احدث الاخبار

السيناريو المحتمل للإصلاح السياسي في اليمن

السيناريو المحتمل للإصلاح السياسي في اليمن
اخبار السعيدة - كتب - فؤاد النهاري         التاريخ : 12-04-2011

يوما بعد يوم يتأزم المشهد السياسي اليمني، في ظل استمرار ضغط ثورة الشباب الشعبية التي عمت معظم مناطق اليمن، التي تحمل شعار "رحيل النظام". في المقابل لا زال هذا النظام يراوح مكانه من خلال اللعب على أوراق نعتقد أن الزمن قد تجاوزها، وأنها قد تعجل بنهاية مهينة..

وبغض النظر عن القول الذي يذهب إلى أن لليمن خصوصيتها، ويقلل من فرص نجاح ثورة الشباب الهادفة إلى تغيير سلمي وفعلي، إلا أن الواقع يشير وبقوة إلى إحداث إصلاح سياسي جذري.

الاستبداد

يتهم بعض السياسيين من فصيل الحاكم، المعتصمين بساحات الاحتجاج المختلفة بـ"تقليد" ما جرى في تونس ومصر، وهذه التهمة مردودة على أصحابها، أو على الأقل غير منطقية. ومن يقرأ التاريخ يستنتج أن الثورات الشعبية تتابع عند وجود قضية وعندما ينتفض شعب وتتحقق هدفه فان الشعوب الأخرى المظلومة تنتفض مباشرة، لأن حاجز الخوف من الحكام المستبدون ينكسر.. وبالتالي فإن الثورات تنتج ثورات مماثلة.

وفي حالتنا اليمنية، نعم كانت ثورة شباب مصر وتونس ملهمة لشباب اليمن، فيما كان الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي أكثر سوءا من مصر وتونس، وينضح بصور شوهت الحياة العامة بكل تفاصيلها، فسادا واستبدادا وتسلطا.

يقول الكاتب الفرنسي مونتسكيو في كتابه (روح القوانين): "إذا اجتمعت السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية في يد شخص واحد، أو تركزت في هيئة واحدة فستنتهي الحرية". ويضيف:"أن الحرية السياسية لا يمكن أن توجد إلا في ظل حكومات معتدلة غير أنها لا توجد دائما. إذ أنها لا تتحقق إلا عند عدم إساءة استعمال السلطة، ولكن التجربة الأبدية أثبتت أن كل إنسان يتمتع بسلطة، لا بد أن يسيء استعمالها إلى أن يجد الحدود التي توقفه، وليس من الغريب لكنها الحقيقة القول أن الفضيلة ذاتها في حاجة إلى حدود، ولكي لا يمكن إساءة استعمال السلطة فانه يجب أن يكون الأساس أن السلطة توقف السلطة". وكأنه يتحدث عن الحالة اليمنية.

 ملامح الإصلاح المنشود

يكاد يتفق اليمنيون أن سبيل الفساد بلغ الزبى، وان إساءة استعمال السلطة وصل إلى حد إلى يطاق، وأصبح جميع رموز النظام -بفضل إساءة استعمال السلطة- تجارا ورجال أعمال ومقاولون..

ونتج عن ممارستهم للتجارة والسلطة إفسادا للحياة العامة والقيم الناس وهو ما يؤكده القول المأثور "إذا اجتمعت التجارة والسياسة فقد فسدت الحياة".

في ذات السياق لا يختلف اثنان -سلطة ومعارضة- على ضرورة الإصلاح السياسي الشامل، وكل فريق يجتهد ويقدم رؤيته للإصلاحات المنشودة أحزابا ومنظمات وأشخاص..

بطبيعة الحال هناك تباين في الرؤى ووجهات النظر لكنها تكاد تتطابق في الأصول وفي تشخيصها لمكامن الاختلالات..

وفي غمرة الاحتجاجات التي تسيطر على جميع مناطق اليمن المطالبة بالتغيير ورحيل النظام يجب أن يبدأ الشباب الثائر في التفكير الجاد في مستقبل ثورتهم ليؤسسوا مستقبلا آمنا وزاهرا لبلدهم وأبناء شعبهم...

ومن خلال مراجعة الأدبيات السياسية والبرامج الحزبية والمتطلبات الملحة لتحقيق المواطنة المتساوية والعدالة في توزيع الثروة والسلطة والتنمية والتوازن السياسي والاجتماعي والاقتصادي، يحتاج شعبنا إلى:

• تحديد نظام الحكم، رئاسي أم برلماني.

• تحديد نظام الدولة، مركزية أو لا مركزية.

• اعتماد نظام الانتخابات بالقائمة النسبية.

• الأخذ بنظام المجلسين التشريعين.

• حيادية الخدمة المدنية والإعلام والقضاء والمالية والجيش والأمن.

ما سبق خطوط عريضة لأي إصلاح سياسي منشود يجمع عليها علماء السياسة وتبني عليها الدول الديمقراطية المتقدمة في العالم سياساتها.

إن أسباب الاستبداد السياسي والتدهور الاقتصادي والفساد الإداري والفشل الأمني وضعف هيبة الدولة وفساد منظومة القيم الوطنية، تعود بالكلية إلى إساءة استخدام الحاكم لسلطاته، نظرا لتعمده عدم الفصل بين السلطات، واستخدام أدوات ومؤسسات الدولة كلها لصالحه، في ظل عدم وضوح الهيكل الإداري للدولة. ولذلك اعتبرنا تلك الخطوط مفاتيح أساسية للإصلاح في بلدنا، فنظام الحكم مثلا غير واضح هل هو رئاسي أم برلماني، ونظام الدولة متأرجح ما بين المركزية واللامركزية، أما عن النظام الانتخابي فالمعمول به هو النظام الفردي الذي لا ينتج إلا الحاكم وحده، في حين يسخر الخدمة المدنية والمالية للترضيات وكسب الولاءات، فيما يستخدم الإعلام لتلميع صورته والتسبيح بمنجزاته، أما الجيش والأمن فهو جاهز لضرب معارضيه أو من يحلم بدولة مدنية حديثة، أما القضاء فلا زال حتى الآن غير مستقلا ولا مهابا ولا نافذة أحكامه.

إن المنحى الطبيعي أن تكون مؤسسات الدولة الرئيسية (الخدمة المدنية، القضاء، الإعلام، المالية، الجيش والأمن) غير تابعة للحزب الحاكم أيا كان، وتخضع هذه المؤسسات لإدارة وإشراف ورقابة مجلس النواب، الذي سيأتي عن طريق الانتخابات بالنظام النسبي، وهو ما سيحقق قدرا مناسبا من التوازن والشفافية وتكافؤ الفرص وعدالة توزيع الثروة والسلطة، وسيتيح مجالا للتنافس الشريف.

 خارطة طريق

كيف يمكن أن نحقق انتقالا سلميا وسلسلا للسلطة، إذا ما نجحت الثورة؟ سؤال يلوكه الكثير من الناس.. ويعتقد البعض أن اليمن ستدخل في دوامة الصراع على السلطة.. لكن بالتأكيد فان طبيعة الثورة السلمية سوف تقود إلى توافقا وطنيا لا يستثني ولا يهمش أحدا..

في الأفق المنتظر يتوقع تشكيل هيئة توافقية من الشباب الثائرين ومن النخب السياسية النزيهة المستقلة ومن التكوينات السياسية والاجتماعية، تكون مهمتها تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية من ذوي الكفاءات والقدرات المشهود لها بالنزاهة، لتسيير وتصريف أعمال الدولة خلال الفترة الانتقالية، في ذات الوقت يكون من مهام الهيئة إعداد مشروع دستور جديد ومشاريع قوانين وأنظمة كثيرة، تستوعب هذه الإصلاحات وتلبي رغبات وتطلعات الشعب، وبعد التوافق الوطني تطرح لاستفتاء شعبي تديره الحكومة الانتقالية التي سيكون من مهامها أيضا إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية.

حرف مسار الثورة

يراهن البعض على مسالة حرف مسر الثورة عن هدفها، ويضع جملة تكهنات أبرزها سحب البساط من تحت أقدام الشباب من قبل الأحزاب السياسية، ما قد يؤدي إلى ردة فعل عكسية من الشباب. في ذات الاتجاه يبرز مسألة "هوس الزعامات" لدى محبي الأضواء والشهرة الراغبين في الظهور كأبطال وقواد للثورة، وهو ما قد يزرع الشقاق والفرقة، ولنا في ثورة شباب مصر نموذجا رائعا التي لم يظهر خلالها أي شخص يدعي قيادته للثورة الشبابية، وإنما جزء من الثورة، وهو ما ساعد على نجاح الثورة.

مسألتان حساستان يجب أن يتنبه لها الثوار المرابطون في ساحات التغيير، حتى نضمن وحدة الهدف والصف والروح الوطنية التي تسود.

إن المرحلة خطيرة وتشكل منعطف هام في تاريخ اليمن السياسي، الأمر الذي يعني ضرورة التعامل السياسي الراقي والتنازل عن الأهواء والأنانية وحب الذات. وتستدعي من شباب التغيير إدارة عجلة الثورة بحكمة وصبر وهمة عالية ووعي سياسي كبير..

* نقلا عن (الناس) بالاتفاق مع الكاتب

Fannahari@gmail.com

عدد القراءات : 4064
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
freedom voice
نتمنى ان تصل الثورة الشبابية الى هدفها بس انا متخوفة من وصول الاحزاب الى هدفهم قبل الشباب ويبداء الصراع على الحكم ويبداء الفساد والسبب هو أنضمام بعض الفاسدين الى الثورة وللاسف قام الشباب بتترحيب بهم