ، وكذا رصف طريق " الملاح " من قرية صوص وحتى الوحدة الصحية لقرية الأوسط قمولا ، كما يطالب بتنفيذ مشروع الصرف الصحى بالقرية خاصة حفاظا على المنازل من الانهيار بسبب المياه الجوفية والنشع الذى تتعرض له جدران المنازل .

النموذج الثانى الذى تقدم " المساء" لقرية الخوى العربى التى تقع على بعد 10 كم عن مركز الوقف وعلى الحدود الفاصلة بين مركزى نجع حمادى والوقف وهى واحدة من أكثر القرى عرضة للأخطار الطبيعية أبرزها السيول وذلك يتضح من اسمها لان كلمة " الخوى " تطلق على المكان المنخفض الذى تكون بفعل هبوط السيول ، فتلك القرية لا يفصل بينها وبين جبل عزبة علام سوى عدة أمتار،  لذا تم تصنيفها من الناحية الطبيعية على أنها شديدة الخطورة ، ومن الناحية البشرية فهى تكاد تكون منعدمة من ابسط مقومات الحياة الضرورية والأساسية ، حتى أصبح السكان يشعرون أنهم فى عصر الجاهلية بعد أن أصبحت قريتهم التى لا يسمع عنها إلا القليلون فى طى النسيان . وهى القرية الواقعة فى أحضان الجبال التى يتعرض سكانها لأبشع أنواع التعاملات المهدرة للكرامة بدءا من ترك العقارب والحيات تنهش فى أجسادهم دون تحرك أو مواجهة .

أهالي القرية قالوا لــ " المساء " أن المكان الذى يعيشون بداخله لا يتحمل الزاهد أو العابد الإقامة به وأشارت " سكرانة . س " 53 عاما إلى أن الاهالى ينتظرون الموت فى اى لحظة وذلك لأنهم يعيشون على " لمبة الغاز "  بسبب عدم وصول التيار الكهربائى للقرية لرفض المسئولين ذلك بحجة أثرية المكان ودخوله فى حيز المناطق الأثرية ، كما أننا نعيش فى مساكن بسيطة وعشوائية مسقوفة بالقش مما يجعلها عرضة لاندلاع الحرائق والقضاء على كل ما يمتلكون من حطام تؤويهم من العراء فى الشارع .

ويؤكد سعد محمود - عامل أجرى - أن مرض الربو ينتشر بصورة كبيرة بين أبناء القرية بسبب الاعتماد الكامل على غاز الكيروسين فى الإضاءة ونتيجة عدم وجود وحدة صحية تزداد الأمراض التى لا تجد غنيمة خصبة سوى أبناء الخوى العربى . خاصة وأننا نشرب مياه مالحة 100 %  بسبب الاعتماد على طلمبة مياه واحدة  فقط بعد رفض المسئولين توصيل المياه للقرية ، فأصبحنا عرضة للإصابة بالفشل الكلوى ، ومن أبرز أشكال التعامل معنا على أننا لسنا بشر إجبارنا على عدم إنشاء دورات مياه لعدم تعريض المنطقة الأثرية للخطر فنضطر لقضاء الحاجة وسط الجبال .

ويشكو من تجاهل المسئولين لهم وتعنت موظفى الادرات الحكومية بمركزى الوقف ونجع حمادى ورفضهم إنهاء الخدمات بعد رفض المركزين الاعتراف بتبعية القرية . كما يشير إلى ارتفاع نسبة الأمية بالقرية فى ظل عدم وجود مدارس تخدم أبناء القرية .

ويصرخ اهالى تلك القرية المغلوبة على أمرها من انتشار الذئاب والكلاب الضالة خاصة وان الحكومة ترفض توصيل الخدمات والمرافق للقرية أو أن تقوم بمنحهم مساكن بديلة . وأكدوا لــ " المساء " انه تم فى عام 1993 تخصيص 10 أفدنة فى الجبل لبناء قرية نموذجية لاهالى الخوى العربى على أن تشمل كافة المرافق التى  تكفل لهم حياة كريمة ، إلا أن شيئا من هذا لم يتحقق رغم مرور 18 عاما على التخصيص .

* نقلا عن جريدة " المساء " فى عددها الصادر يوم الجمعة 6 / 5 / 2011

عدد القراءات : 11195
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
محمد احمد
هو ده الكلام ياعبده تحرك كمان وكمان
sandra
موفق أبوزكير انا عايزة نسخة من عدد المساء ممكن ؟
عزغريب حامد
الاستاذ/عبدالرحمن زكير-وفقك الله شكرا لمجهودكم لخدمة بلدتنا الحبيبة وفقكم الله