احدث الاخبار

"ذكريات مسنة" قصة قصيرة

اخبار السعيدة - عدن (اليمن) - سماح رياض         التاريخ : 11-04-2011

عندما كنت في سن الشباب، كان الأولاد يغازلوني، ويبعثون لي باقات الزهور الحمراء والبيضاء ،فقد كنت مدرسته، لمادة اللغة العربية، كنت أعلمهم كتابة الأحرف بتشكيل والنطق بطريقة صحيحة، وما ان مرت السنين حتى كبرت وصرت في مرحلة التقاعد لا انكر بأنني اشتقت الى المدرسة، والتدريس ،بعد ان أنجبت أربعة أولاد وابنه تزوج أولادي وأنجبوا لي أحفاد عدة هم بحاجة إلي بعد أن يذهب الجميع من أولادي للعمل يتركون لي اولادهم لكي اعلمهم كما كانت وضيفتي ولكي لا يشعروني بالفراغ، وليملئوا علي حياة التقاعد..

مرت السنوات، كبر أولادي وأحفادي فأصبحوا كثر ،فابنتي الكبرى جاء لزوجها عمل في الخارج وقررت السفر معه ،ودعتها وأنا ابكي وبعد ان سافرت بشهور قليلة، سافر ولدي الأصغر ليكمل دراسته أيضا، فتوفي زوجي بعد سفره وصار أولادي يتناوبون للمجيء إلى بيتي(بيت الأسرة)،ولكنهم تعبوا من المجيء إلي كل يوم لكون منازلهم قريبة من عملهم، فطلبوا مني العيش معهم ولكني رفضت، فلا اريد ان أعيش الا في بيت زوجي إلى ان أموت..، حتى ملل أولادي من طلبهم لي بالعيش معهم وعجزوا عن إقناعي وكانوا يزوروني كل اسبوع، وكنت أزورهم متى استطاعت قدماي السير، فعرض على احد أولادي ان اسكن في منزله واعتني بأولاده مع زوجته ،وألح بطلبه علي فلم أرد طلبه ،وذهبت لمنزله ولكنني لم أذق طعم للراحة كان ولدي يغيب لشهر ثم يعود بحكم عمله ،ولكن زوجته كانت امرأة مدللة ومستهترة ،لذلك لم اتفق معها ،فعدت لمنزلي الذي أغلقته وفتحته مجددا، حاول ولدي ان يقنعني بالعودة إلى منزله لكني رفضت دون ان اخبره بما حدث من زوجته، مرت الأعوام حتى تعبت من السكون الذي يعتريني وقد اشتقت لأولادي ، وفي احد الأيام استيقظت وقد أحسست في جسدي نشاطا غير عادي فأردت ترتيب المنزل ولكنني وقعت على الأرض فانكسرت ساقي ولم ينقذني سوى جيراني اللذين يحبوني كثيرا، ولكنني بخير الآن غير إني اجلس على كرسي لانتظر الممرضة لكي تحظر لي الطعام فلم يبقى إلا شهر واحد ويعود ولدي الأصغر الذي سافر للدراسة بعد ان أكمل دراسته بنجاح ليأخذني من دار المسنين.....

عدد القراءات : 3232
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
صادق الفقية
طريقة السرد جميلة جدا ولكنهاابتدات بالمغازلة والورود البيضاء لتنتعي تدريجيابمأساه كان لها اثر شديد في نفسي (ليست ممتعة بل انها كئيبة) العنوان مناسب جدا للقصة...شكرا
أبو رغد محمد الناصري
تحية خاصة للكاتبة المتميزة سماح رياض و مشكورة جدا على هذه القصة التي تعيد للأذهان ضرورة عدم إهمال الأمهات و الآباء و خاصة عند كبرهم في السن .. سلمت يداك و دمت فخرا لليمن يا حفيدة بلقيس ..