احدث الاخبار

سنة سوداء لطلاب الداخل والخارج

سنة سوداء لطلاب الداخل والخارج
اخبار السعيدة - كتب - محمد حسين النظاري*         التاريخ : 03-05-2011

• من يعتقد أن الطلاب في مختلف المراحل الدراسية بمنأى عن ما يحدث في الوطن من أزمة سياسية ,جعلت عقارب الساعة تتوقف عند كل شيئ ايجابي , ولا تدور عقاربها إلا في نقل الأخبار المزعجة , والمحملة بقُتلَ واُحرقَ وهُدمَ , حتى أضحت أيامنا وليالينا لا تمر فيها ساعة إلا ونسمع ما يحرق القلب ويدمع العين ويزيد الحسرة.

• هذا هو بالطبع حال جميع اليمنيين بلا استثناء , ولكنه بالتحديد حال أكثر من خمسة ملايين تلميذ وتلميذة في المراحل الدراسية من أولى ابتدائي وحتى ثالثة ثانوي , والى جوارهم عشرات الآلاف من طلاب الجامعات والمعاهد على اختلاف ربوع الوطن , ومع هؤلاء طلاب اليمن في المهجر وهم بالآلاف فيما يقارب الأربعين دولة على اختلاف أصقاع الدنيا .

• وان تباعدت المسافات واختلفت أوقات الزمن إلا أن ما وحد طلاب الداخل والخارج في هذه السنة التي هي سنة سوداء عليهم جميعا من أولى ابتدائي إلى آخر مراحل الدكتوراه , فالجميع لا هم له إلا ما يحدث في الوطن , وتركيزهم ينحصر فيما تبثه وتتناقله الفضائيات , ونهارهم اسود كليلهم , من جراء ما يجري بين المتنازعين سياسيا داخل يمننا الحبيب .

• لي تواصل دائم مع طلاب في تونس ومصر والصين وماليزيا وروسيا وكندا والمغرب , وكثيرا ما نتواصل سويا لنتبادل الأخبار , مع أن تلك الأخبار لا تسر حبيبا أو عدو ولكن هذا هو حال أبناء البلد الواحد وان تباعدت بينهم المسافات , والنتيجة أن الكل يشكي بان الوضع الدراسي له ولأبنائه في وضع سيئ , لان الانتباه هو لما يحدث هناك في الساحات ,وللحقيقة انه كلم يريد احدنا يفتح كتابا ليقرأه إلا ويجد بين سطوره دماء تسيل , وحرائق تستعر , وأحاديث لسياسيين في الفضائيات يوجعون القلب .

• كيف لا تكون سنة سوداء على طلابنا في الداخل وهم ممنوعون من الذهاب للمدارس تحت مبررات الترهيب والترغيب , وان ذهبوا فسيجدونها خاوية على عروشها , فالمعلمون فضّلوا الشوارع على الفصول , وأقحموا السياسة في التعليم و والغوا من أذهانهم واهتماماتهم شيئ اسمه طالب .

• الشيء ذاته ينطبق على الجامعات , فأبوابها مغلقة , وطلابها أضحوا يفتشون أساتذتهم , ويسائلونهم بدل أن كانوا يجيبون على أسئلتهم , وأساتذة نذروا أنفسهم للمكوث خارج أسوار الجامعة , وأصبحوا خاضعين حتى لمن لا يقرأ أو يكتب , مع أن الثورة الحقيقية في تعليم هؤلاء , لنمحو الأمية لا لان نزيد الجهل بإقفالنا لبوابات التعليم .

• أما طلاب الخارج فأجسادهم هناك أما أرواحهم فهي في كل منطقة يمنية ينحدر منها أي طالب , فهذا مشغول على أمه وأبيه , وآخر على زوجته وأطفاله , وغيره على أهله وأصدقائه , الكل منشغل باله , لا يسلوا وان بادل الآخرين الابتسامة , فهي تخفي الحزن لما يجري والخوف لمصير مجهول , حتى أن الأساتذة أصبحوا يراعون الحالة النفسية التي يمر بها طلاب اليمن في المهجر , وقد تملك الخوف جميع الطلاب من أن لا تصل منحتهم في أوقاتها المعتادة تحت ذريعة الأوضاع في الداخل , ولكن حرص وزارة التعليم العالي والجامعات كان في المستوى , وهو ما لاقى ارتياحا كبيرا لدى الطلاب.

• ما يحدث في الداخل من انقسامات بين شباب الوطن , تتكرر مشاهده في الخارج فهذا معَّ وذاك ضد , هؤلاء يخرجون مؤيدين للشرعية الدستورية وأولئك مع شباب التغيير , حتى أن الحزبية المقيتة التي ابتلينا بنتائجها السلبية في الداخل , أنتجت إفرازاتها الاسوء في الخارج , فهذا مع المؤتمر وذلك مع المشترك , آخر مع الاتحاد , وكل منهم يرمي الآخر باتهامات شتى , مع أن الحزبية من وجهة نظري الخاصة يجب أن نتركها قبل أن نصعد سلم الطائرة , فنحن في الخارج طلاب علم , أما الأحزاب والمتحزبون فمكانهم في الداخل فقط .

• إن الكيانات الحزبية والانتماءات لطرف ضد آخر في طلاب الخارج ينبغي أن لا تكون موجودة على الإطلاق , فالجميع ينبغي أن يكونوا متساويين في الحقوق والواجبات , يجمعهم عامل مشترك ألا وهو الحصول على الشاهدة العلمية والعودة لخدمة الوطن , أما من يشتغلون في العمل الحزبي من الطلاب , فبعضهم إن لم نقل أكثرهم يدعون دراستهم جانبا ويتفرغون للمكايدات فقط , وان جعلوا ذلك تحت مسمى اتحادات طلابية.

• رسالة نوجهها للأساتذة والمعلمين وللطلاب والتلاميذ وبينهم جميعا نون النسوة , نحن لا نمنعكم حقكم في التعبير والاعتصام , ولكن كيف ننهى عن فساد يقودنا إلى فساد اشد , تستطيعون أن تعتصموا بعد أن تنهوا واجباتكم التعليمية , فمن يدرس بعد الظهر يعتصم صباحا ,ومن يدرس صباحا يعتصم ظهرا , ثم فلتشتركوا إن شئتم سويا في الاعتصام ليلا , فالاعتصام هو تعبير سلمي لرسالة تودون إيصالها , وقد وصلت ورغباتكم في التغيير ستتم وفق اطر دستورية ومن دون إخلال بالأمن ومصادرة للحقوق .

• احتفلنا قبل أيام بعيد العلم والمعلم ,وهذه الأيام بعيد العمال , فهل أعطينا هذه المهن النبيلة حقها , هل أدينا واجبها ونحن منقطعون عن التعليم لأكثر من نصف العام , إذا كان المفسدون يأخذون ثروتنا بالحرام , فهل نشترك معهم بأخذ الرواتب من دون أن نعمل , لنشترك معهم في الفساد الذي نحاربه, ونساهم في إلغاء سنة دراسية من قاموس طلابنا .

• وزارة التربية والتعليم أعلنت عن مواعيد الامتحانات النهائية , ولست اعلم على أي مقياس سيتم التعامل مع التلاميذ , فهناك محافظات لم يدرس فيها التلاميذ شيئا , وكيف سيتم مساواتهم مع الآخرين و خصوصا في الشهادات , المسألة تحتاج إلى اعتراف جدي من وزارة التربية والتعليم بان هذا العام ذهب سُدى ,وبالتالي ينبغي البحث عن معالجة لهذا الخلل , وعلينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمل حين ننادي بامتحانات نهائية , وكأنها سنة عادية كبقية السنوات , كيف تكون عادية وشطر التلاميذ لم يتعلموا شيئا والشطر الآخر في حالة نفسية لا تسمح له بأن يفقه ما تعلم إن كان قد تعلم فعلا , وأخيرا نقول أن ذنب هؤلاء التلاميذ في رقاب من يمتنعون عن التعليم تحت أي مسميات كانت, وفي رقبة الحكومة التي عجزت عن تطبيق القانون ضدهم .

*باحث دكتوراه بالجزائر

mnadhary@yahoo.com

عدد القراءات : 3918
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات